مواليد أول يناير

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الخميس 02/يناير/2025 - 02:38 م 1/2/2025 2:38:35 PM

فاجأنى منشور كتبته إحدى الطبيبات كشف عن ظاهرة أقحم بعضهم نفسه فيها لا لسبب مفهوم وإنما بغرض الترند.
تحدث المنشور الذى راج بسرعة هائلة عن رغبات تحققت لكثير من السيدات الحوامل لتحديد موعد ولادتهن ليكون مطلع العام الجديد وليسجل أولياء الأمور مواليدهم بتاريخ الأول من يناير.
ظاهرة جميلة وفأل حسن بالتأكيد أن يأتيكم أفضل رزق وهو الذرية الطيبة مع بداية عام جديد نرجو فيه الأفضل ونتمنى فيه الخير والسعادة، وبالفعل ليس هناك أسعد ولا أفضل ولا أجمل من مولد قرة عين تلذ به أعين الوالدين وتطيب به خواطرهم.
لكن، وآه مما بعدها، هل ضمن الأم والأب وقبلهما الطبيب المولد صحة وسلامة المولود الذى عجل بولادته أو أخّرها ليتدخل قيصريًا فى الموعد الذى اختاره ولى أمر الرضيع؟ 
ذكرتنى هذه الظاهرة الملفتة بسعادة آباء رزقوا بفلذات أكبادهم فى أيام مميزة كهذا الذى رزق بمولود فى يوم السادس من أكتوبر، أو كتلك الأم التى ولدت طفلتها فى الثلاثين من يونيو. وفى المقابل، سمعت عن أولياء أمور رزقوا مولودًا فى اليوم الثالث عشر من أحد الشهور الميلادية، فلما وافق التاريخ يوم جمعة سجلوا الطفل بتاريخ لاحق إيمانًا منهم بالتفاؤل والتشاؤم!!
أمور عجيبة وغريبة قادنا إليها إيمان الكثيرين بالترند. ألم يسأل هؤلاء أنفسهم سؤالًا واحدًا عن جدوى هذا الإصرار العجيب على تحديد موعد للولادة قد يضر بفلذات أكبادهم؟ ألم ينبههم طبيبهم إلى خطورة عدم اكتمال نمو الجنين؟ ما بلغنا وما تابعناه على السوشيال ميديا هو زيادة الضغط على الحضانات بأعداد لا يمكن تصورها يومى الثلاثاء والأربعاء الماضيين، وتحدث الأطباء باستفاضة عن خطورة هذه الولادات على صحة الرضيع وخاصة جهازه التنفسى حيث كتبت الدكتورة هند عبدالسلام  منشورًا انتشر بسرعة البرق تقول فيه: «كل الحب والدعم للزملاء الأعزاء دكاترة الأطفال الذين يستقبلون حالات Elective CS  وليست لديهم أماكن فى الحضانات، حرفيًا يحاولون إصلاح أخطاء غيرهم ولكن فقط بهدف الحصول على تاريخ ميلاد مميز والنتيجة إضعاف الخدمة الطبية نتيجة كثرة الضغط على الحضانات».
ثم تضيف الطبيبة بسخرية: «كل الدعم والحب والأسى للنونو الذى وجد نفسه وقد ولد فجأة حتى لو مش جاهز ونازل نَفَسه عالى أو عنده مشاكل فى الرضاعة عشان لسه مش عارف يستخدم عضلات المص والبلع كويس بس كله فدا التاريخ المميز يا نونو أجمد كده». 
تفهمنا حرص بعض أولياء الأمور من ذوى الملاءة المالية على تسفير الأم فى الأيام الأخيرة للحمل إلى إحدى العواصم العظمى لا لشىء إلا ليولد طفلهم فى هذه الدولة أو تلك فيحظى بجنسيتها، وكأنه ولد فى الفردوس وإليها ينتسب. أما هذا الترند الجديد القاتل فهو ما لم أستوعبه وألوم فيه الوالدين وذويهم والفئة القليلة من الأطباء الذين قبلوا هذا الوضع أو أشاروا به أو حتى شجعوا على ولادة قيصرية لا داعى لها ولا مبرر طبى، وكل التحية للشرفاء منهم الذين يخلصون لشرف مهنتهم ويعملون بقسم أبوقراط الذى أقسموا عليه يوم تخرجهم. ويا كل أب وكل أم لا تجعلوا شاغلكم يقتصر فقط على الحصول على تاريخ ميلاد مميز لكن كونوا أكثر حرصًا على طفل صحيح البدن والذهن مميز  ليس مريضًا ولا ضعيفًا، فالشخص المميز هو من يميز تاريخ ميلاده وليس العكس.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق