شفافيات
...وايضا وماذا تريد الثورة من الشعب السوري؟
بعد اطلاعي على نتائج "الربيع العربي" في بلدانه، وما آل اليه الوضع بعد سقوط الانظمة الديكتاتورية هناك؛ فلقد انهكت الشعب تلك الثورات، حتى رحل الثوار طوعاً أو كرهاً، وعادت الديكتاتورية تحكم من جديد بوجوه أخرى، وعاد الشعب للاستكانة أمام الانتهازيين تاركين "القرعة ترعى" كما يقول المثل.
بعد اطلاعي على هذا فإنني أرى أن الشعب السوري لن يكون عبئاً ثقيلاً على الثورة لأسباب عديدة؛ ومنها أن هذا الشعب الذي عاش بين الهجرة والتهجير، أو بين البقاء تحت ظلم وتعسف وعنصرية النظام وقهره، وسجونه المظلمة الفاتكة بكل قيم الإنسانية، برأيي أن الشعب السوري الذي عاش حقباً من التاريخ تحت ظلم الأب الطاغية حافظ، وبين الابن الأكثر طغياناً وتعسفاً وحيلة ومكراً، برأيي أن الشعب حاليا يبحث عن الراحة بعد العناء النفسي العظيم، الذي ناله دهر الدهارير.
وإنه الآن يريد أن يتنفس الصعداء، ويشم هوى الشام من جديد؛ لكن لا يجب أن يتوقع أن الجماهير المتعطشة للحرية في نظام سياسي جديد، سيكون شعبا من الحكماء، فإن الجماهيرية إذا اجتمعت يتحول الجمهور فيها غوغاء، كما يقول الروس؛ وهنا محك محنة، واختبار للقيادة الثورية في كيفية استيعاب طموح الشعب الجائع، أمنيا ونفسيا وسياسيا ومعيشيا، وكيفية إدارة أمور دولة منهكة تماما، سياسيا وأمنيا ونظاميا، وعدالة وديمقراطية.
ولا ننس انتهازية فلول النظام المنهار في الضغط على الثورة ومحاولة إفشالها؛ وهم كثرة تسندهم قوى الخيانة العربية من جانب، ومن جانب آخر الدول العدوة التي تراقب مجريات الأحداث وعلاقتها بالأمن لدويلة الكيان الصهيوني، وانتهازيتها الفرص للايقاع في الثورة، وتفشيلها.
لكني أظن أن الشعب السوري المتعطش لنظام حكم عادل بعد معاناة لا نظير لها لن يفرّط في نتائج ثورته، وسيكون عوناً لها على تجاوز مرحلة إعادة البنية التحتية للبلاد، سياسيا أولا، وقبل كل شيء، ولملمة الأمور، الداخلية والخارجية، للوقوف على الأقدام أمام كل التحديات... والله غالب على أمره.
كاتب كويتي
0 تعليق