أتعجب على مستوى الإمكان من طبيب يفترض به إدراك أبعاد المعاناة، وملائكية الرحمة، منقلبا على إنسانيته المشكوك بوجودها.
مداوي جروح يستحل القتل، في لحظات جنون يسفك فيها مداد الشرايين، ويحطم العظام، ويفجر الجماجم، ويتبنى تعاسة البشر، وهو من أقسم يوما على بذل مستطاعه لمد العون والدواء، وتحقيق السعادة!
أتعجب ممن اختار أن يعارض وطنه القوي المنيع الكريم، والذي هيأ له الخطوات والأبواب منذ طفولته حتى بلغ من القيمة الاجتماعية والعلمية الكثير، متجبرا ناكرا بأفكار مشوشة وطموح همجي مريض، مغادرا عالمه وبيئته السعودية لعقدين من الزمان لم تتغير خلالها رؤيته الناقمة، فكان كثير التهديد بإرهاب، وكان يغرر ببنات سعوديات، ودفعهن للهروب من بين أسرهن إلى عوالم التفسخ والضياع، وبتشجيع ودعم من جهات تعادي وطنه، وهي جبانة لا تظهر في الواجهة، بل تستغل رقعة وجهه وحالته النفسية الهشة، وجهله المنطقي وثقافته الساقطة، وغرور من يعتقد أن الإناث لم تلد مثله.
مُجَمَع أحقاد متفجرة بتنوعات الوسوسة والكره المحيق وسوء الطالع اللحظي المتراكم، يسد كل فرج الأمل، ويؤصد أبواب السلام، ويرفض أي أوبة، وقناعة بالتواضع والتراحم الإنساني، والالتزام بقوانين الجماعة.
أستغرب ممن يغضبه حرف الألِف، فينقم على بقية حروف الهجاء مفرداتها ونقاطها وتشكيلها، وملقيا نفسه للتهلكة، متخبطا بين حكايات الماضي، وغبش المخيال، بين رموز أموات يفتديهم، وآخرون يحقد عليهم ويحتقرهم، طالبا الجنات العلى ببذل الشرور، ثم بنسف المعتقد، والعودة جزئيا، بيقين كاذب يرتحل بين النظريات والفلسفات ودون تمكن، ضمن مسارات هجين بين المعتقدات وما يناقضها، وبين أغراض وجدوى الحياة والعدمية، ليصنع لنفسه نوعا مبتكرا من جهاد لا يستوي، ولا يروي عطشه للدماء بسريالية سحيقة البؤس، حاكما على ذاته بمنتهى اليأس والغضب، ودون أن يستوقفه عقل، ولا يردعه قانون، ولا تلين له مشاعر إنسانية، ولا احترام حقوق بشر، رغم خروجه من وطنه بدعوى طلب حرية إنسان، مسخها بحماسة الجهالة!
أستغرب من شيمة إنسان استؤمِنَ ولم يعط الأمان لمن استقبلوه واحتضنوه، فخان جيرتهم، وجعل الوفاء منتهى السحت والكفر، والفجور، متلبسا بخيالات قرن عنز يناطح شموخ الجبال.
هل هذه التراجيديا نتاج تزاحم أنواع مخدرات في النافوخ أفقدته الوعي والأحاسيس، ونزعت من عينيه الرؤية، وجمدت أغشية قلبه، وقطعت الصلة بينه وبين الغد، فيقرر اختصار المسافات لجنات هو يستبعدها، وحقيقة العدم من زيفه، في حياة غرور عبثية تجريبية بائسة يائسة، تقبل أي نهايات ومفاجآت، وبعد أن باع الدنيا بمتعة، واحتقر طيب الأنفاس بعناد، وحطم القنوات مع أهل وولد ووطن؟
حكايته نكبة، ستظل عبرة لمن يعتبر، ولمن صعب عليه الدرب ولم يصل، ولمن حلم بشهادة الندم، وجناح ملاك ساقط في بحيرة كبريت الجحيم والضياع.
0 تعليق