مختصر مفيد
امتلكت سورية رجالا وطنيين، عبر التاريخ، والأوضاع الداخلية فيها بدأت تتحسن، فلم تحدث فيها حتى اليوم خلافات على الحكم بين صفوف الفصائل العسكرية، فيما الحكومة الموقتة تعمل بشكل جيد، وتحسنت أحوال الناس نسبيا، فقد وعدت الحكومة برفع مستوى الأجور، وتحسن سعر صرف الليرة مقابل الدولار، وسيعمل البنك المركزي على التخلص من الورقة النقدية التي تحمل صورة بشار الأسد، ليصدر عملة جديدة، وستنتعش سورية اقتصاديا.
سورية لديها امكانيات جيدة، فهي قريبة ومشابهة لمنطقة جنوب اوروبا، وعدد السكان قليل نسبياً، ومساحتها كبيرة، وتطل على بحر، وصالحة للزراعة، وفيها أيد عاملة جيدة، والشعب العربي طيب ومضياف، وقد تجذب الأوروبيين وغيرهم، فتدر على الخزانة إيرادات من السياحة.
هكذا تجري الأحداث السياسية، تتأثر ببعضها بعضاً، مثلما تتساقط قطع الـ"دومينو" إن سقطت إحداها على الأخرى، ومع الأسف، فان سقط من بيننا ضحايا وتحطمت المدن، فلا بد ان ندفع الثمن لصالح الأجيال القادمة، وقد أثارت هذه الأحداث قلق شعوب المنطقة، لاسيما في العراق وايران.
في العراق ظهرت أصوات عراقية تجاهر بمواقف مضادة لسياسات ايران، فقال الكاتب العراقي ابراهيم الزبيدي، باقتضاب: "نحن أبناء جيل الخمسينات والستينات العراقية وما بعدها، شاهدنا سقوط ميليشيات كان يبدو سقوطها أشبه بالمستحيل، لقد سقط حكم صدام حسين، وراح أشجع المسلحين يرمي سلاحه ولباسه العسكري ويرتدي ثيابا مدنية، ويختفي عن الأنظار، وتحققت للأحزاب الدينية وميليشياتها الموالية لإيران هيمنة كاملة على مؤسسات الدولة، الأمنية والعسكرية والمخابراتية، لكن مصيرهم غدا على أيدي العراقيين الذين ظُلموا وانتهكت حرماتهم، وصودرت منازلهم ومحالهم، وغُيّب آباؤهم أو أقاربهم، ولن يفعلوا أقل مما فعله أشقاؤهم السوريون في إدلب وحلب وحماة وحمص، ثم أخيراً دمشق، دون ريب".
اضاف الكاتب: "ويبدو أن نظام الحكم في إيران، شاء أم أبى، قد أصبح أخيراً أمام أحد الخيارين، إما أن يعاند فيسقط بقوة خارجية أو بعاصفة داخلية، أو بكليهما معا".
لقد كتبنا مراراً أن إيران أضاعت فرصاً كثيرة، لمدة أكثر من 40 عاماً، ونصحنا قيادتها السياسية أن من الأفضل لها أن تفتح صفحة جديدة في العلاقات مع العرب، وتشجع الاستثمارات، الخليجية والأوروبية والأميركية، لتطوير قطاعات السياحة والزراعة والصناعة، مما سيفتح أبواب العمل لملايين الإيرانيين، فيرتفع مستوى معيشتهم، وتتطور إيران بشكل كبير، وقد تنافس دولاً أوروبية في مجال السياحة وجذب الأموال.
لكنها اختارت أسلوب العصور الوسطى، والتدخل في شؤون البلدان العربية، فتخلفت وتدهورت أحوال شعبها، فالقوة اليوم هي الاقتصادية لا السياسية، بدليل تقدم كوريا الجنوبية وتخلّف كوريا الشمالية.
لا نستغرب أن يكرّم العالم ذلك الشخص الذي حرك المياه الراكدة فأصلح الأمور في المنطقة، فربما يشيد به العالم مستقبلا، بل لا نستغرب منحه جائزة نوبل، وتعرفون من أقصد.
0 تعليق