«يا خبر»
الخميس 12/ديسمبر/2024 - 09:53 م 12/12/2024 9:53:31 PM
قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فى مؤتمر صحفي، مساء الإثنين أن إسرائيل تعمل على تغيير وجه الشرق الأوسط.. و كرر نتنياهو هذه العبارة مرات عديدة، وبصور مماثلة فى سياقات خطابية متعددة وبلغة ملؤها الغطرسة قال أيضا: «من يتعاون معنا، يجنى فوائد عظيمة»، و»من يعتدى علينا، يخسر كثيرا» و»سنقطع اليد لمن يحاول أن يؤذينا»,وزعم أن السيطرة على هضبة الجولان يضمن أمن إسرائيل، واصفا هضبة الجولان -وهى الأراضى السورية المحتلة - بجزء لا يتجزء من إسرائيل!ّ
حديث نتنياهو عن الجولان ربما يحمل معه تفاؤلا بقرب قدوم ترامب إلى البيت الأبيض, فالأخير خلال فترة رئاسته الأولى، وتحديدا يوم 25 مارس 2019 كان أول رئيس أمريكى يعترف رسميا بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، منذ ضم الاحتلال لها بقانون عام 1981، مما مثل تغييرا كبيرا عن السياسة التى اتبعها قبله خمسة من الرؤساء الأميركيين، جمهوريون وديمقراطيون
من الواضح أن نتنياهو قد استغل حالة الفراغ السياسى التى تشهدها سورية ليمضى قدما فى مخططه للمنطقة فى ظل صمت رهيب من المجتمع الدولى و الدول الفاعلة التى تتصيد الأخطاء الصغيرة لأى دولة بينما تغض الطرف عن عدوان نتنياهو المتكرر على الأراضى العربية منذ عشرات السنين .
يعد إعلان نتنياهو انتهاء العمل باتفاقية فض الاشباك التى وقعتها إسرائيل فى جينيف مع سورية عام 1974 بإشراف الأمم المتحدة و رعاية الولايات المتحدة و الاتحاد السوفيتى السابق خرقا صريحا للقانون الدولي, فالاتفاقية كانت مع سورية الدولة وليس مع شخص الرئيس, وهذا أيضا حدث على مسمع ومرأى من منظمات المجتمع الدولى و ودوله الفاعلة, وكأن شيئا لم يحدث, والآن لا نعرف على وجه الدقة إلى أين يمكن أن تمتد الأهداف العملياتية لإسرائيل داخل سوريا، لكن المؤكد أنه لا يمكن الثقة بتعهدات إسرائيل بأن «توغلاتها» الحالية فى الأراضى السورية «مؤقتة», لكن أيضا لا أستبعد أن تنسق إسرائيل مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة أمريكيا والموجودة فى محافظات ومناطق شرق الفرات لإحكام السيطرة على كامل الجنوب السوري، مما قد يعزز من موقف الأكراد المسلحين، إلا أن ذلك سيثير حفيظة تركيا التى لديها مصلحة كبرى فى تفكيك القوات الكردية فى سوريا لمنعها من تطوير عملياتها فى المناطق القريبة من الحدود التركية.
على الجانب الآخر لم يصدر حتى اللحظة أى موقف رسمى من جانب الحكومة الجديدة فى سورية بالتوغل الإسرائيلى فى الأراضى السورية، فى ظل انشغالها بتسلم مقاليد السلطة وتوزيع المناصب، كما أنه من الواضح أن السلطة الجيدة ربما لا تكترث بتحركات إسرائيل ولا أعرف إذا كان هذا عمدا أو لانشغالها بترميم الوضع الداخلى ورغبتها فى تهدئة الصراع مع الأطراف الخارجية
فى محاولة لفهم استخدام نتنياهو المتكرر لمصطلح « شرق أوسط جديد» و الذى لا يعد جديدا و بات مألوفًا إعلاميًّا، لا يمكننا بحال من الأحوال فصله عن مخطط البقاء بالقوة، الذى صار مفهومًا يسيطر على الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية فى ظل هاجس أبدى حول انعدام الأمن الذى تولده إشكالية الهوية للقادمين من الشتات.
فى تصورى أن قادة إسرائيل يقدرون الأبعاد السياسية لتلك للحظة التى سيجلس خلالها الجميع على طاولة للتفاوض على شكل سوريا الجديدة، ويرغبون فى أن تمتلك إسرائيل أكبر قدر من الأوراق فى تلك اللحظة. وبالقطع لن تقبل دولة الاحتلال أن يوضع مصير الجولان المحتل على طاولة المفاوضات وأقصى ما يمكن أن تقبل به هو التراجع مجددا إلى ما وراء خط التهدئة مقابل ضمانات أمنية.
المشكلة الأساسية فى هذا الصدد تكمن فى طبيعة الأطراف التى ستتفاوض معها إسرائيل آنذاك والتى ستجعل مهتمها معقدة ربما بشكل أكبر من نظيرتها فى ظل عهد بشارالأسد.
الشاهد الأن أن نتنياهو يراهن على إمكاناته فى الفرار إلى الأمام وقدرات جيشه العسكرية من أجل الاستمرار فى هذه الحرب التى تتوسع وتُضاف إليها الآن جبهة جديدة. فى غضون ذلك، تبقى المنطقة برمتها مفتوحة على سيناريوهات متعددة ومتداخلة فى المدى القريب، ولكن لا يبدو أن الهدوء سيكون من بينها.
0 تعليق