أعلنت اللجنة المنظمة لفعاليات اليوم الوطني 2024، تمديد فعاليات اليوم الوطني للدولة في درب الساعي حتى السبت المقبل. وتواصلت أمس الفعاليات التي تقيمها وزارة الثقافة في المقر الدائم لدرب الساعي بمنطقة أم صلال وسط اقبال كثيف منذ انطلاقها الثلاثاء الماضي، وتحرص العائلات من المواطنين والمقيمين على اصطحاب أبنائهم من أجل الاستمتاع بالأجواء وممارسة الأنشطة المختلفة.
وأعرب الفنان محمد حسن المحمدي عن اعتزازه بالمشاركة في هذه الفعاليات، التي تستحضر عراقة التراث القطري الأصيل، وسط أجواء واحتفالات وطنية، تبرز للزائرين قيمة الفن الشعبي، علاوة على عراقة العادات والتقاليد الراسخة في ذاكرة المجتمع.
وأكد حرصه على القيام بشخصية «المطوع»، الذي يقدم للأطفال تراثهم العريق، ويقوم بتوعيتهم به، وأنه أول من قام بأداء هذه الشخصية، «والتي غابت عن الساحة بعد ظهور البترول، وكان لي الشرف بأنني أول من قدمها، ودائماً أحرص على تقديمها وقتاً بعد الآخر، كونها من أكثر الشخصيات التي أقدمها»، لافتاً إلى أنه ظل حريصاً منذ سنوات عديدة على المشاركة في فعاليات درب الساعي، انطلاقًا من واجب وطني، وتأكيداً للهوية الوطنية.
وأضاف: أحرص على تجسيد شخصية المطوع، توثيقاً للتراث القطري العريق، وحفاظاً عليه من الاندثار، وإحياءً له في أوساط الجيل الحالي، والأجيال القادمة».
وأوضح أن «المطوع» كان يقوم بدور في تعليم الأطفال قراءة القرآن الكريم في القرية، وذلك قبل ظهور النفط، علاوة على تعليمهم بعض دروس المناهج التعليمية، وعندما يختم الأطفال القرآن الكريم، يقوم المطوع بتنفيذ التحميدة، وتعني الاحتفاء بهؤلاء الأطفال الذين ختموا القرآن الكريم، وبعدها يقوم الأطفال الذين أتموا حفظ القرآن الكريم بارتداء البشت والغترة والعقال، وإعطائهم سيفًا صغيرًا، دليلاً على الرجولة، ثم يصطحبهم المطوع وهم في المقدمة، وخلفهم بقية أطفال القرية، ثم يدعو المطوع لمن أتم حفظ القرآن، ثم يؤمن على دعائه بقية الأطفال من خلفه، وذلك في أجواء تراثية.
الصقار الصغير
تشهد فعالية الصقّار تفاعلاً جماهيرياً كبيراً مع الأنشطة المختلفة التي تطلقها يومياً في درب الساعي، وقال السيد محمد سعيد الكبيسي مشرف الفعالية إن الفعالية تشهد اقبالا كبيرا من قبل زوار درب الساعي، حيث يتعرفون على هذا الجانب من الحياة الذي كان وما زال جزءاً من حياة القطريين حتى يومنا هذا، وأضاف: تتضمن الفعاليات التي ننظمها الرسم على الوجه وتغذية طائر الحباري من خلال فتحات صغيرة للاقفاص دون لمس الطيور ذاتها. بالإضافة إلى توفير عدد من انواع الطيور الجارحة لإتاحة فرصة التصوير معها من قبل الزوار.
وأضاف لدينا أيضا مشاركة في براحة الأطفال من خلال قسم لتلوين أدوات المقناص والطير مثل البرقع والدس الذي يرتديه الصقار اثناء حمل الطير، ورسومات لطيور جارحة تستخدم في الصيد، علما ان الأطفال المشاركين يحصلون على الرسمة التي يقومون بتلوينها من خلال هذه الفعالية.
وحول الاهتمام بموروث الصيد بالصقور أكد الكبيسي اهتمام دولة قطر بهذا التراث ليس حديثا ولكنه قديم ومتواصل، والمشاركة في فعاليات اليوم الوطني هو تجسيد لتواصل الاهتمام بهذا الجانب الهام من حياة اجدادنا وحياتنا اليوم.
فرق الفنون الشعبية
وتشهد فعاليات درب الساعي، المقامة احتفالًا باليوم الوطني لدولة قطر، حضورًا مميزًا لفرق الفنون الشعبية التي تُقدم عروضًا فنية متنوعة تُبرز التراث القطري الأصيل وتُعيد إحياء الفنون التراثية التي تُعبّر عن هوية المجتمع وتاريخه العريق.
وقال النهّام القطري عمر بوصقر: «نقدم فنًا كان يُغنى قديمًا على سيف البحر، حيث اعتاد البحارة عند عودتهم أن يُرددوا الأهازيج والعبارات التراثية احتفاءً بسلامة العودة، وكان هذا الطقس يمثل تفاعلًا روحيًا وتراثيًا في حياة البحارة القطريين”.
وأشار إلى أن إحياء هذا النوع من الفنون في درب الساعي يسهم في تعريف الأجيال الجديدة بتراثهم البحري الغنائي، مُضيفًا: “نحن اليوم، من خلال هذه الفعاليات، نسعى لإدخال البهجة إلى قلوب الجمهور والزائرين، ونعمل على تعزيز الارتباط بتاريخنا وتراثنا الغني”.
ونوّه بوصقر إلى أن المشاركة اليومية لفرق الفنون الشعبية في درب الساعي تأتي في إطار حرص القائمين على الفعالية على إبراز التنوع الثقافي والفني الذي تزخر به قطر، مؤكدًا أن الفنون الشعبية ليست مجرد عروض، بل هي رسائل ثقافية تُعبر عن هوية الوطن وتاريخه.
ندوة «قطر في إحصائيات عثمانية»
نظّمت دار الوثائق القطرية، ضمن فعاليات درب الساعي، ندوة مميزة تحت عنوان “قطر في إحصائيات عثمانية”، قدّمها الأستاذ الدكتور سهيل صابان، حيث استعرض نماذج من وثائق الأرشيف العثماني التي تتناول جوانب مختلفة من الحياة الاقتصادية والاجتماعية في قطر خلال عهد الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني، مؤسس الدولة الحديثة.
وأوضح الدكتور صابان أن هذه الإحصائيات العثمانية تضمنت تقديرات تقريبية لأعداد السكان في قطر، وعدد المساجد والكتاتيب التعليمية، إضافة إلى معلومات دقيقة عن مصادر الدخل وأبرز المدن والقرى والبيوتات القطرية. وبيّن أن هذه الوثائق تُعدّ مرجعًا مهمًا لتوثيق تاريخ قطر، حيث تعكس الرفاهية الاقتصادية التي كان يعيشها أهل البلاد آنذاك، وهو ما يظهر من خلال استيرادهم للسلع الكمالية وتحديد مصادرها وكيفية إنفاقها.
وأضاف أن هذه الوثائق تتضمن تقارير مفصّلة حول تجارة اللؤلؤ، وأنواع السفن المستخدمة في الغوص، إلى جانب إحصائيات عن السكان ومهنهم ومستويات دخولهم، بالإضافة إلى الجوانب الإدارية العثمانية التي كانت قائمة في المنطقة.
0 تعليق