اقتصاد دولي
16

بنك قطر الوطني
الدوحة - قنا
توقع /بنك قطر الوطني QNB/ أن يثير عدم اليقين بشأن السياسات الأمريكية على الصعيدين التجاري والمالي المخاوف من الركود، وأن يؤدي إلى تقلبات في السوق وتدهور في ثقة المستثمرين والمستهلكين. وهذا يسبب تغيرا كبيرا في توقعات النمو.
وذكّر /بنك قطر الوطني QNB/ في تقريره الأسبوعي بتخفيضه في وقت سابق من العام الحالي توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي إلى 1.5 بالمئة، من 2.2 بالمئة، لافتا إلى تأثر النمو العالمي لعام 2025 بشكل كبير بما سيحدث في الولايات المتحدة.
وأوضح التقرير أن التغيير الذي حدث في الإدارة الأمريكية، قوبل في مستهل الأمر بتفاؤل المستثمرين، نظرا للتوقعات بالمزيد من الإعفاءات الضريبية وإلغاء القيود التنظيمية بشكل كبير. وهذه الخلفية الإيجابية، التي سادت منذ انتهاء الانتخابات الأمريكية حتى يناير، انعكست أيضا على الأسواق الرئيسية. فقد أشار الارتفاع الكبير في الأسهم الأمريكية (S&P 500) والدولار الأمريكي (مؤشر الدولار الأمريكي)، جنبا إلى جنب مع انتعاش العائدات طويلة الأجل (سندات الخزينة الأمريكية لـ10 سنوات)، إلى ارتفاع توقعات النمو الأمريكي وتفوق أداء الولايات المتحدة على بقية العالم.
وقال التقرير إن انعكاسا مفاجئا حدث في معنويات السوق في شهر فبراير، حيث أطلقت الإدارة الأمريكية الجديدة بعض مبادراتها السياسية الجديدة. وفي غضون أسابيع قليلة، تلاشت "تداولات الأسهم عالية النمو" التي تزامنت مع بداية ولاية ترامب، مع تراجع كل تحركات السوق الرئيسية إلى مستويات ما قبل الانتخابات.
وفي نهاية فبراير وبداية مارس، تغيرت الأخبار المرتبطة بالنمو أيضا من سيناريو "عدم الهبوط" والمخاوف من فرط النشاط والتضخم إلى المناقشات حول الركود الوشيك. في الواقع، يشير نموذج التنبؤات الذي وضعه بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، حاليا إلى انكماش عميق بنسبة 2.4 بالمئة في الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في الربع الأول من عام 2025، وهو تدهور حاد مقارنة بالتوسع الذي بلغت نسبته 2.3 بالمئة في الربع السابق.
وتساءل التقرير في تحليله عن التغيرات الجذرية التي أدت إلى هذا التدهور في النشاط وتوقعات السوق، مرجعا ذلك إلى عاملين رئيسين، أولهما أن التعريفات التجارية أصبحت أولوية سياسية للحكومة على نحو أكبر بكثير مما كان متوقعا في السابق لتشمل المناقشات حتى الآن تعريفات جمركية بنسبة 25 بالمئة على كندا والمكسيك، و20 بالمئة على الصين، و25 بالمئة على جميع واردات الصلب والألمنيوم، و"تعريفات شاملة" و"على أساس المعاملة بالمثل" على جميع الدول والمنتجات.
وقال التقرير إنه بالنظر إلى هذه المناقشات مجتمعة، فإنها تمثل زيادة كبيرة في عدم اليقين بشأن السياسة التجارية. ووفقا لمؤشر عدم اليقين بشأن السياسة التجارية، الذي يقيس التكرار الشهري للمقالات التي تناقش عدم اليقين بشأن السياسة التجارية كنسبة من إجمالي عدد المقالات الإخبارية في الصحف الأمريكية الرئيسية، فإن عدم اليقين بشأن التجارة أعلى بالفعل مما كان عليه خلال ذروة "الحرب التجارية" مع الصين خلال ولاية ترامب الأولى (2017 - 2021).
ويؤدي عدم اليقين بشأن التجارة إلى تعطيل خطط النفقات الرأسمالية من قبل الشركات الكبرى والمستثمرين الأجانب المباشرين، حيث يتعين إعادة تصميم سلاسل التوريد وإعادة تقدير هياكل التكلفة. كما تعد التعريفات الجمركية شكلا غير مباشر من الضرائب التي تؤثر سلبا على الدخل المتاح للأسر، مما يشكل ضغطا على الاستهلاك الإجمالي. وبالتالي، تضعف الرسوم الجمركية تفاؤل السوق، مما يؤدي إلى انخفاض الاستثمار والاستهلاك والنمو.
ورأى التقرير لدى تناوله العنصر الثاني أن التحول المفاجئ في الأولويات المالية يؤثر أيضا بشكل سلبي على توقعات الطلب والنمو. في السنوات الأخيرة، انتهجت الولايات المتحدة سياسات مالية توسعية، مما أدى إلى زيادة عجزها إلى حوالي 7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وتعزيز أدائها الاقتصادي. حاليا، وبينما يعد الفريق الاقتصادي التابع للإدارة الأمريكية الجديد عملية ضبط مالي كبيرة لخفض العجز إلى ما يقارب 3 بالمئة، قد يتباطأ النمو الأمريكي بشكل ملحوظ.
تجدر الإشارة إلى أن بعض المبادرات السياسية التي أطلقتها الحكومة لتعزيز الادخار والتحسين، مثل تلك التي تنفذها وزارة الكفاءة الحكومية، اعتبرت مفرطة في القسوة، مما ولد حالة كبيرة من عدم اليقين والقلق والمعارضة.
وتثير التهديدات بالتسريح الجماعي لموظفي القطاع العام الأمريكي مؤشرا سلبيا بخصوص ثقة المستهلك، حيث تعد الحكومة الأمريكية أكبر جهة توظيف منفردة في البلاد بفارق كبير، حيث توظف حوالي 3 ملايين مدني وتحشد حوالي 1.3 مليون عسكري في الخدمة الفعلية. لذلك، يؤثر التقشف المالي والمبادرات التي ترعاها وزارة الكفاءة الحكومية سلبا على الاستهلاك والطلب الكلي الإجمالي، مما يرجح أن يكون مثبطا للنمو.
أخبار ذات صلة
مساحة إعلانية
0 تعليق