ثقافة الفهلوة! ماذا تفعل بالسوق وبالإنتاج؟

مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تعتبر ثقافة ما يسمى "بالفهلوة"، وهي الكلمة التي درجت في السينما منذ القرن الماضي، تعبيرا عن حالة ممارسة سلوك مجتمع له خلفيات فكرية عميقة، وتراكم سلوكي متجذر ليحيل هذا السلوك الإنتاج والسوق، وربما المجتمع ككل، إلى مجتمع ينظر إلى الأمور نظرة غير صائبة في كثير من قضايا الحياة والعمل.

إن التعامل مع الحياة والإنتاج وجودته وفق فكر "الفهلوة" لا يعبر أبدا عن استراتيجية ولا يمثل أي نوع من أنواع الإدراك، ولا يمكن أن يؤصل إلا لانهيارات كبرى في قدرة الفرد في المجتمع على إنشاء شيء يمكن للعالم أن يحترمه!

تعتبر النظرة إلى الفرص وفق استراتيجية "الفهلوة" نظرة شاذة، إذ سنجد أن أشخاصا غير مهنيين سيكثرون في المؤسسات، وسيمارسون في الوقت نفسه أنماطا من العمل والأداء بعيدة كل البعد عن ما يعيشه عالم الإدارة الحديثة اليوم، وسيتأخرون كثيرا عن ركب الدول الأخرى، وحتى وإن خلت قلة من المؤسسات من هذا الفكر الكارثي، إلا أن الذي سيحكم الشكل العام للسوق وللإنتاج وللجودة سيكون ذلك الوليد المشوه دائما غير مكتمل الجسد، فسنجد دائما في كل إنتاج وفي كل خدمة مقدمة وفي كل جودة ذلك النقص الحتمي الذي يمكن معايشته طيلة الوقت، وهو الذي سيؤسس للمزيد من ثقافة "غير مهم"، وهذه الثقافة التي تبدأ من الفكر ستجعل الاستثمار الأجنبي مترددا أكثر، وستجعل العقول ذات الجودة المنضبطة غير محترمة في سوق العمل، وستعمل على المزيد من هجرة تلك العقول.

يمكن للإنسان أن يمارس فكر "الفهلوة"، ولكنه سيخسر الكثير. حتى في العلاقات الأسرية والاجتماعية، يعد فكر الفهلوة طريقة وأسلوبا للتنصل من المسؤوليات تجاه الأسرة أو العائلة أو المجتمع ككل. إن هذا الفكر يجعل الشخص الذي يمارسه يظن بأنه ذكي جدا، وبأن الآخرين محدودو الذكاء! والحقيقة هي العكس.

المجتمع بشكل عام ذكي ويلتقط الإنتاج الرديء أو الخدمات الرديئة حتى على مستوى العاطفة أو العلاقات الشخصية، ويستطيع أن يميز بين فروقات الجودة العالية والمنخفضة!

يعد فكر الفهلوة تعبيرا عن نشأة غير سليمة في محيط ربما كان فيه بعض من نماذج لأفراد مارسوا بوضوح سلوك "اللاتحمل للمسؤولية"، فأنتجوا كنتيجة حتمية أفرادا رأوا أن سلوك الالتفاف على الأشياء سيوفر عليهم الكثير من الجهد والتعب، وبأن المجتمع ككل أصبح متعايشا مع الإنتاج الرديء أو متوسط الجودة، ويكثر هذا في المجتمعات ذات القدرة الشرائية المنخفضة!

الفهلوة تعني أفرادا داخل المؤسسات يذهبون بالإنتاج وبالخدمات وبالسوق وبالحياة كلها إلى المجهول! الفهلوة لن تبني شيئا لأنها معول هدم من أكبر معاول تسريع انهيار الجودة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق