وجهة نظر
لا تزال مشكلة تأخير إصدار الأحكام القضائية واحدة من القضايا الشائكة التي تثير انتقادات حادة من المتقاضين والمجتمع ككل، رغم الوعود المستمرة بتحسين النظام القضائي، إلا أن الأداء لا يزال دون التوقعات، مما يعكس أوجه قصور مؤسسية وإدارية لا يمكن تجاهلها. من الأسباب الرئيسية للتأخير:
1- البيروقراطية المفرطة: النظام القضائي في الكويت يعاني من تضخم الإجراءات البيروقراطية، اذ يتمسك بالقواعد التقليدية التي تزيد من تعقيد القضايا بدلاً من تسهيلها.
2- نقص الكفاءات البشرية: هناك غياب واضح في الاستثمار بالعنصر البشري في النظام القضائي، سواء من حيث عدد القضاة، أو تأهيلهم للتعامل مع الضغط المتزايد.
3- سوء استخدام التكنولوجيا: في عصر التكنولوجيا، لا تزال المحاكم الكويتية تعتمد بشكل كبير على النظم التقليدية الورقية، مما يبطئ وتيرة العمل، ويعطل القضايا البسيطة قبل المعقدة.
4- غياب الرقابة والمساءلة: من المؤسف أن هناك ضعفاً في محاسبة الجهات المسؤولة عن التأخير، مما يعزز ثقافة التهاون وعدم الشعور بالإلحاح تجاه القضايا العالقة.
التحديات المرتبطة:
تراكم القضايا يخلق بيئة من الإحباط لدى المتقاضين، مما يدفع البعض إلى فقدان الثقة في النظام القضائي، واللجوء إلى الحلول غير الرسمية أو الوساطة.
التأخير ينعكس سلباً على سمعة الكويت في المؤشرات العالمية المتعلقة بالعدالة وسيادة القانون.
الحلول المقترحة:
إصلاح جذري للإجراءات: يجب التخلص من الخطوات غير الضرورية في العملية القضائية، واعتماد نظام أكثر مرونة وفعالية.
تحفيز التوظيف والتدريب: الاستثمار في تعيين قضاة جدد وتدريبهم على أحدث الممارسات العالمية لضمان تسريع البت في القضايا.
رقمنة شاملة: الانتقال إلى نظام إلكتروني كامل يمكنه إدارة القضايا وتتبعها بسهولة، بما في ذلك جلسات المحاكمة الافتراضية عند الضرورة.
تفعيل الرقابة الصارمة: يجب أن تكون هناك جهات مستقلة تراقب أداء المحاكم، ومدى الالتزام بالجدول الزمني للقضايا.
الخاتمة:
إن استمرار تأخير الأحكام في القضاء الكويتي يمثل إخفاقاً لا يمكن التهاون معه، اذ يجب أن تكون هناك إرادة سياسية ومجتمعية لإصلاح هذا الوضع غير المقبول.
إن العدالة المؤجلة هي عدالة منكرة، وما لم يتم التحرك بشكل حاسم، ستبقى المشكلة تتفاقم، وتؤثر على الجميع.
نتمنى أن نرى قريباً خطوات ملموسة لتطوير النظام القضائي الكويتي، بحيث يصبح نموذجاً يُحتذى به في سرعة، وكفاءة إصدار الأحكام، لأن العدالة لا تتحقق إلا إذا جاءت في وقتها المناسب.
مبارك زيد فالح الرشيدي
كلية الدرسات التجارية - تخصص قانون
0 تعليق