سجل المنتخب القطري لكرة القدم أداء مقنعا في أول ظهور له في النسخة السادسة والعشرين من بطولة كأس الخليج العربي /خليجي 26/ المقامة حاليا في الكويت وتستمر حتى الثالث من يناير المقبل، رغم التعادل مع المنتخب الإماراتي بهدف لمثله ضمن منافسات المجموعة الأولى.
ولم تحدث نتيجة التعادل في المباراة التي جرت على استاد جابر المبارك أمس /السبت/، أي فارق على مستوى السباق التنافسي في المجموعة من أجل التأهل للدور نصف النهائي من البطولة، إذ إن مباراة الافتتاح ضمن ذات المجموعة، التي جرت على استاد جابر الأحمد الدولي بين المنتخب الكويتي صاحب الأرض ونظيره العماني، انتهت أيضا بذات النتيجة، لتتساوى المنتخبات الأربعة في الرصيد وبفارق الأهداف.
وتعد النتيجة مرضية بالنسبة للمنتخب القطري، لا سيما في ظل الظروف التي سبقت المواجهة، خصوصا على مستوى المستجدات التي طرأت، سواء بالنسبة للجهاز الفني بقيادة المدرب الجديد الإسباني لويس غارسيا الذي تولى المهمة للتو بديلا لمواطنه ماركيز لوبيز الذي تم إنهاء عقده مع المنتخب بالتراضي، أو التوليفة التي اختارها المدرب والتي عرفت الكثير من المتغيرات.
ولا يمكن كذلك تجاهل الضغوط التي عانى منها المنتخب قبل البطولة، بعد النتائج غير المرضية في مجمل الجولات الست الأولى من التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2026 بعدما اكتفى بانتصارين وتعادل مقابل ثلاث خسائر، ليجمع سبع نقاط احتل بها المركز الرابع في المجموعة الأولى، وبات بعيدا بعض الشيء عن أحد المركزين الأول أو الثاني المؤهلين مباشرة إلى المونديال.
وبعيدا عن النتيجة، حقق المنتخب العديد من المكتسبات الفنية والتكتيكية، إلى جانب رهان مهم كسبه المدرب غارسيا من خلال الاعتماد على لاعبين شباب، ربما لا يملكون الكثير من الخبرة والتجربة، لكنهم قدموا مستويات راقية وكانوا في الموعد بعرض راق جدا من جميع النواحي.
وبددت التوليفة التي اختارها المدرب المخاوف من نقص في الانسجام والتناغم بين اللاعبين، خصوصا في الخط الخلفي الذي شهد ظهور عناصر لم تعتد التواجد في التشكيلات الأساسية على غرار الهاشمي الحسين الذي أظهر مستوى متميزا رغم صغر سنه وقدم أوراق اعتماده كأحد اللاعبين الذين يمكن الاعتماد عليهم بشكل دائم، من خلال نضجه التكتيكي ويقظته العالية، وقدرته على التعامل مع المواقف الصعبة، بعدما كسب الكثير من الالتحامات الهوائية والأرضية وكان من الصعب مراوغته.
وينطبق الأمر نفسه على قلب الدفاع الآخر بهاء الليثي الذي ربما يملك خبرة أكبر من زميلة الهاشمي الحسين، لكنه لا يلعب في مركز قلب الدفاع بشكل دائم، فيما برع طارق سلمان في توفير توازن في الخط الخلفي، مستعينا بخبرات كبيرة كسبها من تتويجه بلقبي كأس آسيا 2019 و2023 مع المنتخب القطري.
وثمة نقطة أخرى تحسب للمدرب غارسيا تتمثل في المرونة الفنية التي أظهرها المنتخب، من خلال طرح عدة خيارات تكتيكية في التنفيذ، فبعد الاستهلال بالضغط العالي والاستحواذ على الكرة، وخلق الفرص بالتنوع بين العمق والأطراف، الأمر الذي ساعد على أخذ الأسبقية بالنتيجة بالتقدم بهدف أكرم عفيف من ركلة جزاء كان وراءها همام الأمين.
وجاء الشوط الثاني مغايرا على مستوى الخطة، بعدما اعتمد المدرب على إحكام إغلاق المناطق الدفاعية، والاعتماد على التحولات السريعة التي أثمرت عن عدة فرص لم يتم استثمارها بالشكل الأمثل من أجل استعادة الأسبقية بعدما كان المنتخب الإماراتي قد عدل النتيجة في الوقت بدل الضائع من الشوط الأول، ما يعني أن المنتخب القطري عرف النجاعة في الطرحين الفنيين اللذين اختارهما المدرب غارسيا على مدار الشوطين.
وساهمت مشاركة النجم أكرم عفيف، أفضل لاعب في آسيا 2023 أساسيا رغم الأنباء التي كانت رجحت غيابه عن المباراة، في مد زملائه اللاعبين بالكثير من الثقة، في ظل ما يملكه النجم من مهارة فردية تساعده على أن يكون مصدر خطر دائم في النواحي الهجومية سواء على مستوى التسجيل أو صناعة الفرص.
وشكل الاختبار الدفاعي في الشوط الثاني نقطة هامة في مسألة استعادة الثقة بالنسبة للمنتخب القطري الذي ظل يعاني في جل مباريات التصفيات المونديالية من قصور دفاعي وأخطاء كلفته استقبال عدد كبير من الأهداف، فكان الاختبار في مباراة الأمس إشارة واضحة إلى أن المنتخب القطري استعاد بعض الصلابة الدفاعية التي طالما كانت ميزة في السنوات الأخيرة، حيث استقبل هدفا واحدا فقط في سبع مباريات خلال التتويج بكأس آسيا 2019، واستقبل خمسة أهداف فقط خلال نفس العدد من المباريات خلال التتويج باللقب القاري الأخير 2023.
وأظهر اللاعبون شراسة وروحا قتالية في المواجهة من خلال إصرار كبير على تحقيق الفوز، وخير دليل على ذلك البحث عن الخروج بالنقاط الثلاث حتى الوقت بدل الضائع الذي شهد إهدار فرصة سانحة للاعب الشاب المميز إبراهيم الحسن.
وفي مجمل الإحصائيات الرقمية للمباراة، بلغ إجمالي التمريرات للمنتخب القطري 280 تمريرة، منها 207 صحيحة، فيما سدد اللاعبون على المرمى في ثلاث مناسبات وتصدى الحارس مشعل برشم لثلاث كرات، في حين كانت نسبة الفوز في الكرات المشتركة 34 بالمئة ونسبة المراوغات الصحيحة 70 بالمئة.
وشكل حضور الجماهير القطرية في استاد جابر المبارك علامة فارقة، بعدما زحف الجمهور خلف المنتخب من أجل مؤازرته في المباراة وفي البطولة بشكل عام، فكان للأنصار دور بارز في شحذ همم اللاعبين، عبر رسالة تؤكد الثقة الكبيرة في قدرة المنتخب على تحقيق المزيد من الإنجازات كما فعل في السنوات الأخيرة.
0 تعليق