محليات
10
رغم أنه في سنّ 16 عاماًيتيم صومالي يصبح إمام مسجد ومعلماً للقرآن
الدوحة - الشرق
في أحد أيام شهر سبتمبر من عام 2020، عاد عبد الغني من مدرسته القرآنية ليجد المنزل مختلفا، كانت الوجوه شاحبة، وصوت البكاء يتردد في أرجائه، اقترب من والدته التي كانت تجلس بصمت، والدموع تتدفق من عينيها، لم يكن بحاجة إلى سؤالها، فقد فهم كل شيء، لقد رحل والده.
شعر وكأنّ الزمن توقف، وشيئا في داخله قد انكسر. كان والده هو من اختار له المدرسة القرآنية، ومن كان يشجعه على الحفظ، ويشتري له مصاحف صغيرة بألوان مختلفة ليحفّزه. إنّه الأمان الذي لم يتمنّ فقدانه.
وسط هذا الحزن العميق، كانت هناك يد حانية لم تتركه، والدته، التي لم تستسلم للحزن، بل حملت عبء الأسرة بأكملها على كتفيها، لتكون الأم والأب معا، كما كان أهل الخير في قطر عونا له أيضا من خلال كفالتهم له عبر قطر الخيرية، وهو ما وفّر له الرعاية والاستقرار المعيشي والنفسي.
عقبات وإصرار
رغم مرارة الفقد واليتم تشبث عبد الغني بحلم حفظ القرآن، وكان يشعر أن كل آية يحفظها هي خطوة نحو تحقيق رغبة والده. لم تكن الطريق سهلة، وكان أصعب اختبار واجهه حفظ "متن الجزرية"، الذي يستظهره طلبة القرآن لضبط أحكام التجويد، لكنه لم يكن وحده في هذا التحدي، والدته ـ الحافظة لكتاب الله ـ كانت إلى جانبه، تشجعه، وكان يرى في عينيها الفخر، مع كل عقبة يتجاوزها.
إتمام الحفظ والإجازة
وفي أواخر عام 2021، تحقق الحلم الذي لطالما انتظره. جلس أمام شيخه في الحلقة يُسمِّع آخر صفحات القرآن، كان صوته يرتجف ليس من التوتر، بل من جلال اللحظة، وعندما أنهى آخر آية غمرت الدموع عينيه، دموع الخشوع لتحمل أمانة حفظ كتاب الله في صدره، ودموع الفرح لإتمام الحفظ، والانضمام إلى لأهل الله وخاصته.
واصل عبد الغني مسيرته القرآنية المباركة، فحصل على شهادة إتقان التلاوة بالسند المتصل إلى رسول الله ﷺ، كانت تلك لحظة شعوره بأنه أصبح مسؤولًا عن نقل هذا النور لغيره.
لم يمضِ وقت طويل حتى بدأ من يكبرونه بتقديمه لصلاة الجماعة، ثم أصبح إماما وخطيبا لمسجد الحي مؤخرا، كما يقوم إلى جانب ذلك بتعليم الصغار كتاب ربهم، ويشجع الأيتام منهم على حفظه والتميّز في تعلّمه، فضلا عن مساعدة والدته صيفا في تعليم القرآن، في المركز القرآني الذي خصصته لذلك.
طموح عبد الغني لم يتوقف عند هذا الحدّ، فالتحق بالمعهد الشرعي، لإثراء معرفته بالعلوم الدينية، وها هو الآن طالب في المرحلة الثانوية، ويحلم باليوم الذي يجلس فيه على مقاعد كلية الشريعة.
برنامج "فرقان"
الجدير بالذكر أن مبادرة "رفقاء" لرعاية الأيتام حول العالم التابعة لقطر الخيرية، تتبنى برنامج " فرقان" التربوي الثقافي الذي يركز على تعليم وتحفيظ القرآن الكريم وتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من المكفولين لتعزيز تلاوتهم بشكل صحيح وفهمه له، بهدف غرس القيم الإسلامية في نفوسهم.
أخبار ذات صلة
مساحة إعلانية
0 تعليق