«وآمنهم من خوف»: «التوحيد» يحفظ كيان الأمة من الوهن

العربية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نظمت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، مساء أول أمس بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب، أولى جلسات الموسم الحادي عشر من برنامج «وآمنهم من خوف»، والتي حملت عنوان «التوحيد حق الله على العباد»، بحضور نخبة من علماء ومفكري العالم الإسلامي من داخل قطر وخارجها. وأكدت الجلسة أن الوعي بالتوحيد يحفظ للأمة كيانها وهويتها، ويحميها من حالة الضعف والوهن التي يعيشها بعض الناس اليوم.
ويعد برنامج «وآمنهم من خوف» منبرًا حواريًا فكريًا تنظمه وزارة الأوقاف سنويًا خلال شهر رمضان، ويهدف إلى طرح قضايا معاصرة تهم الأمة الإسلامية، وتعزيز أمنها الثقافي والفكري، إضافة إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة وتقديم رؤى تأصيلية ومراجعات فكرية.

20250309_1741548514-154.jpg?1741548514

د. مطلق الجاسر: وعد الله بالأمن يضفي الراحة والطمأنينة

أكد الدكتور مطلق الجاسر – الأستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت – أن المفسرين اختلفوا حول قول الله سبحانه وتعالى « الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون»، إن كان من تتمة قول إبراهيم عليه السلام أو من كلام الله سبحانه وتعالى، وأن المرجح أنه من كلام الله سبحانه وتعالى، وأن الله وعد الذين آمنوا ووحدوا الله ولم يلبسوا إيمانهم بظلم، وهو الشرك.
وقال د. الجاسر: لما نزلت هذه الآية شق ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وجاءوا إلى النبي خائفين، وقالوا: يا رسول الله، أينا لم يظلم نفسه، وظنوا أن الظلم بمعنى المعصية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس الأمر كذلك، ألم تسمعوا لقول لقمان: إن الشرك لظلم عظيم، فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم أن الظلم بمعنى الشرك، فالمعنى أنهم آمنوا ولم يخلطوا ايمانهم وتوحيدهم بشرك، فأولئك لهم الآمن، وأن هذا الوعد من الله يضفي على الإنسان الأمن والراحة والطمأنينة والاستقرار.وأضاف: إذا تأملنا أكثر في هذه الآية، نجد أن الأمن ليس خاصاً فقط بالأمن الأخروي، فلا شك أن الموحدين لهم الأمن في الاخرة، بدخول الجنات والأمن من دخول النار، بل حتى في الدنيا، فالموحد له الأمن حتى في الدنيا، وذلك أن مصادر الخوف والقلق تأتي إما من الخوف على الحياة بالموت أو المرض أو نقص في حياته، أو خوف على الرزق، بأن يُأخذ رزقه أو يُقطع من ماله، والرزق والحياة بيد الله جل وعلا.
وتابع د. الجاسر: من وحد الله عز وجل حق توحيده، وعلم أن حياته بيد الله وأن رزقه بيد الله أمن من أي خوف، إذا علم وتيقن، أنه لا يستطيع أحد أن يمس حياته أو رزقه أو يخيفه أدنى خوف إلا بإذن الله، فلن يخاف من أحد.

20250309_1741548537-169.jpg?1741548538

د. تركي المري: الأمة ستبقى حية بفضل القرآن الكريم

أكد الدكتور تركي بن عبيد المري، عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة قطر، أن الوعي بالتوحيد يحفظ لهذه الأمة كيانها وهويتها، ويحميها من حالة الضعف والوهن التي يعيشها بعض الناس اليوم.
وأشار المري إلى أهمية تربية الشباب والأجيال الناشئة على التوحيد، الذي ينبغي أن يُغرس في قلوبهم منذ نعومة أظفارهم، حتى لا يتأثروا بما يسمى بـ «سلطان الثقافة الغالبة»، وهي ثقافة قوية بالفعل، وغالبة إن لم نكن معتصمين بالوعي.
وتساءل: أين هو التوحيد، إن كانت الولاية لله، والبراءة من الكافرين؟ فالولاية للمؤمنين من مقتضيات التوحيد أصلاً. وأضاف أن التوحيد ليس مجرد كلمة تُقال، بل هو اعتقاد يعقبه سلوك وعمل، مبينًا أن الله عز وجل جعل الإيمان أو التوحيد شرطًا للتمكين، موضحًا أن الإخلال بهذا الشرط سيؤدي إلى حالة الوهن والضعف التي تعيشها الأمة.واعتبر أن حالة الوهن التي تعيشها الأمة اليوم شديدة للغاية، ولولا أنها أمة القرآن، ويعيش الوحي فيها، لتبدل حالها، لكنها ستبقى حية بسبب القرآن الكريم.

د. محمد إبراهيم: التوحيد إفراد الله بالربوبية والألوهية وأسمائه وصفاته

أكد فضيلة الدكتور محمد يسري إبراهيم - الامين العام للهيئة الشرعية للحقوق والاصلاح – أن المعنى اللغوي لكلمة «التوحيد» يدور حول مادة الافراد والاختصاص، وأن التوحيد هو افراد الله تبارك وتعالى بالربوبية والالوهية وبأسمائه وصفاته، أي ان الله تبارك وتعالى واحد أحد، لا نظير ولا ند له، لا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وهو سبحانه وتعالى مختص بالعبادة فلا يعبد غيره جل في علاه. واوضح أن الآيات والأحاديث تحدثنا تارة عن اسماء الله تبارك وتعالى وانه عز وجل منفرد بهذه الاسماء الحسنى وبتلك الصفات العلا، وتحدثنا تارة عن افعاله وان سبحانه المنفرد بالخلق والرزق والاحياء والإماتة، فهو سبحانه وتعالى الرب المختص بأفعال الربوبية، فأفعال الرب خاصة ومختصة به تعالى لا يشاركه في أحد ولا يمكن ان يشاركه في شيء من هذه الصفات والخصائص أحد.
وقال د. إبراهيم: لا يزعم أحد انه خلق ولا انه رزق ولا انه يملك الحياة والموت والنشور، وهناك آيات وأحاديث حدثتنا عن مفهوم العبادة وأنها لا تصرف الا لله جل في علاه «وإلهكم إلهٌ واحدٌ لا إلهَ إلا هو الرحمن الرحيم».
وأضاف: أول نداء في كتاب الله تعالى للناس «يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون»، فجاء الامر بتوحيد الله تبارك وتعالى في اسمائه وصفاته «وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا» وهو سبحانه له المثل الأعلى، وجاء الامر بإفراد الله تبارك وتعالى بأفعاله، فهو الخالق الذي لم يخلق احد سواه «اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ»، وهو سبحانه جل في علاه الذي امر ان يعبد فكما انه له الخلق فان له الامر «ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين».
وتابع فضيلته: هذه الاقسام الثلاثة ليست منفصلة وانما هي متصلة، وليست متباعدة وانما هي مجتمعة، اقتضى حسن التقسيم وحسن التعليم ان نقول للناس عليكم ان توحدوا الله تبارك وتعالى في اسمائه وصفاته، عليكم ان توحدوا الله تعالى في افعال الربوبية، عليكم ان توحدوا الله تعالى وتفردوه بالعبادة، وهذا الاصطلاح لا يمنعنا ان نقول ان التوحيد واحد وان التوحيد لا تعديد فيه وان هذا التوحيد يجمع كل هذه الاقسام.

د. أحمد الغريب: الصحابة .. أول جيل التمكين في الدين

قال الدكتور أحمد الغريب، الداعية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إن الحديث عن ثنائية التوحيد والتمكين قد خُوطب بها أولاً أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في زمن التنزيل، وهم أول جيل تحقق فيهم التمكين، وقد أيد الله عز وجل بهم الدين. وأشار الدكتور الغريب إلى بعض الأمثلة لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باعتبارهم أول جيل تمكَّن في الأرض، مؤكداً أن على منوالهم يجب أن تسير الأمور. وذكر أنه عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، اضطرب الصحابة حتى إن بعضهم أراد أن ينكر موته.وأشار الدكتور الغريب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مستعرضاً بعض مواقفه في تقرير التوحيد، ومنها قصته مع الحجر الأسود أثناء الحج. فقد جاء إلى الحجر الأسود وقبَّله، ثم قال: «إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يُقبِّلك ما قبَّلتك». وأوضح الدكتور الغريب أن عمر أراد بذلك توصيل رسالة للناس مفادها أن الذي ينفع ويضر هو رب العالمين لا شريك له.وأكد الدكتور الغريب أن النصر والتمكين تحققا لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب التزامهم بهذه المبادئ، وأن اهتمام الصحابة الكبير بتحقيق التوحيد هو الذي ساعدهم على التمكين في الأرض. وبيَّن أن هناك عوامل كثيرة تقف وراء التمكين الكامل لأهل التوحيد، والذي لا يحدث إلا بطاعة الله، مشيراً إلى أن التمكين يأتي نتيجة لتحقيق التوحيد.
وتحدث الدكتور أحمد الغريب عن طبيعة المناهج التدريسية للتوحيد، مؤكداً ضرورة وضع مناهج تتناسب مع الفئات العمرية المختلفة بأسلوب يتناسب مع عموم المسلمين. وأشار إلى أن قضية التوحيد هي قضية إجماعية ومركزية في الدين الحنيف.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق