كتاب وأكاديميون يؤكدون أهمية استلهام سير الرموز والشخصيات العبقرية بالتاريخ الإسلامي في الإبداع الدرامي والأدبي

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ثقافة وفنون

0

22 مارس 2025 , 02:21م
alsharq

الدوحة - قنا

أكد كتاب وأكاديميون أن سير الرموز والشخصيات العبقرية في تاريخنا العربي والإسلامي تمثل مصدرا للإبداع الدرامي والأدبي والقدوة الروحية، مشددين على أن تلك السير والشخصيات تعد كنزا من كنوز الأمة تتجدد بالتأمل والاستلهام.

أبرز الكتاب والأكاديميون، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أهمية التجارب والدلالات والمعاني التي شكلت رمزية تلك الشخصيات وعبقريتهم، ودورهم في تعزيز الانتماء للأمة، حيث نوه المخرج والأكاديمي القطري الدكتور سعد بورشيد عضو هيئة التدريس في برنامج الفنون المسرحية بكلية المجتمع، بدعم مؤسسات دولة قطر المعنية بالشأن الثقافي والديني، لافتا إلى احتفاء تلفزيون قطر منذ تأسيسه بالثقافة العربية والإسلامية عبر العديد من الأعمال الدرامية، فضلا عن إلقائه الضوء على الشخصيات البارزة في التاريخ الإسلامي بما يعكس أثرها في تعزيز القيم الإسلامية ونشرها وتعريف الآخرين بها.

وأشار إلى استلهام معظم هذه الأعمال سيرة صحابة الرسول الكريم محمد "صلى الله عليه وسلم " والخلفاء الراشدين والمعارك والفتوحات الإسلامية الكبرى وعهود الخلافة الراشدة واللحظات المفصلية في بناء الدول والعهود والممالك الإسلامية، بالإضافة إلى سير الأئمة البارزين، لافتا إلى تميز الأعمال التي تم تقديمها على التلفزيون برؤية إبداعية ومحتوى روحي وثقافي وديني مميز، وبالقدرة على مخاطبة كل الأجيال والمتلقين، لذلك حازت على جوائز محلية وعربية في أرقى المهرجانات والمسابقات الدولية، منها المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون الذي ينظمه اتحاد إذاعات الدول العربية، ومهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون، حيث يستحضر من تلك الأعمال مسلسل الإمام الذي يعالج دراميا أحداث مرحلة مهمة من مراحل التاريخ الإسلامي من خلال شخصية الإمام أحمد بن حنبل، ومسلسل القعقاع بن عمرو التميمي.

وأكد الدكتور سعد بورشيد أن أبرز نماذج استلهام العبقريات الإسلامية والرموز التاريخية في الأعمال الدرامية تظهر في مسلسل عمر الذي عرض عام 2012، وتوج إنتاجا مشتركا بين مؤسسة قطر للإعلام ومركز تلفزيون الشرق الأوسط (mbc) وهو من كتابة وليد سيف وإخراج حاتم علي، ويروي سيرة أمير المؤمنين وخليفة المسلمين الثاني الصحابي عمر بن الخطاب، منوها إلى أن المسلسل يستوحي شخصيته وصفاته وما دار في حياته من أحداث ومعارك.

ولفت إلى أن أحداث المسلسل ووقائعه التاريخية في النص الدرامي راجعتها لجنة شرعية تألفت من عدد من علماء الشريعة والسيرة والتاريخ على رأسهم العلامة الراحل الشيخ يوسف القرضاوي، مضيفا أنه قد تمت ترجمته إلى أكثر من 30 لغة، وشكل إنجازا كبيرا لتلفزيون قطر، حيث شاهده الملايين في كل القارات، وجسد عملا إبداعيا وتثقيفيا رفيعا بالنسبة للمسلمين حول العالم، وصار مادة علمية تدرس لطلاب المدارس الثانوية والجامعات.

ودعا الدكتور بورشيد إلى إثراء التجربة الدرامية القطرية والعربية بمزيد من الاستلهام لرموز الأمة والتاريخ الإسلامي والعبقريات والشخصيات المؤثرة، وتعزيز الثقافة العربية الإسلامية بالنماذج الملهمة للآداب والفنون والدراما.

من جانبه، أكد الكاتب والأكاديمي العراقي الدكتور محمد عياش الكبيسي أستاذ العقيدة والدعوة بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، في تصريح لـ/قنا/، أن استلهام الرموز التاريخية واستذكارهم في مناهج التربية والآداب والإعلام والفنون يمثل ضرورة لتعزيز الانتماء إلى الأمة العربية والإسلامية ومقياسا لعمق هذا الانتماء لأن هذا الاستلهام والاستحضار متعلق بالقضايا الكبرى في واقع الأمة ومستقبلها ومرتبط بالطموح لرفعتها ونهضتها، فمن ناحية هم جزء من هوية الأمة، لأنهم يمثلون تجسيدا لطموحاتها ومكانتها، وحين نستذكر الصحابة رضوان الله عليهم لا نتذكر تاريخا مجردا، بل نستذكر تاريخا له علاقة بنشأة هذه الأمة وتكوينها واتساع رقعتها وإبداعاتها في مجالات العلم والحضارة والعطاء والقوة والعزة والكرامة.

وقال الدكتور الكبيسي: "إننا في الحقيقة نحيي معنى الانتماء لهذه الأمة حين نستعيد سير القادة من أمثال خالد بن الوليد، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة عامر بن الجراح، أو من جاء بعدهم مثل طارق بن زياد أو صلاح الدين الأيوبي، أو حين نستذكر سير الأئمة والعلماء مثل: أبي حنيفة أو أحمد بن حنبل أو الإمام البخاري أو ابن خلدون، كما أن الجانب الآخر من شخصية عبقريات الأمة الملهمة، يتمثل في البعد التربوي لأنهم يختصرون قيم الصدق والكرم والعلم والعطاء والبذل في الأبعاد الرمزية لشخصياتهم، فحين نستحضر سيرة إمام وتاريخه في مجال العلم نقدم نموذجا لمجموعة من القيم التي ترسخ معنى الاهتمام بالعلم ومكانته".

وذكر أن العرب قبل الإسلام كانوا يستحضرون الرموز كوسيلة من وسائل التربية، حيث لمعت في سمائهم نجوم مثل حاتم الطائي في الكرم، وعنترة بن شداد في الشجاعة، وامرؤ القيس بن حجر في الشعر والفصاحة والبيان، معتبرا أن في استلهام واستحضار هذه الشخصيات والرموز الكبيرة التي تختصر معنى الانتماء إلى هذه الأمة وتمثل القيم النبيلة التي نسعى لغرسها في عقول ونفوس وقلوب أبنائنا وأجيالنا القادمة، يعد مسؤولية يجب تحملها في التربية والعلم والتنشئة في الأسرة والمدارس والمجتمع، ومن خلال استلهامها في وسائل الإعلام وفي الأعمال الفنية من دراما ومسرح وأناشيد وقصائد.

 

من جهته، أوضح الكاتب والأكاديمي المصري الدكتور وليد السيد محمد مرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر وعضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، في تصريح لـ/قنا/، أن أحداث التاريخ الإسلامي تعد من أخصب مصادر التأليف الدرامي حيث تعطينا مجالا واسعا لعمل إسقاطات معينة على بعض الرموز والشخصيات التي كان لها بالغ الأثر في الحياة الإنسانية والسياسية والاجتماعية في هذه العصور المتقدمة.

وأكد أن أهمية تناول الرموز والشخصيات العبقرية في تاريخنا الإسلامي دراميا تتجلى في إطلاع الأجيال المعاصرة وخاصة الشباب على تلك النماذج التي يجدر الاقتداء بها، حيث تعمل الدراما التاريخية على الوصل بين الماضي والحاضر، وتقدم ذلك بطريقة تصل إلى قاعدة جماهيرية أكبر بكثير من قاعدة المتخصصين في التاريخ الإسلامي.

ولفت إلى أن من أهم ثمرات تناول سير الملهمين في التاريخ الإسلامي دراميا تثقيف الجمهور تاريخيا بسيرة هؤلاء الأفذاذ العباقرة، وتصحيح بعض الصور النمطية المغلوطة لبعض الشخصيات التاريخية ذات الأثر البالغ في عصرها كشخصية هارون الرشيد التي تم تصحيحها إلى حد كبير بعد تناولها دراميا، إضافة إلى إثارة الفضول المعرفي لدى المشاهد العادي واستثارته للتفكير أو طرح بعض التساؤلات حول الشخصية التاريخية محل المعالجة الدرامية.

وأضاف أنه يمكن في هذا الصدد الإشارة إلى نموذجين مضيئين في تاريخنا الإسلامي، كان لهما عظيم الأثر في إفادة الأمة الإسلامية هما: جابر بن حيان (المتوفى سنة 815م) إمام علم الكيمياء والذي كانت له شهرة كبيرة عند الإفرنج بما نقلوه من كتبه في بدء يقظتهم العلمية، والملك المظفر سيف الدين قطز (المتوفى سنة 1260م) الذي استطاع إيقاف زحف التتار في معركة عين جالوت والذي كاد أن يقضي على الدولة الإسلامية.

وحول الأسلوب الأمثل للاستلهام والمعالجة الدرامية، قال الدكتور وليد السيد محمد مرعي "ينبغي لصناع العمل الدرامي ألا يكون الغرض من تناول سير الرموز والشخصيات العبقرية في تاريخنا الإسلامي مجرد عرض تلك السير بشكل تقليدي أو سرد معلوماتي حيث يسهل الوصول إلى هذا الأمر من خلال الاطلاع على كتب التراجم والتأريخ الموثوقة، وإنما لا بد من طرح رؤية تتصل بهموم الأمة وأزماتها المعاصرة في محاولة للبحث عن إيجاد حلول لها في سير هؤلاء العباقرة الأوائل فلم تعد الدراما مجرد مادة ترفيهية، بل أصبحت كذلك حالة فكرية ووسيلة لنشر الثقافة في المجتمع".

اقرأ المزيد

مساحة إعلانية

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق