"الوسيط العقاري" كلمة سهلة القول صعبة التنفيذ
مروة البحراوي
"عقار" صفحة أسبوعية تنشرها جريدة "السياسة"، متخصصة في القطاع العقاري، ترصد آخر التطورات وأبرز الأحداث الفنية والقانونية والاقتصادية لفئات القطاع المختلفة "الخاص" و"الاستثماري" و"التجاري" و"الحرفي" و"المعارض"، فضلاً عن نقل آراء المختصين بهذا الشأن لأهميته باعتباره ثاني أكبر قطاعات البلاد الاقتصادية.
ثمن رجل الأعمال والخبير العقاري قيس الغانم الخطوات الحكومية الجادة لإعادة النظر في التشريعات المختلفة بما يعود بالفائدة على القطاعات المختلفة، لافتا إلى أن اغلب القوانين التي صدرت بالقرن الماضي تحتاج إلى تحديث يواكب العصر، مشيدا بتعديلات قوانين تملك غير الكويتيين للعقار الاخيرة و"التمويل العقاري" الذي سيساهم في تحريك الاقتصاد الكويتي عبر القروض الاسكانية التي تحرك بدورها القطاعات البنكي والانشائي والمصانع وغيرها، فضلا عن مساهمة القطاع الخاص ليكون رديفا للحكومي.
واقترح الغانم في لقاء مع جريدة "السياسة" تأسيس شركات للتأمين على المواطنين تتبع البنوك او الشركات العقارية المدرجة او شركات الاستثمار للحفاظ على سكن المواطنين ومساعدة المتعثرين في تسديد الأقساط، مؤكدا ان التوقع بمستقبل السوق العقاري في ظل التغييرات المتلاحقة صعب، مؤكدا ان تأثير تحديث القوانين بالغ الأثر على السوق العقاري في الفترة المقبلة.
وأوضح أن انشاء دفتر الوسيط العقاري الالكتروني يعتمد على الربط بين الوزارات والمؤسسات، لذا كان يجب على وزارة التجارة الربط بينها قبل إقرار الوسيط الالكتروني لضمان استمرارية العمل به، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة انشاء هيئة خاصة للعقار تقوم بالاتصال والربط بين كل الجهات المعنية وتنظيم السوق أسوة بهيئتي العقار في دبي والبحرين.
وإليكم التفاصيل:
قرار الحكومة إعادة النظر بتملك الأجانب جاء بعد دراسات سليمة ليناسب رؤية الكويت
"التمويل العقاري" مهم لدفع عجلة الاقتصاد... فالقروض تحرك القطاعات كافة
الاستعجال بقانون المطور العقاري ضروري فهو يوفر على الدولة مبالغ طائلة
قوانين أملاك الدولة وعدم السماح برهن أراضيها أكبر عائق أمام "المطور العقاري"
المنصات الإلكترونية "خزان بيانات" وبعضها متكامل يتيح البيع والتقييم والتمويل
غياب ربط الجهات الحكومية التحدي أمام "الوسيط الإلكتروني" وسبب ربكة بالتنفيذ
مجموعة البنك الدولي رسمت ملامح "هيئة موحدة للعقار" محل أملاك الدولة
"المقاصة العقارية" كانت فرصة للحصول على بيانات ومعلومات عقارية دقيقة
هل يعتبر مرسوم تعديل قانون تملك غير الكويتين للعقار أحد هذه القوانين؟
نعم، على الرغم من أن إقرار قانون عدم تملك الأجانب في السبعينيات، إلا أنه يعتبر من القوانين المجمدة غير المفعلة، حتى قامت الحكومة باعادة النظر فيه ودراسته بطريقة سليمة، ليناسب رؤية الكويت الجديدة ويساهم في تحريك عجلة الاقتصاد وسوق العمل في البلاد، فعملت على إدخال بعض المواد الحديثة مثل توريث أبناء الكويتيات، ليصبح في حلة تشريعية أشمل وأعم تحافظ على المفاهيم الوراثية وتعطي كل ذي حق حقه.
فتملك الأجنبي في السابق كان يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء، اما الآن فالاجراءات تتم بشكل قانوني ولا تحتاج إلى تدخل من احد.
ما رأيك بقانوني التمويل والمطور العقاري؟
منذ سنوات طالب اتحاد العقاريين بإقرار قانون التمويل العقاري، وقدم مذكرة لمجلس الوزراء بمقترحات وتوصيات تراعي مصلحة المواطن الكويتي وتضعها فوق كل الاعتبارات، فالرهن العقاري سيكون بيد البنوك التجارية، والبنوك ليست مبرة خيرية بل جهة ربحية، لذا قدمنا مقترحاً للحفاظ على سكن المواطن في حال تعثره عن سداد الأقساط، يتضمن تأسيس شركات للتأمين على المواطن تتبع البنوك او الشركات العقارية المدرجة او شركات الاستثمار.
