محليات
28

جنيف - قنا
نظم الوفد الدائم لدولة قطر لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى بجنيف، بالتعاون مع المجلس الأعلى للقضاء بدولة قطر، حدثا جانبيا رفيع المستوى للاحتفال بـ"الذكرى الرابعة لليوم الدولي للقاضيات"، وذلك على هامش الدورة 58 لمجلس حقوق الإنسان بحضور أكثر من 83 مشاركا يمثلون البعثات الدبلوماسية، والمنظمات الدولية والإقليمية، ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق المرأة والعدالة.
أدارت النقاش في الحدث سعادة الدكتورة هند بنت عبد الرحمن المفتاح، المندوب الدائم لدولة قطر لدى مكتب الأمم المتحدة بجنيف، وشاركت كمتحدثات رئيسيات كل من سعادة القاضية الدكتورة حصة أحمد السليطي، وهي قاض أول بمحكمة الاستئناف، وأول قاضية في دولة قطر، وسعادة السيدة مريم بنت عبد الله العطية، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان.
كما شارك كمتحدثين مناقشين كل من سعادة القاضية فاطمة عبد الله المال، نائب أول للرئيس بالمحكمة الابتدائية وأول قاضية جنائية بدولة قطر، وسعادة القاضية مينا سقراطي، الرئيس المنتخب للجمعية الدولية للقاضيات، والسيدة تاتيانا فيريش، مسؤول منع الجريمة والعدالة الجنائية في مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ومنسق الشبكة العالمية لنزاهة القضاء.
وقالت سعادة المندوب الدائم لدولة قطر بجنيف، في كلمتها الافتتاحية للحدث: "إن الاحتفال بهذا اليوم يأتي عملا بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 75/274 الذي أعلن العاشر من شهر مارس من كل عام يوما دوليا للقاضيات، وقد كان لدولة قطر شرف مبادرة تقديم هذا القرار التاريخي الذي تم اعتماده بالإجماع في 28 أبريل2021، وشاركت في رعايته 72 دولة".
وأوضحت سعادتها أن هذا القرار أكد على عدد من المبادئ المهمة أولها أن المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات يسهم بشكل فاعل في تحقيق أهداف وغايات التنمية المستدامة وأن المشاركة النشطة للمرأة في صنع القرار على جميع المستويات أمر مهم لتحقيق المساواة والتنمية والسلام والديموقراطية، كما أكد هذا القرار على أهمية عمل وتنفيذ استراتيجيات وخطط للارتقاء بمركز المرأة في نظم ومؤسسات العدالة القضائية.
وأشارت إلى أن الاحتفال بهذا اليوم يشكل فرصة مهمة لتسليط الضوء على الاسهامات القيمة التي تقدمها النساء في ساحات القضاء حول العالم، والاحتفال بهذه الإنجازات وتشجيعها.
وأوضحت سعادة المندوب الدائم لدولة قطر بجنيف، أن تمثيل المرأة في نظام العدالة بشكل عام، والقضاء بشكل خاص، أمر مهم وله أبعاد متعددة، فمن خلال تعزيز مشاركة المرأة في القضاء والاستثمار في تمكين القاضيات، يتحقق تعزيز الثقة في عدالة النظام القانوني، وخدمة العدالة بشكل أفضل عن طريق الاستفادة من معارف النساء وتجاربهن وخبراتهن المعيشية في اتخاذ قرارات أكثر استنارة وواقعية وحيادية، كما يسهم ذلك في تحسين وصول النساء إلى العدالة، ودعم احتياجاتها الخاصة بالنساء.
وأضافت أنه على الرغم من التحاق الفتيات بكليات الحقوق بنفس المعدلات التي يلتحق بها الفتيان، لكن الصورة سرعان ما تتغير بعد التخرج حيث تتعثر فرص دخول النساء لسلك القضاء ويظل الواقع أن تمثيل النساء كقاضيات أقل بكثير من تمثيل الرجال.
وقالت سعادتها إنه على المستوى العالمي، لا توجد بيانات أو احصاءات دقيقة يتم جمعها بشكل متسق حول النساء في قطاع العدالة. وأكدت أنه وعلى الرغم من التقدم الملحوظ في العديد من البلدان ووجود العديد من النماذج الايجابية، لا تزال هناك حواجز كبيرة تعوق المشاركة الكاملة للمرأة في العمل القضائي. وأوضحت أن هذه الحواجز تتمثل في التحيزات المجتمعية، والمواقف الثقافية، والافتقار إلى شبكات الدعم والتوجيه، إضافة إلى تركز القاضيات في محاكم محددة، غالبا محاكم الأحداث أو الأسرة، فضلا عن قلة فرص ترقيتهن، مما يحد من وصولهن إلى درجات المحاكم العليا والمناصب القيادية في القضاء.
وسلطت سعادتها الضوء على مجموعة من التدابير على المستوى الوطني والدولي لتعزيز مشاركة النساء في الأجهزة القضائية، من بينها الاهتمام بتطوير منهجية لعمل الإحصاءات والبيانات لقياس مشاركة المرأة في قطاع العدالة، إضافة إلى دعم وبناء الإرادة السياسية لتحقيق المساواة في هذا القطاع، وذلك من خلال إصلاح القوانين التي تدعم التحاق النساء بالقضاء والتدرج فيه.
وأكدت سعادة المندوب الدائم لدولة قطر بجنيف على أهمية ضمان الوصول إلى فرص تعليم متساوية، وخلق شبكات قانونية لدعم النساء القانونيات، إلى جانب إصلاح إجراءات القبول والتعيين في الأجهزة القضائية لضمان شفافيتها، وعدالتها، واعتمادها على معايير الجدارة، وشددت على ضرورة إذكاء الوعي المجتمعي بأهمية التمثيل العادل للنساء في القضاء.
من جانبها، ركزت سعادة القاضية الدكتورة حصة أحمد السليطي، وهي قاض أول بمحكمة الاستئناف، وأول قاضية في دولة قطر، على التقدم الذي أحرزته دولة قطر في تمكين المرأة قضائيا، وأوضحت أن نسبة تمثيل النساء على منصة القضاء في قطر بلغت 13%، مع خطط لزيادتها إلى 30% بحلول عام 2030. كما يبلغ تمثيل النساء في سلك إدارة القضاء بنسبة 46.8%، في حين يبلغ تمثيلها في مناصب إدارة القضاء القيادية نحو 51%.
وأكدت أن القاضيات القطريات يشغلن مناصب حساسة ومتخصصة، مثل مكافحة الجرائم الجنائية الكبرى وتسوية المنازعات في الاستثمار الأجنبي والتجارة الدولية، مما يعكس عدم وجود تمييز في توزيع المهام القضائية.
كما أشارت سعادتها إلى أن القيم المجتمعية والدينية السمحاء في قطر كانت الدافع الرئيسي لتمكين النساء القطريات من تحقيق طموحاتهن بلا حدود. وأوضحت أن دخولها سلك القضاء في عام 2010 جاء بدعم مباشر من صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، مشيرة إلى أن زملاءها من القضاة والرؤساء وفروا لها بيئة مساندة تعزز من نجاحها في هذا المجال.
ومن جانبها، أكدت سعادة السيدة مريم بنت عبد الله العطية، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ، التزام دولة قطر بتعزيز دور المرأة في القضاء، مشيرة إلى أن هذا التقدم جاء نتيجة جهود كبيرة في مراجعة القوانين المتعلقة بالمرأة، أثمرت عن إلغاء وتعديل وسن قوانين تهدف إلى تعزيز مكانة المرأة وإزالة العوائق التي تعترض طريق تمكينها وتقدمها.
وأوضحت سعادتها أن قطر صادقت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) في عام 2009، مما ساهم في فتح المجال أمام المرأة لتولي مناصب قيادية، بما في ذلك دخول سلك القضاء، حيث تم تعيين أول قاضية قطرية في عام 2010، في خطوة رائدة فتحت الباب للمرأة في العمل في القضاء.
وشددت سعادتها على أهمية دمج المرأة في النظام القضائي، مؤكدة أن القاضيات القطريات واجهن تحديات اجتماعية وثقافية، حيث كان ينظر إلى القضاء على أنه مجال يهيمن عليه الرجال. ومع ذلك، أثبتت القاضيات القطريات جدارتهن في هذا المجال، مما ساعد في تغيير هذه النظرة التقليدية وتعزيز قبول المرأة في المناصب القضائية. ونتيجة لذلك، أعلن المجلس الأعلى للقضاء عن هدفه برفع نسبة تمثيل النساء في القضاء إلى 30% بحلول عام 2030، مما يعكس التقدم المستمر في هذا المجال.
وأشادت سعادتها بالدور الفاعل الذي تلعبه القاضيات في تحقيق العدالة وتعزيز سيادة القانون، مشيرة إلى أن تنوع الخلفيات والتجارب الحياتية للنساء يساهم في فهم أعمق للقضايا القانونية، لا سيما تلك المتعلقة بالفئات الأكثر ضعفا مثل الأطفال والعمال والأشخاص ذوي الإعاقة. كما أكدت أن القضاء ليس مجرد تطبيق صارم للقانون، بل هو أداة لتحقيق العدالة برؤية إنسانية متوازنة. وفي ختام كلمتها، دعت سعادتها إلى تعزيز التعاون الدولي لدعم القاضيات وتمكينهن من أداء دورهن في بناء مجتمعات أكثر عدلا وإنصافا للجميع.
كما أكدت سعادة القاضية فاطمة عبد الله المال، نائب أول للرئيس بالمحكمة الابتدائية وأول قاضية جنائية بدولة قطر، على أن دخولها سلك القضاء جاء مدعوما بدستور قطر الدائم، وإرادة القيادة والمجتمع، وطموح المرأة القطرية نحو الريادة. وأشارت إلى أن النساء القطريات أثبتن جدارتهن في مختلف المجالات، من الوزارات إلى الطيران والهندسة، لكنها اختارت كسر الصورة النمطية التي تحصر القاضيات في قضايا الأسرة والمنازعات المدنية، وقررت خوض المجال الجنائي الذي يتطلب التعامل مع قضايا معقدة تتطلب أحكاما صارمة وفقا للقانون والعدالة.
وركزت سعادتها على التحديات النفسية التي تواجهها في عملها، حيث يتطلب القضاء الجنائي التعامل مع قضايا ذات أثر نفسي وعاطفي عميق، لكنها اعتبرت دورها مسؤولية أخلاقية ومهنية لتحقيق العدالة، مستمدة القوة من رؤية الفرح في عيون من نالوا حقوقهم. كما أشارت إلى أن قيادتها لإحدى دوائر الجنايات الكبرى في قطر جاءت نتيجة للثقة التي منحتها إياها القيادة الرشيدة والقضاء القطري، مؤكدة أن نسبة إنجاز القضايا في دائرتها وصلت إلى 89% سنويا من القضايا المنظورة خلال السنوات الثلاث الماضية.
في حين ركزت سعادة القاضية مينا سقراطي، الرئيس المنتخب للجمعية الدولية للقاضيات، على أهمية تعزيز دور المرأة في السلطة القضائية، مشددة على ضرورة تحقيق المساواة والعدالة داخل المنظومة القضائية، مؤكدة أن تمثيل المرأة في المناصب القضائية يعزز ثقة المجتمع في النظام القضائي ويضمن مراعاة احتياجات وتطلعات جميع فئاته،وسلطت الضوء على الجهود الإقليمية والدولية التي تبذل لدعم القاضيات وتوفير بيئة عمل مناسبة لهن، بما يضمن تفعيل مشاركتهن في القضاء بشكل أكثر فاعلية، واستحضرت مبادرة دولة قطر والتي على إثرها اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في أبريل 2021 قرارا بتخصيص العاشر من شهر مارس يوما عالميا للقاضيات.
كما أبرزت التحديات التي تواجه القاضيات داخل المؤسسات القضائية، مشيرة إلى ضرورة اتخاذ خطوات عملية لتذليل هذه العقبات، وضمان حصولهن على حقوقهن المهنية كاملة. وناقشت أهمية التشريعات والقوانين الدولية في تعزيز دور المرأة في القضاء، داعية إلى الالتزام بالمعايير الدولية لضمان تكافؤ الفرص.
وتقدمت السيدة تاتيانا فيريش، مسؤول منع الجريمة والعدالة الجنائية في مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ومنسق الشبكة العالمية لنزاهة القضاء، بالشكر لدولة قطر على تنظيم هذا الحدث وعلى جهودها في اعتماد اليوم العالمي للقاضيات، وشددت على أهمية تعزيز دور المرأة في القضاء، مشددة على ضرورة القضاء على العوائق التي تعرقل وصول المرأة إلى العدالة، مثل التمييز والصور النمطية والتحيز. وسلطت الضوء على أهمية النزاهة القضائية كركيزة أساسية لضمان تحقيق العدالة وتعزيز سيادة القانون.
وأشارت إلى الجهود التي بذلتها " الشبكة العالمية لنزاهة القضاء " منذ تأسيسها عام 2018، والتي ساهمت في خلق فرص لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات بين الهيئات القضائية حول العالم، من خلال الاجتماعات الدولية والإقليمية، والبرامج التدريبية، والموارد المعرفية.
وقدمت توصيات لتعزيز بيئة داعمة للقاضيات داخل الأنظمة القضائية، منها تعزيز مبادرات الإرشاد، والاستثمار في التدريب المستمر للقضاة لرفع وعيهم بالمخاطر الأخلاقية والتحيزات غير الواعية، إضافة إلى إجراء إصلاحات مؤسسية تضمن بيئة قضائية شاملة، وتحافظ على النزاهة والمساءلة.
واختتمت كلمتها بالتأكيد على أن تمكين المرأة في القضاء يعزز ثقة الجمهور في المنظومة القضائية، ويساهم في تحقيق المساواة والتنمية المستدامة. كما دعت جميع الجهات القضائية إلى الاستفادة من الممارسات الفضلى التي تم جمعها من خلال " الشبكة العالمية لنزاهة القضاء" لتحقيق تغيير حقيقي ومستدام في القضاء.
الجدير بالذكر أن تنظيم الحدث يأتي في إطار الاحتفال بالذكرى الرابعة لليوم الدولي للنساء القاضيات، والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار تاريخي (A/RES/75/274) بمبادرة من دولة قطر لتخصيص "يوم عالمي للمرأة القاضية" يحتفل به عالميا تحت مظلة الأمم المتحدة بغرض تعزيز حضور المرأة في المجال القضائي.
أخبار ذات صلة
مساحة إعلانية
0 تعليق