سحب الجناسي تحت الكراسي

مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
لا أحد ينكر أن الجنسية حق وميزة لأهل الوطن، يستحقونها طالما لا يضرون بوطنهم وقيمه وقيمته.

البلد الصغير قليل التعداد ليس مثل بلد به عشرات الملايين، وكل يمنهج تركيبته حسب متطلباته وأهدافه ومناطق الحاجة لديه، بحيث يستجلب بعض الكفاءات النادرة لتدعيم نقصه، ومن حقه رفض غثاء يزيده تخلفا وأعباء وتهتكا.

التجنيس به ما يعرف بالبدون، أو نظام التأشيرة الخضراء، تسمح للمهاجر بعد عيش عدة سنوات في البلد المعني، وإثبات صلاحه واندماجه وفائدته، أن يحصل على الجنسية الدائمة، بينما وعند ثبوت التجاوزات والخروق الجرمية، يتم ترحيله، وحسب قوانين البلد المرعية.

بعض البلدان حريصة شحيحة في إعطاء الجنسية، خشية خلق النشاز وسط تركيبتها، فتحدد درجات للجنسية، أولى وثانية، ويمكن رفعها حال ثبات الفائدة للوطن، أو إنقاصها أو سحبها في حالات التضرر.

وبعض البلدان تستثمر في جنسيتها، فتبيعها بمبالغ وشروط استثمارية محددة للراغب في جنسيتها، سواء أقام فيها، أو ليمتلك تسهيلات تجارية فيها، أو جعلها وطن فرجة عند الكرب.

بعض البلدان تشترط عدم حمل الجنسيات الشريكة، توخيا للنقاء والولاء.

مفهوم الوطن البديل، وبيع الجنسيات وتزويرها أسواق وعصابات وفساد عالمية، يحركها ممولون خارجيون، ويخضع لها وسطاء وخونة يعملون داخل شرايين الحكومة، ما يجعل أنظمة بعض الدول عند اكتشاف وقوع الخلل تنتفض وتعود لسجلات المراقبة والتحقق، وتعاقب المتعاونين، وتسحب الجنسيات ممن امتلكوها بطرق ملتوية.

امتلاك الجنسية بالالتفاف مكلف على الدولة، ومخل بالتركيبة، ومشجع لمجالات تحايل ورشاوى لتوسيع فروعها، وبما يسبب الفوضى والعوج، والتأثير على حقوق الشعب الأصلي في المميزات والتقدير، من قادم مقتدر محتال سيعرف كيف يحوز الأفضل، بالتدخل في عصب الحكومة بعلاقاته، والانتهاء بتقوية عوده، وادعائه الأصالة والأسبقية، ناهبا للعدالة والحقوق.

ومن واجب الدول الحرص الشديد عند اختيار من يتم تجنيسهم ممن يكون لهم ميزة علمية أو صناعية نادرة مفيدة للوطن، وبتقنين من يتم ضمهم معه بالطرق القانونية، ودون الإخلال بحقوق شرائح المواطنين الموازين، بعدم المجاملة في الاختيار المتسرع، ومحاولة اكتشاف الضرر قبل حدوثه، لمنع تغلغل دخيل قد ينتهي بتعنصر ضد المواطن الأصيل، بل وخلق شريحة مجتمعية دخيلة تحاول قلب المميزات والتمايز والأقدمية.

كارثة عظمى أن يتم التجنيس حسب رؤية وقتية، ودون تأكيد الفائدة الدائمة للوطن.

وأمانة عظمى أن يتم دراسة أحوال وأغراض المجنسين وتحركاتهم من تحت الكراسي، وضرورة مراجعة وغربلة الجناسي، وسرعة سحبها حال ثبوت فساد دروبها وأغراضها، حتى ولو كانت لمشاهير ومؤثرين وناجحين.

جنسية البلد المستقر الغني المتقدم حر التجارة تكون مرعوبة بين دول عديدة لا تفرض عليها رسوم أو اشتراطات للدخول، بينما تكون البلدان الفقيرة والمتخلفة كثيرة المهاجرين مرفوضة عند طالبي التجنيس، ومن هذا تزداد أمانة الحكومة المستقبلة لطلبات التجنيس بضرورة الحرص والغربلة، والمراقبة الدورية، لتحقيق النزاهة، والأحقية، والجدوى المرجوة من عمليات تجنيس قد تبدأ بفرد واحد، وسرعان ما تجر معها عشيرته الأقربين، بكل أضرارهم الفاعلة في خلخلة المجتمعات، ومسخ قيم الأصالة والولاء والهوية الوطنية، وتضعيف حب الثرى ومصداقية افتداء الوطن، وحمايته من كل نائبة، وكل دخيل وفاسد طامع يرغب في نقل حياته القديمة بكل عيوبها للوطن الجديد المنكوب بتجنيسه.

shaheralnahari@

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق