حتى اللحظة؛ للذكاء الاصطناعي إسهامات مهمة في حل العديد من التحديات المعقدة والتقنيات التي تستنفد جزءاً كبيراً من القدرات البشرية والعقلية، ففي مجالات متعددة كتحسين الرعاية الصحية وتسريع البحث العلمي، وتحسين الكفاءة في مختلف الصناعات كان للذكاء الاصطناعي دور رائد ومهم، ولكن في نفس الوقت هناك تحديات مرتبطة به مثل القلق من فقدان وظائف البشر، قضايا الخصوصية، والاعتماد المفرط على التكنولوجيا وأشياء أخرى تفوق في أهميتها كل ما سبق!
ظهرت بشكل متسارع وخلال فترة زمنية قصيرة، منشورات مرئية معدلة بالذكاء الاصطناعي، وفيديوهات ذات أبعاد سياسية واقتصادية يصعب التحقق من صحتها لغير المختصين، وقد تتحول في المستقبل القريب إلى التضليل السياسي وتأجيج المواقف وتشكيك الناس في الحقائق -ظاهرة تشويش الحقيقة- وفوضى معرفية تؤدي إلى تغيير توجهات الرأي العام في المجتمعات متدنية الوعي، خصوصاً أن عملية تطوير الذكاء الاصطناعي تسير بشكل سريع لنتفاجأ كل يوم بصناعة مطورة لهذا المنتج العصري؛ الذي تفوق على قدراتنا البشرية في السرعة والتحليل وجلب المعلومات وصناعة المستقبل بكل مجالاته.
وعوداً على التساؤل الأول، فالعالم على أعتاب مرحلة جديدة وتحولات هائلة في الفن من مسلسلات وأفلام وحتى الغناء والطرب، وهناك مؤشرات قوية تدل على أن الذكاء الاصطناعي لن يكون مجرد أداة مساعدة، فقد يصبح منتِجاً متكاملاً ومنافساً للفن البشري، وهناك بالفعل أغانٍ جديدة تم إنشاؤها بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي، بعضها بصوت فنانين راحلين أو بأصوات افتراضية، ومسلسلات قصيرة وأفلام تم تأليف نصوصها، وتحريك رسومها وتمثيل شخصياتها بالذكاء الاصطناعي، وبعضها نال اهتماماً وانتشاراً عالمياً، إذاً فالذكاء الاصطناعي يمكنه إنتاج مسلسل كامل، أو تأليف سيناريو، أو إنجاز لوحة فنية في ساعات قليلة وبتكلفة شبه معدومة وميزانية (صفر)، وهذا من شأنه قلب الموازين كلياً وتقليص الحاجة إلى بعض الأدوار البشرية، مثل الكُتّاب، والمصممين، وحتى الممثلين ناهيك عن سوق الإعلانات وانفراجة ميزانيات المعلنين بتصميم المعلن نفسه بالذكاء الاصطناعي!
هل بالغت؟
الحقيقة أن كل شيء وارد، فقبل سنوات قليلة مثلاً، كان الدفع الافتراضي (Apple Pay) ضرباً من الخيال، وكنا نتساءل كيف تصبح بطاقاتنا البنكية الآمنة في جيوبنا وحقائبنا مجرد أدوات وهمية في أجهزتنا. لتصبح اليوم كل تعاملاتنا المالية والمؤسساتية تتم بلمسة على جهاز جوال!
المهم في هذا الصدد أن يتم توجيه الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، مع وضع ضوابط وأطر تنظيمية تضمن الاستفادة منه مع الحد من مخاطره على الأقل في الوقت الحالي!
أخبار ذات صلة
0 تعليق