اسكتش "أمون" يتحول إلى أغنية للبرنامج تستدعي المشاعر
كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية ظهرا،توقيت قياسي بامتياز، حيث ان السواد الأعظم من المستمعين يكونون في سياراتهم منهم من"افتك" من بصمة الخروج الوظيفي، ومنهم من يقل أطفاله من المدرسة متوجها لمنزله، وآخر ربما ضرب مع نفسه موعدا من الاحد إلى الخميس ألزم نفسه في هذا التوقيت تحديدا إما بالجلوس في السيارة أو في الديوانية بجانبه الراديو، مثبتا على الموجة 103,7- كويت FM،بهدوء تام اغنية قديمة بلحنها جديدة بكلماتها تخترق مسامعنا ونستمع لها بـ"حنو" يأخذنا الحنين الى مكان ما، يجبرنا على استرجاع شريط الذاكرة إلى العام 1988 وهي المرة الأولى التي استمعت فيها او شاهدت اسكتش"شهر العسل"،المشاهد التي جمعت بين الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا والفنانة سعاد عبدالله "اطال الله في عمرها" بكاميرا المخرج فيصل الضاحي،مشهد اول ايام شهر العسل،زينة البيت العربي بأسلاك الكهرباء التي تتزين بالليتات الاحمر والاخضر والأصفر،البطة التي تتمخطر وبجانبها الديك وكأنهما من عالمين مختلفين، و"المعرس" وهو في المطبخ مشغول في غسيل "المواعين" بينما زوجته "أمون" تطلب منه بدلع أنثوي ان يمهلها "سنتين" حتى تتعلم "طباخ البيت" لكنهما سرعان ما يختلفان بعدما يقرر المعرس الغاء فكرة السفر بسبب ضيق الحال،اسكتش غنائي اشتهر مجتمعيا وفنيا باسم "أمون شهر العسل" لا تزال تفاصيله حاضرة في ذاكرتي صوتا وصورة، كأنها أول من أمس،"، ما الذي استحضر تلك الذكريات العاطفية في ذروة الظهيرة؟ ومن لديه الصلاحية على إقحام نفسه في إسعاف ذاكرتي كيفما يريد ومتى يشاء؟وكيف يسمح أحدهم لنفسه على اختراق مسامعنا ونحن بلا حراك نغمض عيوننا في واد آخر؟ كيف نستقبله طواعية بابتسامة تعلو المحيا ونمنحه صك الغفران ليلهو بمشاعرنا على مزاجه وسجيته؟،عندما ينتابك هكذا شعور فتأكد بأن وراء القصة المذيع محمد الدغيشم.وأننا في الثانية ظهرا في حضرة برنامج"ساعة كاسيت" على اذاعة كويت اف ام 103,7.
" أمون وساعة كاسيت"
تبدأ الأغنية بمقطع صوت للفنان محمد عبدالعزيز المسلم يقول فيه: بعد الإشارة تكون الساعة إثنان ظهرا..
ثم يدخل صوت الفنان عبدالله عبدالرضا وأمينة:
عبدالله:الله يا أمون يا حلو الكاسيت..
أمينة: وين الكاسيت..سامع انت الحين بأيامنا كاسيت..
عبدالله:أجل أجل..بطلي الراديو بيطلع لك كاسيت..
أمينة:وين الكاسيت..؟
عبدالله: بس مو ذاك الكاسيت مال المحل
أمينة:أيهو عيل..؟
عبدالله:ساعة كاسيت بلش يجمع الأهل..
أمينة:ساعة كاسيت
عبدالله: إيه يبا بلشنا ثنتين الظهرررر
أمينة: قبل العصرررر
عبدالله: والويذر لو كان صيفن او مطر..بيستمر..
أمينة: مع دغيشم..شلون إذا ودي اتصل..؟
تكفى اتصل..
عبدالله: يعني مو حافظة انتي الرقم..؟
أمينة:نفس الرقم.. عاد حافظينه ترى دب الدهر
عبدالله: واخذي الخبر،تتصل تطلب ومطلبك حضر..تامر أمر..
أدري يا أمون... والكل منتظر
بعز الظهر في كويت اف ام دغيشم حضر..
ذاتس باتر..
أمينة: كل خميس احنا لي يوم الاحد..
في ساعة كاسيت
انا ماعندي صبر.. ودغيشم حضر.
"فريق مفاجأة"
فوضى من الأسئلة تزاحمت في خضم الذكريات دفعتني لارسال "مسج" للمذيع محمد الدغيشم لمعرفة كيف تم ولادة فكرة هذه المقدمة ومن شارك بها؟ وكيف تمت صناعة عمل فني متكامل محافظا على الحقوق الأدبية والمهنية لمن عمل في الاسكتش الأصلي، وكانت المفاجأة التي ذكرها المذيع الدغيشم أن صناع هذا العمل جميعهم فنانون، يقول الدغيشم:"كنت قادما من القاهرة للتحضير للدورة البرامجية الإذاعية الجديدة والخاصة باذاعة كويتFm والتي سيتضمنها موسم جديد من برنامجي "ساعة كاسيت"، كان يشغل ذهني التفكير بمقدمة غنائية للبرناج تكون مختلفة وليس على شكل فلاشات كما هي العادة في برامجي الاذاعية،أخذتني الذاكرة الى سكتش شهر العسل الي جمع الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا والفنانة سعاد عبدالله وفعلا بدأت ادندن بكلمات بديلة عن الأصلية، وبمجرد أن وطأت قدمي أرض المطار هاتفت الفنان محمد الحملي الذي وصف الفكرة بـ"مينوونة" وتواعدنا الثانية عشرة فجرا نتواجد في الستديو، وماشاء الله الحملي "هب ريح" بمجرد أن وصلت له وجدته يعزف ويلحن ويوزع، وكانت لدي فكرة بأنني أرغب بأن تكون الاغنية من روح الراحل ابو عدنان، وفعلا وقع الاختيار على الفنان عبدالله عبدالرضا حفيد بوعدنان ومن دون أن اطرح عليه الفكرة طلبت منه المجيء للاستديو وبمجرد أن وصل رحب بالفكرة وقال:" معاك شغل الموسيقى أنا جاهز".
وفعلا سجل الكوبليهات الخاصة به في حين كانت مهمة محمد الحملي اختيار الصوت النسائي أمينة.
" ساعة كاسيت"

بوست"ساعة كاسيت"
يعتبر واحدا من أهم البرامج الاذاعية في الكويت، برنامج يسافر بالمستمعين الى عوالم أشرطة الكاسيت قبل ظاهرة السيديهات والسوشيال ميديا، عندما كان محب الفن والطرب يتعنى الى محلات التسجيلات حتى يشتري شريط طلال مداح او عبدالكريم أو محمد عبده او رابح صقر او الرويشد او رباب ونوال ووائل كفوري وسعد الفهد وفيصل الفرج وراغب وديانا حداد وكاظم الساهر وعبدالمجيد ومشاري العريفان والقائمة تطول من صناع الاغنية الكويتية والخليجية والعربية قبل أن تتجه شركات الإنتاج الى الأقراص الممغنطة "السي دي" وتصبح اشرطة الكاسيت نسيا منسيا حتى جاء الدغيشم ليحييها من جديد ويبث الروح فيها ويرفع من نسبة ادرينالين الذكريات متحديا "منو فيكم ما قال هالغناية تذكرني بـ" صديق أو حبيب أو عابر سبيل"، هي في الحقيقة ليست ساعة كاسيت بل سنوات طويلة من المشاعر والذكريات تفصلنا مسافة زمنية عن أقربها عشرة أعوام وأكثر، هذا البرنامج يقوم على فريق عمل جماعي متحد وقوي سبب نجاحه أن كل عنصر منهم يعرف ما له وما عليه لذا توزيع المهام من الأسس الفنية والإدارية السليمة، لذا تشكل هذه الأسماء محمد الدغيشم ويوسف بودريد وعبدالله العبيد وناصر الجناع واسامة بوشهري وجابر الجاسر كتيبة صعبة المراس تمكنت بفضل لحمتها من تحقيق الانتصار فنيا وموسيقيا على عشرات البرامج المنافسة محليا وخليجيا وهذا ليس قصورا من الآخرين إنما يأتي تتويجا لجهود جبارة وأدوات تصنيع عالية الجودة من ناحية الامساك بالعصا من النص وترك الاختيار بحسب ذائقة المستمعين وهي نقطة مهمة، حيث ان غالبية من ارتبط بالكاسيت هم من اصحاب الذوق الرفيع، وبكل أنانية شخصيا لا أحبذ اغنيات الكارتون والمسرحيات القديمة ليست انتقاصا من مستمعيها انما "مزاجي" على الرغم من أن محبيها كثر ويشكلون شريحة لا يستهان بها من جمهور البرنامج.
"جوائز"

الدغيشم يحمل جائزة أفضل برنامج اذاعي خليجي
برنامج ساعة كاسيت الذي أضاف إلى انجازاته "جائزتين مستحقتين" هما جائزة "الشراع الذهبي" في مهرجان مملكة البحرين في دورته الأخيرة، وجائزة التكريم الخاصة كأفضل برنامج اذاعي في النسخة الأخيرة من مهرجان نجوم الفن والاعلام الذي تشرف على تنظيمه نقابة الفنانين والاعلاميين الكويتية يستوقفك في المكتبة الأرشيفية الهائلة من الاعمال الغنائية التي فعلا تعايشنا معها خلال فترة الكاسيت والاغنية التي يصعب العثور عليها يتكفل فريق البرنامج بالعثور على اغنية مقاربة لها بصوت المطرب نفسه وهذا يجعلني اجزم بأن القائمين على البرنامج ربما يقضون اوقاتا طويلة في التنقل بين محلات التسجيلات لشراء اشرطة معينة وتحميل اغنياتها على السيستم، نقطة لافتة في غالبية برامج محمد الدغيشم هي انه يترك بصمة من خلال إفيه أو لزمة اوفلاش غريب ومن دون مبالغة، له السبق في ابتكار هذه الظاهرة التي تشبه شخصيته الى درجة أنها اصبحت سنة حميدة في غالبية الاذاعات الحكومية والخاصة.ختاما "ساعة كاسيت" رحلة مجانية لمن يرغب بالعودة الى ماضيه الجميل وسبر اغوار عوالم العاطفة والمشاعر.
0 تعليق