تحل اليوم الثلاثاء، 17 ديسمبر، ذكرى ميلاد أحد أعمدة دولة تلاوة القرآن الكريم في مصر والعالم العربي والإسلامى الشيخ محمود على البنا .
تميز الشيخ البنا بأسلوبه الفريد في التلاوة والتجويد، الذي جمع بين الدقة في الأداء وعذوبة الصوت وخشوع القلب، فاستطاع أن يجسد معاني الآيات بأسلوب يلامس قلوب المستمعين وتجعل العيون تفيض دموعًا، فقد كانت تلاواته تصدح في أرجاء الوطن العربي والعالم الإسلامي من خلال الإذاعات والشرائط الصوتية، وما زال صوته العذب يتردد في قلوب محبيه حتى اليوم، وفي ذكرى ميلاده، نجدد عهد الامتنان والوفاء لإرث سفير القرآن الكريم الشيخ محمود البنا ونتذكر تلاواته ونبذة عن حياته الذاخرة، تقديرًا للإبداع الذي أضفاه على ذكر الله الحكيم.
حفظ الشيخ محمود على البنا القرآن الكريم فى كتاب القرية على يد الشيخ موسى المنطاش وهو فى التاسعة من عمره.
القابة
لُقب البنا بـ "كروان القران" من فرط جمال صوتة وبـ"الطفل المعجزة"؛ إذ كان لديه ملكة تقليد كبار المشايخ خاصة الشيخ محمد رفعت، مما أكسب صوته حلاوة وعذوبة مميزة، كما كان متميزا في تقليد أصحاب القراءات المختلفة مثل الشيخ الشعشاعي ومحمد سلامة والسعودي.
مولده ونشأته
ولد فضيلة القارئ الشيخ محمود علي البنا في السابع عشر من ديسمبر عام 1926، ويعد من أعلام هذا المجال البارزين، وولد البنا في قرية شبرا باص التابعة لمركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية.
توجه الشيخ إلى القاهرة عام 1945 وسريعا ما اشتهر وذاع صيته وأصبح معروفا في وسط المقرئين والمشايخ، ثم تعلم سريعا علم المقامات والتجويد، ثم التحق الشيخ بالإذاعة المصرية عام 1948، وكانت أول قراءة له بالإذاعة في شهر ديسمبر من نفس العام.
اختير قارئًا لمسجد عين الحياة بحدائق القبة بشارع مصر والسودان وكان اسمه مسجد الملك ثم عرف بمسجد الشيخ كشك في ختام الأربعينيات ، ثم لمسجد الإمام الرفاعى في الخمسينيات، وانتقل للقراءة بالجامع الأحمدى في طنطا عام 1959، وظل به حتى عام 1980 حيث تولى القراءة بمسجد الإمام الحسين حتى وفاته، وترك للإذاعة ثروة هائلة من التسجيلات، إلى جانب المصحف المرتل الذي سجله عام 1967، والمصحف المجود في الإذاعة المصرية، والمصاحف المرتلة التي سجلها لإذاعات السعودية والإمارات.
وظل به حتى عام 1980، حيث تولى القراءة بمسجد الحسين حتى وفاته و ترك للإذاعة ثروة هائلة من التسجيلات، إلى جانب المصحف المرتل الذي سجله عام 1967 والمصحف المجود في الإذاعة المصرية، والمصاحف المرتلة التي سجلها لإذاعات السعودية والإمارات.
وصل الشيخ البنا إلى القاهرة عام 1945، وبدأ صيته يذيع فيها، ودرس فيها علوم المقامات على يد الشيخ الحجة في ذلك المجال درويش الحريري، اختير قارئًا لجمعية الشبان المسلمين عام 1947، وكان يفتتح كل الاحتفالات التي تقيمها الجمعية.
وفي عام 1948م استمع إليه علي ماهر باشا، والأمير عبد الكريم الخطابي وعدد من كبار الأعيان الحاضرين في حفل الجمعية، وطلبوا منه الالتحاق بالإذاعة المصرية.
التحاقة بالأزهر الشريف
لم يكمل الشيخ البنا دراسته في الأزهر الشريف وذلك لانشغاله بالقرآن الكريم، يذكر أنه كان يقول عن نفسه: أنا فشلت في الأزهر ونجحت الإذاعة، وتعلم القراءات العشر على يد الشيخ إبراهيم سلام المالكى بالمسجد الأحمدى بطنطا، وأتم حفظها في عام 1945، وهو العام الذي شهد نقلة في حياة الشيخ، فانتقل للعيش بالقاهرة.
الالتحاق بالإذاعة المصرية
كان الشيخ محمود البنا أصغر القراء في السن، عندما التحق بإذاعة القرآن الكريم وكان عمره لم يتعد الـ22 عاما،حيث التحق الشيخ البنا بالإذاعة المصرية عام 1948، وكانت أول قراءة له على الهواء في ديسمبر 1948 من سورة هود، وصار خلال سنوات قليلة أحد أشهر أعلام القراء في مصر.
سفير للقران الكريم في دول العالم
زار الشيخ البنا العديد من دول العالم، وقرأ القرآن في الحرمين الشريفين والحرم القدسي ومعظم الدول العربية وزار العديد من دول أوروبا، وكان الشيخ البنا من المناضلين من أجل إنشاء نقابة القراء، واختير نائبًا للنقيب عند إنشاء النقابة عام 1984.
فى عام 1967 سجل المصحف المرتل للإذاعة بناء على طلب من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
تزوج الشيخ محمود على البنا وأنجب سبعة أبناء خمسة ذكور، وبنتين، بعدها شارك فى تأسيس نقابة محفظي وقراء القرآن الكريم بمعاونة الشيخ “عبد الباسط، وشعيشع، والرزيقي.
التكريمات
حصل الشيخ البنا على العديد من شهادات التقدير والتكريم والأوسمة من مختلف الدول التي زارها، وتسلم من الرئيس عبدالناصر هدية تذكارية عام 1967، كما حصل على ميدالية تذكارية من القوات الجوية في عيدها الخمسين عام 1982، وحصل على درع الإذاعة في الاحتفال بعيدها الذهبى عام 1984 و منحه الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1990 في الاحتفال بليلية القدر وتسلمه نجله الأكبر اللواء مهندس شفيق محمود علي البنا وكرمته محافظة الغربية بإطلاق اسمه على الشارع الرئيسي بجوار المسجد الأحمدي بمدينة طنطا، و كذلك كرمته محافظة سوهاج بإطلاق اسمه على احد شوارعها و احد مدنها بسوهاج الجديدة، كذلك أطلقت محافظة القاهرة اسمه على أحد شوارع حي مصر الجديدة.
البنا والشعراوي
رتبط فضيلة الشيخ البنا بالإمام محمد متولى الشعراوي بعلاقة صداقة قوية لدرجة أنه أوصاه بأن يصلى عليه ويتقدم ما أسماه التشريفة ويقصد جنازته، والتى خرجت من مسجد الإمام الحسين يوم السبت 20 يوليو 1985 إلى مثواه الأخير فى مسقط رأسه بجوار مسجده الذى لم يكتمل بنائه وقتها، ودعى له الشيخ الشعراوى عند قبره وأمن الناس خلفه وختم دعائه بقوله: اللهم أثبه خير ثواب عن كل حرف تلاه وعن كل من سمع حرفاً وعن كل ما أذيع له من القرآن الكريم.
لازال هناك بعض الوقت قبل الرحيل هكذا كان يشعر البنا قبل أن يطلب رؤية صديقه الشيخ الشعراوى وأخبره أبناؤه بأنه يسجل خواطره فى البحر الأحمر ليرد عليهم قائلًا "اذهبوا إليه وأحضروه فقد عاد"، وتوجه بالفعل نجل الشيخ البنا إلى منزل إمام الدعاة ووجده بالفعل عاد وأخبره بأن والده بالمستشفى ويريد لقاءه.
لقاء الشعراوى بالشيخ البنا قبل وفاته بساعات
عُين الشيخ محمود على البنا قارئًا بمسجد الحسين وتوطدت علاقته بإمام الدعاة الشيخ محمد متولى الشعراوى حيث كان يسكن بذات المنطقة ويحب أن يسمع القرآن الكريم بصوته وقال عنه الشعراوى فى أحد اللقاءات "أحبته منذ أن رأيته ثم بعد ذلك أحببت ما يقدمه"، وظلا أصدقاء حتى وفاته.
وفاته
بعد رحلة عطاء حافلة مع القرآن توفى الشيخ في 20 يوليو 1985 المواقف 3 من ذي القعدة 1405 هـ عن عمر يناهز تسعة وخمسون عامًا، ودفن بالمقبرة التي بناها في حياته بجوار المركز الإسلامي الذي أقامه بقريته شبرا باص، وشيعت الجنازة من مسجد الإمام الحسين.
0 تعليق