تتزايد ظاهرة استخدام المفرقعات في الاحتفالات السنوية والمناسبات الخاصة، مما يثير العديد من التساؤلات الشرعية حول مدى جواز هذا الفعل في الإسلام، لا سيما في المناسبات مثل رأس السنة الميلادية. فما حكم شراء واستخدام المفرقعات في مثل هذه الأوقات؟ وهل يُعتبر هذا الفعل جائزًا أم أن هناك موانع شرعية تجعله محرمًا؟
ما حكم استعمال المفرقعات في الاحتفالات؟
ورد سؤال إلى دار الإفتاء حول مدى جواز شراء المفرقعات في مناسبة رأس السنة الميلادية، سواء كان ذلك للاحتفال بتلك المناسبة أو فقط لكونها تُباع في هذه المواسم. وقد تساءل السائل عن حكم استخدامها سواء قبل أو بعد ليلة رأس السنة، وفي حال عدم الاحتفال بالسنة الميلادية ولكن لكونها منتجًا متاحًا للبيع في هذا التوقيت.
الجواب الشرعي
أجاب فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة، المفتي السابق للجمهورية، بأن استعمال المفرقعات في الاحتفالات، خاصة إذا كانت تُستخدم لترويع الناس، محرم شرعًا.
وأوضح سماحته أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ترويع المؤمنين، وأورد حديثًا نبويًا صحيحًا جاء فيه: «مَنْ رَوَّعَ مُؤْمِنًا؛ لَمْ يُؤَمِّنِ اللهُ رَوْعَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان".
وبناءً على ذلك، يعتبر استخدام المفرقعات في احتفالات رأس السنة أو أي مناسبة أخرى محرمًا شرعًا، سواء كان ذلك للاحتفال بالمناسبة أو فقط لاستخدامها باعتبارها سلعة متوفرة في السوق في ذلك الوقت. ويستند الحكم الشرعي إلى كون هذا الفعل يتسبب في ترويع الآخرين، بما في ذلك الأطفال الذين يستخدمونها، مما قد يؤدي إلى إلحاق الضرر بالآخرين أو بتعريضهم للخطر.
التأثيرات النفسية والاجتماعية للمفرقعات
تعد المفرقعات من الأدوات التي قد تثير الفزع بين الناس، خصوصًا بين من لا يتوقعون صوتها المفاجئ، مثل كبار السن أو الأشخاص ذوي الحالات الصحية الخاصة. كما أن الأطفال، الذين يستخدمون المفرقعات عادة في احتفالاتهم، قد يجهلون مدى خطورتها، مما يعرضهم للإصابة أو التسبب في ضرر غير مقصود للآخرين. وقد تضاف إلى هذه المخاطر الأضرار البيئية، حيث يؤدي إلقاء المفرقعات إلى تلوث البيئة ورفع مستويات الضوضاء بشكل غير مبرر.
من هنا، يشير الفقهاء إلى أن الإسلام يعزز من الحفاظ على أمن الناس وأمانهم، ويحذر من أي تصرف قد يؤدي إلى الفزع أو الخوف في نفوس الآخرين.
هذه التعاليم تشكل أساسًا للحفاظ على السلام الاجتماعي والانسجام بين أفراد المجتمع.
التوجيهات الإسلامية
في ضوء هذه الأبعاد الشرعية والنفسية، فإن العلماء يؤكدون على ضرورة أن يحرص المسلمون على تجنب الأنشطة التي يمكن أن تضر بالآخرين أو تؤدي إلى ترويعهم، مثل استخدام المفرقعات. وفي الوقت ذاته، يدعو الإسلام إلى الاستمتاع بالاحتفالات والمناسبات السعيدة بما يحقق المصلحة العامة ويجنب الضرر.
وقد كان الإسلام دائمًا يدعو إلى التوازن بين الفرح المشروع والاحترام لحقوق الآخرين في بيئة آمنة وسليمة. لذا، من الأفضل أن تكون الاحتفالات ومظاهر الفرح بعيدة عن أي فعل قد يسبب القلق أو الضرر للمجتمع.
يظل حكم استخدام المفرقعات في الاحتفالات، سواء كانت بمناسبة رأس السنة الميلادية أو غيرها، محرمًا شرعًا نظرًا لما تسببه من ترويع للمؤمنين والمخاطر المحتملة التي قد تنتج عنها.
وعليه، يُنصح بالابتعاد عن هذا النوع من الاحتفالات والتركيز على وسائل أكثر أمانًا وإيجابية للاحتفال بالمناسبات السعيدة، بما يضمن سلامة الجميع ويعزز من روابط الأخوة والتعاون بين أفراد المجتمع.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
0 تعليق