في شعبان الماضي، سجلت أصوات فناجين «صب القهوة السعودية» في قمة الرياض، ملمحاً يعكس قيمة الترحاب ليكون حديث القنوات والمنصات الإعلامية العالمية،
وفي أحد تصريحات وزير السياحة أحمد الخطيب، قال: إن أكبر عنصر يفرق بيننا وبين المدن السياحية الأخرى حول العالم هو وجود العنصر السعودي، ولهذا تم الحرص الكبير على تدريب ١٠٠ ألف سنوياً.
ومن الأمثلة الرائعة، ما قام به الشابان حسن ويزن، في جذب اهتمام السياح الأجانب، وكرمهما وزير السياحة، وقال: «سعدت بتكريم حسن عواد ويزن عبدالرحمن، من سكان قرية رحيب في منطقة المدينة المنورة، نظراً لاستقبالهما للسياح والزوار بكل كرم وحفاوة، وإبداء أروع الصور للمجتمع السعودي الكريم، وسرني ما بدر منهم تجاه سياح وزوار السعودية»
شيلا البريطانية:
موسم ورد خيالي
«عكاظ» التقت بالسائحة شيلا من بريطانيا، التي أبدت انبهارها بما لمسته من ترحيب وضيافة؛ إذ تناولت القهوة والتمر، وتم تقديم الطيب إليها، وأُخِذَت في جوله لأحد أسواق الإبل، وقالت: حالياً يوجد الكثير من الفعاليات في المملكة، والجميل أنها منظمة كمواسم على طوال السنة في عدة مدن مثل الرياض وأبها الباحة والطائف. وتضيف شيلا «في بداية موسم الربيع، حضرت موسم الورد الطائفي واستمتعت بمقابلة حضور المهرجان وأصحاب مزارع الورد، وفي كل زيارة موسم جديد أتعرف على ثقافة جديدة للمجتمع، وسرّني كثيراً حسن التعامل والترحيب الذي يعد شيئاً يتميز به السعوديون»
الضيافة وحرارة السلام
رئيس فرع الاتحاد الدولي للسياحة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا يونس السليمان، يقول: إن الترحاب السعودي هو البوابة الأولى للدخول إلى عالم الضيافة الأصيلة، وتشكّل العادات والتقاليد السعودية الركيزة الأساسية للسياحة الثقافية، ووفقاً لتصنيف منظمة الأمم المتحدة للسياحة، تعد هذه العادات والمراسم جزءاً لا يتجزأ من تجربة السياحة الثقافية التي تسعى إلى تقديم فهم أعمق للثقافة المحلية، والترحاب السعودي مفتاح معرفة العادات والتقاليد وليست مجرد معلومات عامة، بل مفتاح للاندماج الثقافي الحقيقي واكتشاف نمط حياة السكان المحليين. وتمثّل التجربة أكثر من مجرد زيارة للأماكن السياحية، فهي تدعو السائح لاستكشاف التراث والتاريخ والممارسات الفريدة التي تجعل من السعودية وجهة مميزة في السياحة الثقافية.
وأضاف السليمان: إن من أبرز الممارسات، تأتي مراسم الضيافة السعودية، في حرارة السلام والترحيب وتقديم القهوة العربية، وتبادل التحيات التقليدية، التي ليست مجرد تقاليد يومية بل تعكس هوية ثقافية تشكّلت عبر قرون طويلة.
ليست مراسم.. ثقافة أصيلة
السليمان يقول: إن السياحة الثقافية في السعودية لا تقتصر على زيارة المتاحف والمهرجانات، بل تشمل أيضاً الأسواق المحلية والطعام السعودي الأصيل، ما يجعل من الحياة اليومية للسكان المحليين جزءاً لا يتجزأ من التجربة السياحية. ولعل الترحيب السعودي، الذي أصبح اليوم علامة تجارية سعودية عالمية تحت شعار أهلاً بالعالم، يُعد مثالاً حياً على روح الانفتاح والضيافة التي تسعى المملكة إلى تقديمها للعالم.
ويؤكد السليمان، أنه بينما يبحث السائح التقليدي عن الترفيه في الأماكن الشهيرة، يتوق السائح الثقافي إلى التعمق في التفاصيل التي تكشف عن هوية المكان، وهذا النوع من السياح يتجاوز السطح ليكتشف التاريخ المحلي والعادات الفريدة، بدءاً من حفاوة الاستقبال، مروراً بالأكلات التراثية، وانتهاءً بتجارب الحياة اليومية. ويضيف: إن هذه التفاصيل الصغيرة تمثّل القوة الناعمة للسعودية، التي تعزز مكانتها على الصعيد العالمي. وأضاف أن السياحة الثقافية في السعودية تمنح المسافرين فرصة فريدة للانغماس في جوهر الثقافة المحلية. فهي تأخذهم في رحلة لاكتشاف تاريخ المملكة وتقاليدها، وتجعلهم يعيشون بين تفاصيل حياة السعوديين اليومية، وهذا التفاعل المباشر يخلق تجربة غنية تترك أثراً عميقاً في قلوب الزائرين.
ولفت السليمان إلى أن الترحيب السعودي، بكل ما يحمله من دفء وأصالة، ليس مجرد مراسم ضيافة بل رسالة حضارية تعبّر عن ثقافة وهوية فريدة تطورت عبر آلاف السنين. هذه الرسالة هي ما يجعل من السياحة الثقافية في السعودية جسراً يربط الماضي العريق بالحاضر المزدهر، ويضع المملكة في مصاف الوجهات السياحية الأكثر تميزاً في العالم.
مرحباً بكم في السعودية
أستاذ التواصل بجامعة الملك سعود، طارق الأحمري، يرى أن الترحاب علامة سعودية فارقة في ثقافات العالم، ولا شك أن ما يصنع أقوى تأثير إعلامي حقيقي هو فتح الباب للسياح للتجربة والعيش والقرب من المجتمع والثقافة السعودية، وهذا ما يجعل كثيراً من السياح ينجذبون من جمال التجربة حين يأتون للسعودية، وتجد أغلب آرائهم عن التجربة تتمحور حول المجتمع، شبابنا وبناتنا نشأوا على الترحيب بالضيف في عاداتهم وتقاليدهم التي ورثوها من أجدادهم. وأضاف الأحمري: إعلامياً هذا يؤثر ويصنع فارقاً في عدة أمور أولاها هو تعزيز الصورة الإيجابية ونقلها للعالم؛ لأنه إذا شعر السياح بالود وحسن الاستقبال سينقلون تجربتهم إلى الآخرين عبر التوصيات الشخصية أو التقييمات على الإنترنت والشبكات الاجتماعية، ما يعزز سمعة الوجهة السياحية عالمياً، كذلك الانطباعات الأولى تؤثر بشكل كبير، والاستقبال هو أول الانطباعات ويصنع فارقاً جيداً يساعد السياح على الشعور بالراحة والاستمتاع، ويرى أن الترحاب يحث السياح على تناقل الفيديوهات وصناعة التقارير الإعلامية الرسمية أو الشخصية ما يُظهر الانفتاح على الثقافات المختلفة ومدى تقبل السكان المحليين للسياح، ما يعزز التواصل الثقافي ويزيد من جاذبية الوجهة.
ذكريات لا تُنسى
في رأي الإخصائية النفسية أمل الجهني، أن الترحيب والبشاشة اللتين تميز بهما المجتمع السعودي ليستا مجرد مظاهر للضيافة، بل تعكسان مشاعر وأحاسيس مؤثرة تساهم في خلق انطباع إيجابي لدى السياح، ومن الناحية النفسية، يُشعِر الاستقبال الحار الزوار بالأمان والراحة، ما يجعلهم أكثر انفتاحاً للاستمتاع بتجربتهم ومشاركة قصصهم مع الآخرين.
وقالت الجهني: عندما يتعرف السياح على ثقافة الضيافة السعودية بشكل مباشر من خلال زيارة الأسر والعوائل، تتحول زيارتهم إلى تجربة إنسانية فريدة تعزز الروابط الثقافية وتترك في نفوسهم أثراً عميقاً يدفعهم للعودة مجدداً.وأضافت: إن تكريم النماذج التي أظهرت كرم الضيافة يعكس الدور الكبير لهذه القيم في تعزيز مكانة المملكة كوجهة سياحية عالمية. فالترحيب السعودي ليس مجرد تقليد، بل رسالة ثقافية وإنسانية تُسهم في تعزيز تجربة الزائر وبناء ذكريات لا تُنسى.
الاسترخاء والتحرر من التوتر
المستشار الأسري الدكتور صالح الزهراني، قال: إن مهرجانات السياحة في السعودية ليست مجرد فعاليات ترفيهية وجوانب اقتصادية فقط، بل هي منصات تعزز من تواصل المجتمع وتساهم في بناء أسرة قوية ومتماسكة من خلال تعزيز الهوية الوطنية وتقوية الروابط الاجتماعية ودعم الاقتصاد المحلي، إذ إن المهرجانات تلعب دوراً محورياً في تطوير المجتمع وتحسين جودة الحياة. وأضاف: إن حضور مثل هذه الفعاليات له الأثر الكبير على الأسرة من عدة جوانب؛ أولها توفير فرصة للعائلات لقضاء وقت ممتع ومفيد معاً.. حيث يمكنهم مشاهدة العروض المسرحية والمشاركة في الأنشطة الثقافية والفنية المتنوعة؛ ما يعزز الروابط الأسرية ويخلق ذكريات جميلة، ولفت الزهراني إلى أنه في الجانب الثاني، يساهم في تنمية الوعي الثقافي والفني لدى الأطفال والشباب ما يساعدهم على تطوير مهاراتهم الإبداعية والتفكير النقدي من خلال مشاهدة المسرحيات والمشاركة في ورش العمل فيتعلم الأطفال أهمية الفن والثقافة في حياتهم..
وفي الجانب الثالث، طبقاً للمستشار الاجتماعي الدكتور صالح جعري الزهراني: بشكل عام تعتبر الأنشطة الاجتماعية والثقافية جزءاً مهماً من الصحة النفسية؛ فالمشاركة في المهرجانات يمكن أن تساعد الأفراد على الاسترخاء والتخلص من التوتر الأمر الذي يساهم في تعزيز الصحة النفسية والعاطفية.
200,000
وظيفة سياحية
مستشار الموارد البشرية الدكتور خليل بن سعد الذيابي، قال: إن موسم الرياض، على سبيل المثال، أسهم بشكل ملحوظ في تعزيز سوق العمل السعودي من خلال توفير آلاف الفرص الوظيفية في مجالات متعددة، بما في ذلك تخصصات جديدة. وأضاف: إن الفعاليات وفّرت أكثر من 200 ألف وظيفة منذ انطلاقة الموسم، وتختلف الرواتب بناءً على نوع الوظيفة، الخبرة، وطبيعة العمل (مؤقت أو دائم). وأشار الدكتور الذيابي إلى أن أبرز التخصصات الجديدة التي وفّرها الموسم تتمثل في إدارة الفعاليات والتسويق وتنظيم الحشود والسلامة العامة والضيافة والسياحة والإعلام والتغطية الصحفية والتقنيات الترفيهية والإنتاج الفني.
وعن استدامة هذه التخصصات قال الذيابي، «موسم الرياض» يسعى إلى تحويل بعض مناطقه إلى وجهات دائمة، مما يساهم في خلق فرص وظيفية مستدامة، وعلى سبيل المثال، منطقة «فيا رياض» وتُعد من المناطق التي تستمر فعالياتها بعد انتهاء الموسم، ما يعزز من استدامة الوظائف في هذه المجالات. بالإضافة إلى ذلك، فإن فعاليات الموسم طوّرت مهارات الشباب السعودي، مما يؤهلهم لفرص عمل مستقبلية في قطاعات الترفيه والسياحة المتنامية في المملكة.
أخبار ذات صلة
0 تعليق