
الحاخام شنيور سيغال
تمكنت أجهزة الأمن في أذربيجان من إحباط مخططٍ قالت إنه إيراني، كان يستهدف اغتيال الحاخام شنيور سيغال، أحد أبرز الرموز الدينية في المجتمع اليهودي بالبلاد.
وكشفت التحقيقات الأولية عن تورّط عناصر من "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، بالتعاون مع شبكات إجرامية، في محاولة لتصفية الحاخام، وشنّ هجوم على مركز تعليمي، في إطار حملة تستهدف شخصيات يهودية وناقدة لطهران داخل أذربيجان وخارجها.
وبحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست"، فقد تواصل عناصر من الحرس الثوري الإيراني في خريف العام الماضي مع عجيل أصلانوف، وهو مهرب مخدرات جورجي معروف بسجله الحافل في الجريمة المنظمة، بهدف تنفيذ عملية الاغتيال مقابل مبلغ مالي قُدّر بـ200 ألف دولار.
وتمكنت السلطات الأذربيجانية من إحباط المخطط في يناير/كانون الثاني، وألقت القبض على تاجر المخدرات وشريكه، ووجّهت إليهما تهمًا تتعلق بالتخطيط لارتكاب عمل إرهابي.
وذكر بيان صادر عن جهاز أمن الدولة في أذربيجان أن المتهمَين عملا على جمع معلومات عن أحد أفراد طائفة دينية، وأرسلا بيانات تتعلق بمكان إقامته وعمله إلى جهة استخباراتية أجنبية باستخدام تطبيق هاتفي مخصص.
من جانبه، صرّح الحاخام سيغال بأنه لم يكن على علم بالمخطط، وتلقى الخبر من وسائل الإعلام المحلية، مشيرًا إلى أنه يشعر بالأمان في أذربيجان، ويعيش حياة طبيعية دون خوف.
إيران و"سياسة الاغتيال بالوكالة"
تأتي هذه الحادثة كحلقة جديدة في سلسلة من الهجمات والاغتيالات التي نُسبت إلى إيران، والتي غالبًا ما تنفَّذ عبر شبكات إجرامية، ضمن ستراتيجية تهدف إلى الحفاظ على "الإنكار المحتمل" لتورّط طهران المباشر.
ففي عام 2023، نجا النائب الأذربيجاني فاضل مصطفى – المعروف بانتقاداته الحادة لإيران – من محاولة اغتيال باستخدام بندقية كلاشنيكوف، في هجوم وصفته السلطات بالإرهابي، وربطته بأوامر من "شخصيات دينية رفيعة" في إيران.
ولم تقتصر هذه الممارسات على أذربيجان؛ ففي ألمانيا، كُشف عام 2023 عن مخطط إيراني لاستهداف معابد يهودية، بينما ألقت السلطات في بيرو القبض في مارس/آذار 2024 على مواطن إيراني يُعتقد انتماؤه إلى "فيلق القدس"، بتهمة التخطيط لاغتيال مواطن إسرائيلي.
أما في الولايات المتحدة، فقد أُدين مؤخرًا شخصان بتهمة التآمر لقتل الصحفية الإيرانية-الأمريكية ماسيح ألينجاد، الناشطة المعروفة بمعارضتها لقوانين الحجاب الإلزامي، مقابل 500 ألف دولار عرضها الحرس الثوري.
صراع النفوذ بين باكو وطهران
تندرج هذه الأحداث ضمن توترات أوسع بين أذربيجان ذات الأغلبية الشيعية، وإيران التي تتهمها باكو بمحاولة زعزعة استقرارها من خلال دعم جماعات معارضة، لا سيّما في ظل الدعم التاريخي الذي تقدمه طهران لأرمينيا في نزاع إقليم ناغورنو قرة باغ.
كما تتهم أذربيجان إيران باستغلال الخلافات الدينية لزرع الفتنة، عبر استهداف الأقلية اليهودية التي تعيش بسلام في البلاد منذ قرون.
ويرى محللون أن تصاعد وتيرة الاغتيالات المنسوبة لإيران قد يُفاقم التوترات الإقليمية، لا سيما في ظل التحالف الوثيق بين باكو وكل من تركيا وإسرائيل، الخصمين الإستراتيجيين لطهران.
وقد تدفع هذه الحوادث دولًا غربية إلى تشديد العقوبات على إيران، خصوصًا بعد إدانة محكمة أمريكية لمتورطين في مخطط نيويورك، الذي يُعتقد أنه جزء من ستراتيجية طهران لقمع المعارضين في الخارج.
0 تعليق