خالد الجارالله

24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أول لقاء مع الأخ العزيز السفير خالد الجارالله، رحمه الله، "أبو حازم" نائب وزارة الخارجية السابق، كان في منتصف ثمانينيات القرن الماضي في العاصمة السوفياتية موسكو، ضمن الوفد المرافق للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، حين كان وزيرا للخارجية.

خبر وفاة خالد الجارالله "أبو حازم"، في ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، كان حزيناً وثقيلاً على النفس، فقد عادت الذكريات دون استئذان، والأحاديث الودية، والديبلوماسية، كانت أيضاً تتأرجح بين الابتسامة، وألم الفقد.

في تلك اللحظات الحزينة، تذكرت على الفور الأخ العزيز السفير أحمد الفهد، مدير مكتب صاحب السمو الأمير، حفظه الله ورعاه، لأنه توأم "أبو حازم" لعقود حيث تقاسما خبرات العمل الديبلوماسي، وتدرجا في المناصب معا، وهما بمنزلة الأخوة والأصدقاء والزملاء.

لكنني أجد أنهما أشقاء في الحياة أكثر من أخوة، لأنهما فعلا أخلص بعلاقاتهما مع بعض، فالنصيحة التي تأتي من أحدهما تجد صادها عند الثاني منهما.

"أبا حازم" عرفته إنساناً رائعاً، وديبلوماسيا مخضرماً، صاحب الابتسامة التي كثيراً هدأت نفوس غاضبة في وزارة الخارجية، وساعدت قلوب على العبور بهدوء، وعقول حانقة، وامتص ذلك الهدوء، وتلك الابتسامة الجميلة، الخلافات التي تدب في الوزارة والبعثات الخارجية، كما هو حال باقي وزارات الدولة والأجهزة الرسمية.

لظروف الانشغال، وحرصا على عدم الاثقال، توقفت اللقاءات والاتصالات مع الأخ خالد الجارالله، لكنني حرصت على الاتصال به بعد قرار التقاعد، وقد كان أقل ما يمكن عمله، ووجدته الصوت المبتسم، وصاحب القلب الكبير، والروح الواثبة نحو التسامح، والاحترام...الإنسان الذي يحفظ الود، والمواقف الحقيقية.

في منصبه وحياته المهنية والسياسية، تعرض خالد الجارالله لعواصف من الانتقاد، والغضب، والغيرة، ومشاعر المحبة، والتقدير، والامتنان...تناقضات كثيرة لسنا بصدد ترجيح الخطأ والصواب، لكننا نتفق على أن خالد الجارالله أحد صناع الحلول، داخل الكويت وخارجها، على مختلف المستويات، فهو مبعوث الكويت الحكيم في الأزمات الديبلوماسية، والسياسية، وتلميذ المرجع الديبلوماسي المخظرم الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد.

لدي من الذكريات الجميلة مع المرحوم خالد الجارالله، بأذن الله، رغم طبيعة مسافة العلاقة، بالمقارنة مع غيري من أسرة الحكومة، ووزارة الخارجية تحديداً، فقد كان صادقاً، ناصحاً، بمختلف المناسبات، بما في ذلك حين تعرض لهجوم انتقامي، ونزاع قانوني من طرف قريب عليَّ جداً، مختصماً "الخارجية"، و "أبو حازم".

قبل انعقاد مؤتمر المعارضة العراقية في العاصمة لندن، بادرت بالاتصال الهاتفي، وتبادل الأفكار بصوت عالٍ مع أخي الكبير خالد الجارالله، عن ضرورة تمثيل الكويت في المؤتمر، امتداداً لدور الكويت بدعم المعارضة العراقية، ولقت الفكرة كل الترحيب، والشكر على المبادرة، وطلب امهاله الوقت لمراجعة الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، وفعلا، ودون انتظار طويل، جاء الاتصال الهاتفي من الأخ العزيز"أبو حازم" بطلب حضور المؤتمر، وتمثيل الكويت رسمياً، وتم تنفيذ التوجيه.

الحديث عن خالد الجارالله، اعتبره غير منصف، بل مبتوراً، ومجافياً للواقع، إذا جرى استثناء الأخ العزيز السفير أحمد الفهد عن حياة، ومسيرة، وسيرة "أبو حازم"، فكلاهما اثنان في ضمير إنسان واحد.

خالص التعازي وصادق المواساة لأسرة خالد الجارالله، وللأخ العزيز السفير أحمد الفهد، مع دعواتنا بموفور الصحة والعافية ل "أبو فهد".

رحمك الله يا أبا حازم... أيها الأخ الصديق... يا من نذرت نفسك لوطنك.

سيرة ومسيرة السفير خالد الجارالله، رحمة الله عليه، تستحق التوثيق، والنشر.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق