شفافيات
الاستغراق في موضوع، والغرق فيه آفة التفكير، وآفة الشخصية الانسانية.
والاكثر هو آفة المفكرين والثقافة والمثقفين؛ ولا اريد أن اطلق التشبيهات على الذي يدور مربوطاً الى حلقة تدور به ويدور بها، لا فكاك للاثنين فيها من بعضهما بعضا مهما طال الزمن؛ ولا اريد أن اشبه بشيء بالخصوص الكاتب المستغرق في قضية ما؛ تحتويه من أطراف شعره حتى أخمص قدميه؛ حتى لا يتأثر المرضى بهذا النوع من أمراض الضعف البشري، الذين تحتويهم موضوعات واحدة طول عمرهم؛ يغرقون فيها بشبر ماء، لا يستطيعون منها الفكاك، وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً؛ مهما قالوا ومهما كتبوا.
فالدوران يسبب دوخة الرأس، وهو يقيد عقولهم وذواتهم، ويحبسهم في المكان متلذذين بالبروك فيه بروك البعير؛ وهذا الكلام موزون.
قلت هذا لأخرج حراً من دائرة النقد في سلبيات مجتمعنا إلى دائرة الرؤية للجمال والخير في مجتمعنا المتميز بخيرات العديد من مؤسساته، ما بين المؤسسات السياسية، والوطنية، والاجتماعية، والصحية والتربوية.
ولم يكن نقدنا لمؤسساتنا يعني أن الكأس فارغة لا؛ فرؤية سلبية كهذه لمجتمعنا هي رؤية نظرها أقل من ستة على تسعة في العينين، وليس في عين واحدة؛ والنظر الكامل هو ستة على ستة في كلتا العينين الجميلتين، فما الحكاية؟
بعد أن فلّت "عافية" وهي التأمين الصحي البدعة؛ عدنا لمستوصفاتنا ومستشفيات مناطقنا؛ ولم تتركنا دولتنا هملا، بل تابعتنا بقدر امكاناتها لتفتح لنا دور علاجها بخصوصية من الخصوصيات.
صحيح ان الدنيا الصحية قد دارت بمرضى "عافية" بعد ذلك، لكن الجزيئات المغناطيسية قد عادت الى أوضاعها في قطبي المغناطيس التنظيمي في حياتنا؛ لكننا لن نتوقف عن نقد السلبيات لاحقاً حتى تتعدل بوصلة الأوضاع، برضاء كل الأطراف عنا قطبيها؛ لكي لا اكون طبالا يمتع بحميل الرنين من بطن الطبل المجوف، أقول لكم هذا المثال الواقعي؛ فلا كفر بنعمة الله ولا جحود، ولا نكران لجميل ما في مؤسسات الوطن الكويت المعطاء؛ والكأس ليست فارغة.
كما أسلفنا وقلنا؛ والقول عم؛ وكلمة بها كلام قد يؤم؛ فبعد زيارتي للمستوصف تم تحويلي، أنا أبو "عافية" إلى مستشفى الصباح ودخلت على طبيب المتخصص المعالج، وهو مصري الجنسية، فاستقبلني بالمثل بأطيب استقبال، وبدأ معي من الصفر في اسئلة دقيقة ومتابعة علمية طبية ذات خبرات مؤكدة؛ وأكثر من هذا فلقد نادى زميلاً له متخصصاً مثله ليشارك في الرؤية والحوار؛ وبدأ الطبيبان يكيلان لي المزيد من الأسئلة المتتابعة، فماذا حدث بعد ذلك، ما دفعني لكتابة ما كتبت الآن؟
...وللحديث بقية إن شاء الله فلقد أطلت.
كاتب كويتي
0 تعليق