
المسلم يتوسط فريق عمل البيت المسكون
الجمهور ساهم في "فك الألغاز والطلاسم"... "الأصلي يظل أصلي"
فالح العنزي
"مسرحية متعوب عليها ومصروف عليها صح" تعمدت أن أبدأ هذه السطور من خلال وصف للانطباع الخاص الذي تشكل بعد حضور مسرحية الرعب الكوميدية الهادفة "البيت المسكون ق6 ش6 م6" للفنان الدكتور عبدالعزيز المسلم والذي كان واضحا بأنه يريد تقديم فكرة جديدة برؤية اخراجية مختلفه عما هو سائد في عالم مسرح الرعب المدرسة التي أصبح عمرها ثلاثين عاما يرجع الفضل في تأسيسها لمسرح السلام ولا يزال بريقها لامعا في منطقة الشرق الأوسط ويسجل باسم فنان كويتي هو الدكتور عبدالعزيز المسلم، وعلى الرغم من كافة التجارب التي قدمت لاحقا في مجال مسرح الرعب بما فيهامن خدع ومؤثرات صوتية واقنعة وماسكات يظل المسلم هو المتسيد و"الأصلي يظل أصلي".
"السينوغرافيا"
المخرج الشاطر هو من يشد المتلقي من الوهلة الأولى ويجعله يتسمر على مقعده من دون حراك خشية أن تفوت ثوان تحمل معها حدثا معينا وهذا ما حرص عليه مخرج النسخة الجديدة من "البيت المسكون" بمجرد أن ترفع ستارة المسرح يجد الجمهور أنفسهم في منزل حقيقي مكون من ثلاثة طوابق بتفاصيلها وديكورات ضخمة بما فيها من إكسسوارات وخزانات مصنوعة من خشب العاج والصولجان، لوحات وصور موزعة على جدران المنزل تحمل دلالات خاصة وتشكل جزءا من الاحداث، كلفة مادية إن لم تصرف بالشكل المناسب والمطلوب لن تجد مسرحا يمكن ان ينقلك من مقعدك بين الجمهور الى خشبة المسرح وهذه هي المنهجية التي يسير عليها الفنان الدكتور عبدالعزيز المسلم في كافة اعماله التي ينتجها من خلال مؤسسة السلام للانتاج الفني وإن حاول الكثيرون السير على خطاه لكن يظل "الأصلي أصلي".
"نسخة جديدة"
فكرة العودة الى سلسلة الأجزاء في المسرح ربما يعتبرها البعض مغامرة على عكس التلفزيون أوالدراما لكن عندما يقف وراء الفكرة فنان صاحب تجارب سابقة وباع طويل ونجاحات متكررة تكون المهمة "سهالات" من ناحية التنفيذ"صعبة" من ناحية الكلفة الانتاجية وكسب جمهور جديد ومختلف، لذا عندما قرر المسلم أن يقدم نسخة جديدة من مسرحية "البيت المسكون" حرص على أن تكون الفكرة ليست مستنسخة في كل تفاصيلها وفي مقدمها اسم المسرحية الذي فعلا لفت الانتباه بمجرد الكشف عنه وهو " البيت المسكون ق6 ش6 م6"، العنوان كان غريبا يثير التساؤلات لماذا تكرار الرقم "6" ومن هو قريب من صناعة العمل المسرحي يعي تماما بأن كل شيء في العمل المسرحي يحمل اما دلالة او رمزية، ومثلما يقول المثل الدارج " اذا عرف السبب بطل العجب" اذ تكشف الأحداث بأن "الثلاث6، 6، 6" تعني ثلاث نساء تلبسن "شيهانة" زوجة"اعبيد" ضمن أحداث المسرحية ومن هنا كانت بداية جر قدم المتلقي واشغال تفكيره في فك الألغاز والطلاسم، وهل ما يحدث فوق الخشبة للشخصيات خصوصا "اعبيد" هو حقيقة أم أوهام وتخيلات؟.
