ممارسة الرياضة ليست مجرد وسيلة لتحسين اللياقة البدنية أو لفقدان الوزن الزائد، بل هي أيضاً أداة فعّالة لتعزيز الصحة النفسية.
وتأكيداً لذلك، يقول الدكتور جون ريتشارد، أستاذ علم النفس الرياضي في جامعة هارفارد: «النشاط البدني يحفز إفراز مواد كيميائية في الدماغ تعزز الشعور بالسعادة وتقليل التوتر» وفقاً لما نقلته عنه مجلة «جورنال أوف كلينيكال سايكولوجي».
ويمكن أن تكون الرياضة ملاذاً للهروب من الإصابة بالقلق والاكتئاب وضغوطات الحياة اليومية، حيث يقول الكاتب الفرنسي ألبير كامو، إن الرياضة البدنية ليست مجرد نشاط جسدي، بل هي أيضاً وسيلة لتحقيق السلام الداخلي والانسجام الوجداني.
تأثير الرياضة على كيمياء الدماغ
تلعب الرياضة البدنية دوراً كبيراً في تحسين وتنشيط وظائف الدماغ. فأثناء ممارسة التمرين، يفرز الجسم مستويات عالية من هورمونات معينة مثل الإندورفين والسيروتونين، والتي تُعرف بـ«هورمونات السعادة». ولهذا السبب تحديدا، يقول البروفيسور كارلوس غارسيا، عالم الأعصاب الإسباني: «ممارسة التمارين البدنية بانتظام يمكن أن تحسن المزاج من خلال مكافحة الاكتئاب والقلق». وإلى جانب ذلك، تساعد الرياضة البدنية على تعزيز تدفق الدم إلى الدماغ، وهو الأمر الذي يساعد بدوره في تحسين الذاكرة والوظائف الإدراكية. وقد أثبتت دراسة نُشرت في مجلة «فرانتيرز إن ساينس» العلمية أن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام يتمتعون بذاكرة أقوى وقدرة أكبر على التركيز مقارنة بنظرائهم الذين لا يفعلون ذلك. وبما أن ضغوط التوتر والقلق هي من أكثر المشكلات النفسية شيوعاً في العصر الحديث، فإن الرياضة البدنية يمكن أن توفر وسيلة طبيعية للتخلص من تلك الضغوط. ويؤكد ذلك قول الدكتور مارك ويليامز، خبير الصحة النفسية البريطاني: «النشاط البدني المنتظم يمنح الفرصة للتخلص من الطاقة السلبية والتركيز على المشاعر الإيجابية».
التأثير على الثقة بالنفس
يمكن أيضاً لممارسة الرياضة بانتظام أن تؤدي إلى تحسين تقدير الشخص لذاته وثقته بنفسه. فعندما يرى الشخص تقدماً في أدائه الرياضي أو تحسناً في شكل جسمه، فإنه يشعر بتحسن في تقديره لذاته.
ويعزز هذا الأمر قول الباحث النفسي الفرنسي جان بيير ألبير: «من المؤكد أن النشاط البدني يمنح شعوراً بالإنجاز، وهو الأمر الذي يعزز الثقة بالنفس». وبشكل عام حول العالم، يُلاحظ أن الرياضيين تحديداً يميلون إلى امتلاك مستوى أعلى من الثقة بالنفس مقارنة بغيرهم. وهناك إجماع بين الباحثين في مجالات علم النفس على أن النجاح في أي مجال يبدأ بثقة المرء في ذاته، وأن ممارسة الرياضة هي واحدة من أفضل الطرق لتنمية وتعزيز تلك الثقة.
الرياضة كجزء من العلاج النفسي
خلال السنوات الأخيرة، أصبحت الرياضة جزءاً من برامج العلاج النفسي حول العالم. فلقد أصبح العديد من المعالجين النفسيين يوصون مرضاهم بممارسة النشاط البدني المنتظم كجزء من خطتهم العلاجية.
وفي هذا الإطار، يقول الدكتور خوان لوبيز، اختصاصي الطب النفسي الإسباني: «اكتشفنا أن الرياضة يمكن أن تكون علاجاً مكملاً للعقاقير والجلسات النفسية». وفي فرنسا، تم تطوير برامج علاجية متطورة تعتمد على الجمع بين الرياضة والعلاج النفسي لمساعدة المرضى على التعافي من الاكتئاب والاضطرابات النفسية الأخرى.
وتعليقاً على مدى جدوى تلك البرامج قالت الدكتورة النفسية الفرنسية فاليري فوغل: «قررنا توظيف الرياضة البدنية كجزء من العلاج بعد أن لاحظنا أنها تخلق توازناً بين العقل والجسم، وهو الأمر الذي يساهم في تسريع وتيرة التعافي النفسي».
5 نصائح
لتضمين الرياضة في حياتك اليومية بشكل فعال، يجب اتباع النصائح البسيطة التالية التي يمكنك أن تجعلها جزءاً من روتينك اليومي:
1. اختر نشاطاً رياضياً تستمتع به لضمان استمراريتك فيه.
2. في البداية، حدد لنفسك أهدافاً صغيرة وقابلة للتحقيق لتحفيز نفسك، ثم قم بزيادتها تدريجياً.
3. احرص على ممارسة الرياضة في الهواء الطلق لتستفيد من الفوائد النفسية للطبيعة.
4. ابحث عن شريك ليمارس معك الرياضة كي يشجعك على الاستمرار.
5. اجعل الرياضة جزءاً من روتينك اليومي، حتى لو كان ذلك لمدة 15 دقيقة فقط.
0 تعليق