هذا المقترح ليس جديداً، وتم تطبيقه في أمريكا ثمانينات القرن الماضي، حيث تقوم شركات التأمين بمساعدة المتعثرين، والسداد عنهم للحفاظ على ملكيتهم للمنزل.
قانون التمويل العقاري هام وضروري لتحريك عجلة الاقتصاد الكويتي، فالقروض الاسكانية تقوم بتحريك الجهاز البنكي والانشائي والمصانع وغيرها من الجهات، فضلا عن مساهمة القطاع الخاص ليكون رديفا للقطاع الحكومي، فاليوم لدينا قائمة طويلة من الطلبات، والحكومة لا تستطيع تحمل تكلفتها، لذا لابد من مشاركة القطاع الخاص.
وفيما يخص قانون المطور العقاري، فالمشروع ليس جديداً علينا، حيث سبق وشارك المطور في العديد من المشروعات الهامة في منطقة الشهداء وغيرها من المشروعات الناجحة، لكن نظرا لتعدد وكثرة القوانين في الوقت الحالي، سواء الحديثة أو المعدلة يستغرق اقرارها بعض الوقت.
هل تتفق في أن حل القضية الاسكانية يكمن في الاستعانة بالمطور العقاري؟
نعم، نادينا سابقا والآن بأهمية الاستعانة بالمطور العقاري، يجب على الحكومة التفكير في موضوع المطور العقاري والتعجيل به، لان المطور يوفر على الدولة مبالغ طائلة، وهذا الشيء ليس بالجديد على الكويت، فالشركات الكويتية ذهبت للبناء في السعودية والعمل كمطورين عقاريين، وقامت بتشييد الكثير من الأبنية.
المطور العقاري يسهل على الدولة العديد من الأمور، لكن المشكلة في أن قوانين أملاك الدولة التي لا تسمح برهن الأراضي المملوكة لها، وهذا أكبر عائق أمام التطوير العقاري، لذا تجب إعادة النظر في تعديل القانون، كما يجب أن يكون هناك آلية لدى الحكومة لبناء البيوت، فالمطور العقاري هو الأصلح لهذا المشروع ويساهم في توفير المال والجهد على الحكومة، ويجب ان لا نغفل ان البنوك الكويتية لديها مبالغ طائلة كودائع غير مستغلة يجب تشغيلها، والقانون سيساهم في استغلال هذه الأموال ومن ثم تحريك الاقتصاد.
إلى أي مدى تساهم المنصات الالكترونية في تطوير السوق العقاري؟
المنصات العقارية جيدة، لانها تعطي المواطن قاعدة معلومات وبيانات كبيرة يبني عليها احتياجاته، ومن وجهة نظري ارى أن هناك بعض المنصات المتكاملة في إتمام عملية التقييم والبيع والتمويل أيضا مثل منصة "سكن" ومنصة "عقاري" التابعة للبنك الكويت الدولي KIB، فهما منصتان جيدتان ويمكن الاستفادة منهما، لكن هذه المنصات لا يمكن أن تعمل إلا من خلال تأسيس قانون التمويل العقاري، فالمنصات يمكنها تطبيق نظام "الايجارة" خصوصا البنك الدولي لانه "اسلامي"، لكن العمل بشكل أوسع يحتاج " قانون التمويل العقاري".
لكن السوق العقاري يعاني من غياب البيانات والمعلومات الدقيقة؟
نعم، للأسف كانت لدينا فرصة للحصول على المعلومات والبيانات الصحية من خلال شركة المقاصة العقارية، فالشركة كانت ستوفر المعلومة للجميع، وكانت ستوفر قاعدة بيانات صحيحة تحافظ على السعر العام للأراضي والعقارات. العديد من الدول الأوروبية لديها منصات متخصصة لتقييم الأسعار في مختلف المناطق، وهي جميعا منصات خاصة وليست حكومية.
ماذا عن رقمنة الخدمات العقارية والوسيط الالكتروني؟
فكرة انشاء دفتر الوسيط العقاري الالكتروني كانت بهدف القضاء على التدليس والتلاعب، فكلمة "وسيط عقاري" سهلة المقولة، لكنها صعبة التنفيذ، لان الدفتر يعتمد بشكل كلي على العلاقة بين الوزارات المعنية، ومنها وزارة البلدية، وزارة التجارة والكهرباء، مؤسسة الرعاية السكنية، والإطفاء وبنك الائتمان التي تحتاج للربط فيما بينها قبل اقرار الدفتر الالكتروني.
في السابق، قمنا بالفعل بالعمل على هذا المشروع والربط بين اللجان ذات الصلة، لكن واجهتنا صعوبات مع بعض الجهات التي لم تكن لديها أنظمة الكترونية متكاملة وكانت غير جاهزة لاستلام المعلومات، لذا لم نستطع اكمال المشروع وتوقف.
وهل تم القضاء على هذه المشكلة في الوقت الراهن؟
للاسف لا، لانزال نعاني من غياب الربط بين الجهات ذات الصلة، لذا كان من الواجب على وزارة التجارة والصناعة قبل اعتماد دفتر الوسيط الالكتروني، تشكيل لجنة من الجهات المعنية تقوم من خلالها الوزارات والمؤسسات ذات الصلة بادراج المعوقات لديها كل على حدة، وتخصيص ضابط ارتباط لمناقشة هذه التحديات والعمل على تذليلها جميعا قبل اقرار المشروع، وهو ما لم يحدث وأدى غياب الربط إلى احداث ربكة في السوق العقاري، فالوسيط الالكتروني جزء من مشكلة عامة وهي الربط بين الجهات العقارية ذات الصلة.
هل تقصد انشاء هيئة أو كيان عقاري للربط بين الجهات ذات الصلة؟
نعم، يجب أن يكون لدينا هيئة مختصة في العقار، فالبنك الدولي رسم خطوط هيئة العقار لدولة الكويت لتحل محل أملاك الدولة، لينضم لها ادارة المساحة من البلدية وادارة التسجيل العقاري من وزارة العدل، وادارة العقارات من وزارة التجارة وادارة املاك الدولة من وزارة المالية، مما يعني تفريغ هذه الوزارات من قطاعات عديدة، وهنا تكمن المشكلة التي تعود بنا لنقطة البداية، فالعمل ليس سهلا والبناء يحتاج إلى وقت وجهد جبار.
أفهم من حديثك أن بداية حل مشاكل العقار تكمن في انشاء الهيئة؟
انشاء الهيئة أمر ضروري، فدبي والبحرين على سبيل المثال لديهما هيئة خاصة بالعقار، صحيح أن انشاءها سيستغرق وقتا، إلا انها ضرورية لتنظيم عمل السوق العقاري.
نحتاج لانشاء الهيئة إلى إعادة النظر في العديد من القوانين، فالتسجيل العقاري بوزارة العدل يعمل ضمن قوانين وزارة العدل، فكيف يتم التعامل مع القانون في حال انشاء هيئة مستقلة ونقل القطاعات اليها، لذا يجب تعديل القانون وايجاد صيغة قانونية مناسبة لضم القطاعات والادارات ذات الصلة في مكان واحد.

قيس الغانم متحدثاً إلى الزميلة مروة البحراوي (تصوير- محمد مرسي)
ناطحات سحاب لا منازل!
قال الغانم إن تكلفة بناء البيت بمقاييس الأسرة الكويتية العادية والمقدر بـ 200 ألف دينار" كاف للغاية، فتكلفة بناء البيوت في السابق كانت أقل بكثير، لكن المشكلة حاليا ان من يقوم ببناء المنزل يسعى لبناء ناطحات سحاب لا منزل!! كما أن البعض يطمح لبناء منزل من ثلاثة طوابق، ولا أعرف السبب ؟ فهل يسعى إلى تأجير شقق في المنزل؟! أم بناء شقق للأبناء؟ لا اعلم !! لكن الشيء الوحيد الذي أعلمه هو أن الحكومة لا تستطيع توفير ميزانية أكبر، ويجب علينا البناء في حدود الميزانية المحددة.
يجب أن نأخذ في الاعتبار أيضا أن المواطن ليس لديه خبرة في البناء والتشييد، لذا يقوم بعض المقاولين باستغلال ذلك من خلال رفع أسعار مواد البناء، كما أن قلة العمالة هي الأخرى تتسبب في ارتفاع تكلفة البناء، فيومية العامل التي كانت لا تتجاوز 10 دنانير أصبحت تزيد عن 25 ديناراً، لذا في اعتقادي اذا كانت الحكومة جادة في اتمام هذا المشروع يجب عليها التفكير جيدا في ايجاد آلية خاصة لتنفيذ القانون، ولا تترك المواطن فريسة للعديد من الأطراف.
0 تعليق