«إس آند بي»: تأثيرات تصاعد التوترات التجارية غير المباشرة قد تكون كبيرة... خليجياً

المصدر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف


- بنوك الخليج قادرة على مواجة التداعيات المحتملة بمستويات جيدة من السيولة والربحية ورأس المال
- الانخفاض الكبير في أسعار النفط على الإنفاق قد يؤدي إلى زيادة القروض المتعثّرة
- توقعات بأن يظل تأثير تقلبات سوق رأس المال على البنوك قابلًا للإدارة

تعتقد وكالة «إس آند بي غلوبال للتصنيفات الائتمانية» أن هناك درجة عالية من عدم القدرة على التنبؤ بتنفيذ السياسات من جانب الإدارة الأميركية والاستجابات المحتملة، خصوصاً في ما يتعلق بالتعريفات الجمركية، لافتة إلى أنه رغم الحجم الصغير للصادرات الخليجية المباشرة إلى الولايات المتحدة، فإن التأثيرات غير المباشرة لتصاعد التوترات التجارية قد تكون كبيرة.

وأشارت إلى أن تقلبات السوق وعزوف المستثمرين عن المخاطرة تُعدان من التهديدات الأكثر إلحاحاً، وأن البنوك تبدو قادرة على التعامل مع هذه الضغوط، متوقعة أن يؤدي الانخفاض الكبير في أسعار النفط على الإنفاق الحكومي والمعنويات الاقتصادية إلى زيادة القروض المتعثرة، رغم ترجيح أن يؤثر على ربحية البنوك وليس قدرتها على الوفاء بالتزاماتها.

منذ دقيقة

منذ دقيقة

ظروف الائتمان

وترى «إس آند بي» أن التوترات التجارية العالمية المتصاعدة تؤثر سلباً على ظروف الائتمان العالمية، وتهدد البيئة التي كانت حتى وقت قريب مواتية لمعظم المقترضين، وفي حال طبقت الإدارة الأميركية الرسوم الجمركية المعلقة بالنسب التي أعلن عنها في البداية، فإن التداعيات الاقتصادية ستكون واسعة وعميقة، مرجحة أن تؤدي حالة عدم اليقين السائدة إلى تراجع ثقة الشركات والمستهلكين أكثر وتزايد المخاوف في شأن الاستثمار المؤسسي والتوظيف والإنفاق الاستهلاكي والنشاط الاقتصادي عموماً.

وفي هذا السياق، اختبرت «إس آند بي» قنوات نقل المخاطر الائتمانية المحتملة للبنوك في دول الخليج. بناءً على سيناريوهات ضغط افتراضية، لافتة إلى أن هذه البنوك قادرة على التعامل مع التداعيات المحتملة بفضل امتلاكها لمستويات جيدة من السيولة والربحية ورأس المال.

عزوف المستثمرين

وذكرت الوكالة أن البنوك الخليجية في وضع جيد لمواجهة هذه التهديدات، وتمثل محافظها الاستثمارية عادةً بين

20 %-25 في المئة من إجمالي أصولها، وتميل أدوات الدخل الثابت عالية الجودة إلى الهيمنة، مع مساهمة محدودة من الاستثمارات الأكثر خطورة. ولذلك، تتوقع أن يظل تأثير تقلبات سوق رأس المال على البنوك قابلًا للإدارة. إضافة إلى ذلك، من غير المرجح تحقق الخسائر ما لم تحتج البنوك إلى تسييل بعض الاستثمارات للتعامل مع هروب رأس المال، الأمر الذي لا تتوقع حدوثه.

وبالنسبة لبعض البنوك التي تنشط في قطاع الخدمات الاستشارية لأسواق الدين أو رأس المال، لفتت الوكالة إلى أن التقلبات الحالية قد تؤدي إلى انخفاض الإيرادات. ومع ذلك، تسهم هذه الأنشطة - في المتوسط – بنسبة متواضعة فقط في إيرادات البنوك، مفيدة أن بعض البنوك الخليجية تعتمد بدرجة أكبر على أسواق رأس المال أو استثمارات الأسهم الخاصة، وبالتالي قد تكون أكثر عرضة للمخاطر. ويُعد الإقراض بالهامش مصدراً آخر للمخاطر مع انخفاض التقييمات. مع ذلك، تدرك الوكالة أن مساهمة هذه القروض في إجمالي دفاتر الإقراض لدى البنوك محدودة وأن تغطيتها لهذه القروض بالضمانات تميل إلى أن تكون متحفظة.

وفي الوضع القائم، تتوقع «إس آند بي» أن يُخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس فقط هذا العام وأن تحذو البنوك المركزية الخليجية حذوه. وهذا سيدعم ربحية البنوك الخليجية. مع ذلك، في حال انخفضت أسعار الفائدة بحدة أكبر، فإن انخفاض الهوامش واحتمال تباطؤ نمو الإقراض قد يؤدي إلى إضعاف ربحية البنوك.

هروب افتراضي

ونظراً لتقلبات السوق الحالية، رجحت «إس آند بي» أن تشهد البنوك الخليجية انخفاضًا في تدفقات رأس المال، وبعضها قد يشهد حتى هروباً للتمويلات. ولتحديد حجم المخاطر، وضعنا سيناريوهات ضغط افتراضية تفترض هروباً كبيراً للتمويل الخارجي، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، هروب 50 في المئة من الودائع بين البنوك لغير المقيمين و30 في المئة من ودائع غير المقيمين، وبافتراض تراجعاً للأصول الخارجية.

ووفقاً لحسابات الوكالة، يبدو أن معظم الأنظمة المصرفية الخليجية قادرة على التعامل مع هروب الأموال الافتراضي، وتعتبر البنوك القطرية أكثر عرضة للخطر من الأنظمة الأخرى في المنطقة بسبب صافي مركز ديونها الخارجي الكبير، ولكن سجل الحكومة القطرية القوي في دعم البنوك وقدرتها على مساعدتها خلال الأزمات يخفف من المخاطر.

انخفاض النفط

ونوّهت «إس آند بي» إلى أن تصاعد التوترات التجارية أدى إلى انخفاض كبير في أسعار النفط. وأنها عدّلت افتراضاتها لسعر النفط إلى 65 دولارًا للبرميل لبقية 2025، وتعتقد أنه هذا سيؤثر على الأرجح على الإنفاق الحكومي والنمو الاقتصادي في المنطقة. وفي حال انخفاض أسعار النفط أكثر، فقد يعني هذا انخفاض النمو الاقتصادي في كل من القطاعين النفطي وغير النفطي، وزيادة الضغوط على مؤشرات جودة الأصول لدى البنوك.

ولفتت إلى أن ردة فعل الجهات التنظيمية تعتبر مهمة أيضاً في تقييم كيفية تطور الوضع. على سبيل المثال، أثناء جائحة كوفيد-19، قدمت الهيئات التنظيمية تسهيلات ساعدت البنوك على التعامل مع حالة عدم اليقين. ونتوقع أن يتخذوا إجراءات مماثلة إذا تجاوز تأثير التوترات التجارية العالمية على اقتصادات دول الخليج توقعاتنا الحالية.

بنوك الخليج أظهرت مؤشرات قوية لجودة الأصول

بيّنت «إس آند بي» أن البنوك الخليجية أظهرت مؤشرات قوية لجودة الأصول قبل بدء التوترات، حيث بلغ متوسط نسبة القروض المتعثرة 2.9 في المئة لأكبر 45 بنكاً في المنطقة بنهاية 2024. وكانت البنوك احتفظت أيضًا بمخصصات تزيد عن 150 في المئة من حجم من قروضها المتعثرة في نفس التاريخ، ما يوفر لها بعض الحماية لامتصاص الصدمات الإضافية، إضافة إلى ذلك، تظل ربحية البنوك الخليجية جيدة نسبياً، مع عائد على الأصول بنسبة 1.7 في المئة بنهاية 2024، وتستمر البنوك في إظهار رسملة قوية، حيث بلغ متوسط نسبة رأس المال من الشريحة الأولى 17.2 في المئة في التاريخ نفسه.

ولتقييم قدرة البنوك على الصمود، اختبرت الوكالة سيناريوهين افتراضيين للضغط، ويفترض الأول زيادة محتملة في القروض المتعثرة 30 في المئة عن الرقم المسجل نهاية 2024، ويحدد نسبة القروض المتعثرة عند 5 في المئة على الأقل، أيهما أعلى. ويفترض السيناريو الثاني زيادة 50 في المئة ويحدد نسبة القروض المتعثرة عند 7 في المئة على الأقل.

ووفقًا لحسابات الوكالة، فمن المرجح أن تسجل 16 بنكًا من أكبر 45 بنك في المنطقة خسائر تراكمية قدرها 5.3 مليار دولار في السيناريو الأول. وترتفع الخسائر إلى 30.3 مليار في الثاني، ما يؤثر على 26 بنكًا من أكبر 45 بنكاً.

وفي كلا السيناريوهين، ترى «إس آند بي جلوبال» أن التأثير التراكمي أقل من 60 ملياراً في صافي الدخل الذي حققه أكبر 45 بنكًا في دول الخليج بـ2024. وهذا يعني أنه حتى في أسوأ السيناريوهات لدينا، لاتزال تتوقع أن تؤثر الصدمة على ربحية البنوك وليس على قدرتها على الوفاء بالتزاماتها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق