هذا الجدل الدائم يفتح الباب للتساؤل حول مدى مصداقية بعض الجوائز العالمية في قطاع الطيران، وهل هي فعلًا تعكس جودة الخدمات، أم أنها تُمنح بناءً على مصالح معينة؟
يعرف الجميع أن هناك العديد من الجوائز التي تُمنح في مجال الطيران، منها ما تصدره منظمات معترف بها وذات سمعة قوية، مثل جوائز Skytrax الشهيرة؛ التي تستند إلى استطلاعات رأي واسعة بين المسافرين حول العالم، وتشمل تقييم تجربة السفر بشكل شامل من حيث الراحة، النظافة، الخدمات، التعامل مع الركاب، والطعام، وغيرها. وهناك أيضًا جوائز ACI (مجلس المطارات الدولي)؛ التي تعتمد على استطلاعات رأي تُجرى على المسافرين داخل المطارات لحظة تجربتهم الفعلية، الأمر الذي يعطيها قدرًا من الواقعية والمصداقية.
في جانب آخر، توجد جوائز تُمنح من قبل مؤسسات إعلامية أو تسويقية، وغالبًا ما تكون جزءًا من حزمة دعائية تشمل المشاركة في فعاليات معينة أو دفع رسوم اشتراك، من هنا تبدأ التحفظات أو الشكوك.
معايير التقييم تختلف حسب الجهة المانحة، فبعض الجوائز تركّز على تجربة الركاب فقط، وأخرى تتعلّق بالابتكار والاستدامة البيئية، أو الأداء المالي، وبعض الجوائز يُقيَّم فيها الأداء التشغيلي والانضباط الزمني للرحلات، بينما تعتمد أخرى على مدى رضا الموظفين أو جودة صالات الانتظار والخدمات الأرضية، بالتالي تكون المعايير نفسها قابلة للتأويل أو التأثير بحسب الجهة التي تُعد التقرير، خصوصًا إذا كانت هناك مصالح تجارية متبادلة.
المشكلة لا تنحصر فقط في آلية التقييم، بل تتعداها إلى المبالغة في استخدام هذه الجوائز بعد الفوز بها، فبعض الشركات تستخدمها كأداة دعائية، سواء كانت الجائزة مُنحت بناء على استحقاق حقيقي أم لا، وهذا ما يجعل الجمهور (خاصةً في عصرنا الرقمي الذي تتوفر فيه المعلومات بسرعة) أكثر قدرة على التمييز، ما يقلل من تأثير الجائزة إذا شعُر المتلقي بعدم شفافيتها.
في الواقع، لا يمكن القول إن جميع الجوائز تُشترى أو تفتقر إلى المصداقية، فهناك جهات ما زالت تحافظ على نزاهتها وتخضع معاييرها للتدقيق والمراجعة المستمرة. لكن في المقابل، توجد أيضًا جوائز تُمنح بناء على اتفاقيات تجارية، أو تكون مشروطة بحضور حفلات بمقابل أو إعلانات مدفوعة ضمن حزمة تسويقية متكاملة.
لذا، يظل من المهم النظر إلى الجوائز كعامل مكمّل وليس كعنصر وحيد لتقييم جودة الخدمة؛ لأن الحكم الحقيقي يأتي من تجارب المسافرين الفعلية، ومدى التزام الشركة أو المطار بالمعايير على أرض الواقع، لا بما يُعلن عنه في المناسبات الاحتفالية؛ لأن من رأى ليس كمن سمع والتجربة خير برهان.
أخبار ذات صلة
0 تعليق