يقلقني جدا حاضر ومستقبل الكويت، اذ لا ينبغي ان ننظر اليها على انها نفط، وفلوس ورفاهية، وسفر ومطاعم، و"مولات"، وغير ذلك من المظاهر المادية.
ثمة دول اكبر من الكويت، واكثر انتاجاً للنفط واطول عمراً للاحتياط النفط والغاز، ولديها معادن اخرى كالذهب والحديد ومناجم الفحم. وغيرها..
وهناك دول بنت مستقبلها على الصناعة واخرى على السياحة وخدمات عامة، وثالثة على الزراعة، فالله قسم الارزاق، ووزعها لكي تصل الى كل عباده، والارزاق لا تعتمد على دين او طريقة العبادة، فكما للمؤمن رزقه، كذلك للملحد رزقه.
يقال خبط رجل من عبدة النار على بيت نبي الله ابراهيم(عليه السلام)، فخرج له ابراهيم فقال له: "جوعان اريد خبزاً). قال له ابراهيم (عليه السلام) اسلم اولاً، لكنه ترك بيت ابراهيم ومشى فنزل الوحي على ابراهيم فقال:"انا خمسين سنة اطعمه، ولم اسأله، وانت منعت عنه الخبز".
ان الله كريم على عباده ومن هنا نرى ان الله لا يجور على البشر ولكنهم يُعادون بعضهم بعضاً، لذا اعتقد السلام النفسي والرابط الانساني هما اول واقوى ما يجعل الانسان ان يعيش في امن مع نفسه ومع الاخرين.
عندما نقول الدين لله، فلا هناك من يجرؤ على قول غير ذلك، ففي الاية الكريمة "لكم دينكم ولي دين"، الامان يبدأ من السلام الداخلي، والاحقاد لا تخلق مجتمعاً مسالماً.
نحن هنا في هذا البلد، الذي حباه الله بالخير والامن والامان اكثر ما نحتاج اليه السلام الداخلي، بمعنى ان تكون مسالماً مع نفسك ومع جيرانك، ومع امتدادت جيرانك.
عندما غزانا الجيش العراقي نسينا من نحن، وانضممنا الى وطن مختطف، فكنا مهددين، ولم يكن أمامنا الا ان نتناسى الخلافات اكانت دينية او مذهبية او لغوية، كان علينا ان ننضم الى وطن مهدد، وشعب يتشبث بتربة وطنه، كم كنا عظماء ورائعين.
قبل الغزو لم نكن نعرف من جارنا، واثناء الغزو تعارفنا واخذنا نتبادل الماء والخبز والمال وغير ذلك مما يحتاجه البيت في ظرف استثنائي، في ظل عدو ظالم ديدنه القتل.
الكلام يطول، لكن يبقى السؤال اليوم: بعد ثلاثة عقود من الغزو الغاشم ماذا بقي من ذلك النظام الاجتماعي الرائع الذي صطنعناه منذ الثواني الاولى من الغزو، هل كنا مستعدين للغزو، ام جاءنا بغتة ونحن نيام في اسرتنا؟
العدو الغازي جمعنا متناسين كل منازعنا، فالكويت في خطر اذن نحن في خطر، والمقاومة التي تشكلت عناصرها لم تكن أحزاباً سياسية، او دينية او مذهبية، بل لعلها كويتية، ودم كويتي واحد.
خذوا ابطال المقاومة بيت القرين، مثالاً وشاهداً، وهذا يكفي حتى نعرف ان الكويتيين شعب واحد لا شعوباً متشرذمة، او طوائف متنازعة، وحاليا هناك نفس كريه يطل علينا، وهم اهل فتنة، واهل مقاصد خبيثة.
علينا الا نغالي في الجحود، ونتذكر كلمة صاحب السمو امير البلاد الشيخ مشعل الاحمد، حفظه ورعاه في رمضان الفائت، اثناء زيارته الرمضانية الى ديوان شعراء النبط، ماذا قال، وما العبرة والحكمة في كلمة سموه.
اقول لتخرس الالسن الكريهة والجاهلة، الكويت ليست لفئة، فهي لكل الكويتيين، بإصولهم، ونوازعهم، ومعتقداتهم، وتوجهاتهم العقدية، فلا تبالغوا في العصبية الجاهلة ولا تاخذوا سحب الجناسي مناسبة لتصفية حسابات وهمية، فنحن شعب واحد، ولا نخاف على انفسنا، انما نخاف على الكويت ليكن شعارنا الازلي الكويت اولاً والكويت اخيراً.
صحافي كويتي
0 تعليق