"رهان"
في أي منتج فني تظل الفكرة هي ديدن النجاح أو الفشل ثم يأتي بعدها السيناريو والحوار وحسن اختيار الممثلين وذلك لا يتحقق إلا بوجود مخرج " فاهم" اللعبة "داخل" و"خارج" الصندوق، يعمل على توظيف عناصره بشكل سليم ويقدمها على اكمل وجه، وهذا تحقق في النسخة الجديدة من مسرحية "البيت المسكون" خصوصا وأن مؤلف ومخرج وبطل المسرحية ليس "هاويا" بل "محترفا" و" صانع مسرح" و"خبير ضليع" بكل تفصيلة فوق الخشبة لذا توافرت عناصر العمل الجيد والناجح واستمتعنا بمشاهدة لوحات فنية قوامها الإبهار والفرجة البصرية واعطاء كل ذي حق حقه فوق الخشبة وخارجها وفق مبدأ"الممثل الصح في المكان الصح" وهو مبدأ مهم يفتقده بعض صناع المسرح الذين يبحثون عن عدد "فلورز" الممثل لا موهبته.
"أداء وتمثيل"
يشارك في بطولة المسرحية إلى جانب الفنان الدكتور عبدالعزيز المسلم كوكبة من الفنانين منهم شهاب حاجية وباسمة حمادة وخالد المفيدي وفوز الشطي وإبراهيم الشيخلي وعبدالله ومحمد عبدالعزيز المسلم وهبة العبسي ومصطفى أشكناني وغيرهم، تدور فكرة المسرحية حول "اعبيد" الذي يشتري منزلا حتى يجتمع مع أشقائه من والده الذي توفي، وفي خطة ممنهجة يلتقي "اعبيد" عبدالعزيز المسلم بـ"صنيتان" "عبدالله المسلم" الذي يوهمه بالزواج من شقيقته "شيهانة""فوز الشطي" التي تدعي بأن ثلاث نساء من الجن تلبسنها وأن علاجها لن يتم الا بعد ان يتنازل لها عن ملكية المنزل ومليوني دينار."اعبيد" كونه انسانا طيبا يسعى قدر استطاعته لمعالجة زوجته قبل أن تتكشف الخدعة الكبيرة وأن "صنيتان" و"شيهانة" هما في الحقيقة "سمير" و"سميرة" يدفعان ثمن نصبهما وان كانت سميرة قد وقعت في حب "اعبيد" لكن بعد فوات الأوان، يحمل الفنان عبدالعزيز المسلم مسؤولية العبء الأكبر من المساحة الحوارية الى جانب فوز الشطي كون ان القصة تدور حول زواجهما، في حين يبرز باقي الفنانين بأدوارهم كل بحسب شخصيته مثل الفنانة باسمة حمادة بشخصية أرملة الأب اللبنانية، ممثلة لها مكانتها وتشعل حيزا مهما فوق الخشبة، الفنان شهاب حاجية الذي يتولى مسؤولية "الفرش" ووجودة يشكل عصبا رئيسيا، الفنانة فوز الشطي احدى ايقونات مسرح عبدالعزيز المسلم وفي كل مرة تثبت بأنها ممثلة بقدرات متنوعة ومختلفة وفي النسخة الجديدة من البيت المسكون مارست هوايتها في الغناء وحصدت تفاعلا ايجابيا، الممثل ابراهيم الشيخلي الذي يعتبر واحدا من نجوم المسرحية، الفنان عبدالله المسلم جوكر"وفنان يسير على خطى والده ويمتاز بتنفيذ اللوحات الاستعراضية الغنائية التي شكلت اضافة كبيرة في المسرحية، الثنائي محمد المسلم وهبة العبسي سيكون لهما شأن في مسرح السلام،اما الفنان خالد المفيدي ومصطفى اشكناني كانت لديهما مهمة نجحا فيها بامتياز.الجمهور تفاعل بشكل كبير مع الرؤية الاخراجية ومفاجآت لا تتوقف مثل نظام الطيران فوق المقاعد، والخدع البصرية، والمؤثرات البصرية والسمعيّة والاستعراضات اللافتة، خصوصاً في أغنية "الزار" و"احنا الخافي والمكشوف".
0 تعليق