لا نختلف في أن صحة البشر أصبحت الآن تواجه العديد من التحديات الناتجة عن اتباع السلوكيات الغذائية الخاطئة وزيادة استهلاك بعض العناصر كالملح والكافيين، وغياب ممارسة النشاط البدني وما يترتب على ذلك من التأثيرات السلبية على صحة الفرد والتي لا يمكن حصرها.
وأحسنت الهيئة العامة للغذاء والدواء عندما أعلنت قبل أيام اعتماد 3 لوائح فنية جديدة تهدف إلى تعزيز الصحة العامة وتشجيع السلوكيات التغذوية الصحية، تحقيقا لمستهدفات برنامج تحول القطاع الصحي أحد برامج رؤية المملكة 2030، وذلك ضمن جهود الهيئة الوقائية الرامية إلى رفع متوسط عمر الإنسان المتوقع بأمر الله، وتقليل معدلات الأمراض المزمنة، إذ شملت اللوائح الجديدة الإفصاح عن محتوى الكافيين في المشروبات، ووسم الوجبات عالية المحتوى بالملح، إضافة إلى وسم النشاط البدني في قوائم وجبات المطاعم والمقاهي التي تقدم الطعام للمستهلك خارج المنزل.
ولا شك أن القرار الذي سيدخل حيز النفاذ في الأول من يوليو 2025 كما أوضحت الهيئة، فإنه في جانب محتوى الكافيين سيتم إلزام المطاعم والمقاهي التي تقدم مشروبات تحتوي على الكافيين بتوضيح كميته في قوائم الطعام سواء الورقية أو الالكترونية، بحيث يتم تحديد النسبة بالمليغرام لكل 100 مل أو لكل كوب، إلى جانب إدراج عبارة توضيحية تفيد بأن الحد الأقصى لاستهلاك الفرد البالغ من الكافيين هو 400 مليغرام يوميا، بينما في جانب لائحة وسم الوجبات عالية المحتوى بالملح، فستلزم المطاعم والمقاهي بوضع وسم «الملّاحة» بجانب الأصناف التي تحتوي على كميات ملح تتجاوز خمسة جرامات، أي ما يعادل 2000 مليغرام من الصوديوم، وذلك في جميع قوائم الطعام سواء كانت ورقية أو الكترونية، إضافة إلى منصات طلبات الطعام الالكترونية، وتهدف هذه الخطوة إلى تنبيه المستهلكين حول الأطعمة العالية بالملح، مما يسهم في الحد من الاستهلاك المفرط للصوديوم والوقاية من المشكلات الصحية المرتبطة به.
ونأتي إلى النقطة الثالثة، إذ ستلزم لائحة وسم النشاط البدني المطاعم والمقاهي ومنصات طلبات الطعام الالكترونية التي تقدم وجبات الطعام خارج المنزل بتوضيح المدة الزمنية اللازمة لحرق السعرات الحرارية الناتجة عن استهلاك الوجبة، من خلال إضافة أيقونة توضيحية تبين نوع النشاط الرياضي اللازم لحرق السعرات الحرارية لكل صنف غذائي، مع تحديد المدة الزمنية المطلوبة للحرق بالوحدات الزمنية (بالدقائق أو الساعات).
ومما سبق فإن جميع اللوائح الثلاث لها أبعاد إيجابية عديدة على صحة أفراد المجتمع، فللأسف زاد في السنوات الأخيرة استهلاك مشروبات الكافيين وخصوصا القهوة بمعدلات عالية جدا قد تتجاوز الحد الأقصى لاستهلاك الفرد البالغ من الكافيين وهو 400 مليغرام يوميا، والكافيين هو مركب طبيعي يوجد في بعض النباتات، ويستخدم عادة لتحسين اليقظة والتركيز، ويتواجد في القهوة، الشاي، والشوكولاتة، والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، ومصادر أخرى، ويعتبر من أكثر المنبهات استهلاكا في العالم، فالكافيين يؤثر على الجهاز العصبي المركزي، مما يؤدي إلى زيادة مستوى اليقظة والطاقة، ولكن الجرعات العالية قد تسبب آثارا سلبية مثل الأرق والقلق لذا ينصح بالاعتدال في الكمية المستهلكة للحفاظ على صحة جيدة.
وبخصوص الملح فهو يتكون من حوالي 40% من الصوديوم و60% من الكلوريد، ويستخدم عادة لإضافة نكهة إلى الأطعمة أو لحفظها وزيادة فترة صلاحيتها، لكن على الرغم من أن الصوديوم معدن ضروري من أجل قيام عضلات جسم الإنسان وجهازه العصبي بأداء وظائفها بشكل جيد، كما يساعد الكلوريد الجسم على الحفاظ على توازن الماء والمعادن، إلا أن تناول الكثير من ملح الطعام له آثار سلبية، فقد ثبت علميا أن الإفراط في تناول الملح على مدى فترة زمنية طويلة قد يؤدي إلى مشاكل عديدة مثل ارتفاع ضغط الدم، والضغط على الكلى، واحتباس السوائل في الجسم.
وعن جانب المحور الثالث المتعلق بالنشاط الرياضي اللازم لحرق السعرات الحرارية لكل صنف غذائي، فالتمثيل الغذائي هو عملية كيميائية في أجسامنا، يمكن وصفها بأنها بعدد السعرات الحرارية التي نحرقها كل يوم، فكل شخص لديه معدل التمثيل الغذائي الفردي، وهذا هو السبب في أن البعض منا يمكن أن يأكل كثيرا ويظل نحيفا، والبعض يضطر إلى تناول كميات أقل من أجل البقاء في وزن طبيعي، فيما يعاني بعض الأشخاص من انخفاض التمثيل الغذائي، لذلك تحترق السعرات الحرارية بشكل أبطأ في أجسامهم ويتم تخزين باقي السعرات الحرارية، لذا ينصح في هذا الجانب بممارسة الرياضة يوميا لمدة نصف ساعة، ويمكن اختيار أي نشاط رياضي مناسب للعمر، مع الحرص على تناول الأكل الصحي والحد من الوجبات السريعة، وتناول الفواكه والخضراوات، الاهتمام بتناول الماء والعصائر الطازجة وتجنب العصائر السكرية المعلبة والمشروبات الغازية.
الخلاصة: ايجابيات صحية عديدة تترتب على اللوائح الثلاث الجديدة التي اعتمدتها هيئة الغذاء والدواء بشأن ضبط استهلاك «مشروبات الكافيين والملح وحرق السعرات الحرارية بالرياضة» أهمها تعزيز الصحة العامة وتشجيع أفراد المجتمع على اتباع السلوكيات التغذوية الصحية، وتفادي العديد من المشاكل الصحية المترتبة ومنها زيادة الوزن، ضغط الدم، الأرق والقلق، احتباس السوائل، وغيرها وغيرها، لذا يجب على الجميع الأخذ بقاعدة الاعتدال في تناول الأطعمة للتمتع بوزن صحي وجودة الحياة بعيدا عن الأمراض التي باتت تشكل أبرز التحديات في المنظومة الصحية.
0 تعليق