يشهد العالم تحولات كبيرة، اقتصادية واجتماعية، وسط هذه التحديات، يبرز دور التعاونيات كمنظومة مبتكرة، ومرنة تجمع بين الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، وتؤكد قوة العمل الجماعي لتحقيق تنمية مستدامة.
ويمثل التحالف الدولي للتعاونيات روح التكاتف العالمي، ويقود الجهود لتعزيز هذا القطاع مع إعلان الأمم المتحدة 2025 "عاما دوليا للتعاونيات"، هذه اللحظة التاريخية تمثل دعوة للشباب ورواد الأعمال والمجتمعات لتبني الفكر التعاوني، كمنهج يفتح آفاقاً جديدة.
في نوفمبر 2024 في نيوديلهي كان بداية انطلاقة عالمية جديدة للعمل التعاوني، استضافت فيه الهند مؤتمراً دولياً للعمل التعاوني شارك فيه أكثر من 100 ممثل دولة، مما يعد أكبر تجمع للتعاونيات عالمياً، وشهد المؤتمر حوارات، وورش عمل حول كيفية إعادة تشكيل التعاونيات لتواكب التطلعات المستقبلية، جاء إعلان نيودلهي ليعبر عن رؤية طموحة تستهدف.
•التأكيد على الهوية التعاونية والاستثمار بالتعليم التعاوني.
• تمكين التعاونيات وإطلاق العنان لإمكاناتها بالاقتصاد.
• تطوير القيادة وتمكين المرأة والشباب.
• تحفيز التحول الرقمي وتبني تكنولوجيا في التمويل المالي الذكي.
هذا الإعلان يعكس إدراكا أن التعاونيات ليست فقط نماذج اقتصادية تقليدية، بل أدوات ديناميكية للتغير الإيجابي، وتدعم المستفيدين السبعة، التعاونيات، المجتمع المدني، القطاع الخاص، صناع الرأي، الحكومات، المؤسسات متعددة الأطراف.
وهذا ما أكد عليه كل من رئيس وزراء الهند السيد مودي كيف أن التعاون جزء من هوية الشعب الهندي، والأمين العام للأمم المتحدة السيد غوتيريش الذي تحدث عن القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية المقبلة، ودور التعاونيات، أما الدكتور أرييل جواركو فقد ركز، وأنا أدعم بشدة رأيه، على أن أهم ابتكار اجتماعي في العصر الحديث هو العمل التعاوني.
إعلان الأمم المتحدة" 2025 عاما للتعاونيات"، حدث تاريخي يحتم علينا أن نكون جزءا منه في الكويت، خصوصا أن الأمم المتحدة سوف تعلن عن إطلاق برامج تدريب للشباب وفعاليات للحلول التكنولوجية، بالإضافة إلى شراكات بين التعاونيات والقطاع الخاص.
هذه البرامج ليست مجرد فعاليات شكلية، بل فرص لإعادة هيكلة وتعريف العمل التعاوني، لتكون هناك نهضة اقتصادية واجتماعية.
أين سيكون موقعنا من الإعراب هنا في الكويت مع هذا الحدث العالمي؟
التجربة التعاونية الكويتية بدأت في أربعينيات القرن الماضي، عندما تأسست أول نواة للعمل التعاوني في المدرسة المباركية لتلبية الاحتياجات، وتطورت هذه التجربة حتى أصبحت رائدة في العمل التعاوني على المستوى، الخليجي والعربي والعالمي، حتى أصبحت منارة يقصدها الجميع، لكي يطلع ويتعلم وينقل التجربة الكويتية، وأنا شاهد عيان على العديد من هذه الزيارات، مما يجعلها عامل قوة للدولة والمجتمع التعاوني الكويتي.
أحزنني بعد هذه النجاحات الكثيرة عدم تواجد أي جهة تمثل دولة الكويت في المؤتمر الدولي للتعاونيات، خصوصا أنه حدث استثنائي يحظى بدعم أممي.
يجب علينا أن نضع بصمة في العمل التعاوني العالمي، ويجب أن نكون جزءاً من العالم يفيد ويستفيد من الآخرين.
الانعزال عن العالم ليس من مصلحتنا، ويجب أن ندرك ذلك سريعاً!
لذلك يقع على عاتق الدولة ممثلة بوزارة "الشؤون" واتحادات الجمعيات، اطلاق مبادرة، وتشكيل فريق يضم خبراء ومتخصصين ليعملوا على:
• صياغة رؤية الكويت 2035 للعمل التعاوني تنعكس على المجتمع بصورة إيجابية ذات قيمة مضافة.
• تمثيل الكويت في المحافل الدولية لإبراز دورنا.
• إطلاق مبادرات محلية لدعم الجمعيات والمجتمع بالشراكة مع القطاع الخاص.
• دعم المبادرين الشباب ليكونوا محركاً، وانطلاقة للمستقبل
في هذه الظروف التي تعيش فيها الكويت، بقيادة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الصباح، حفظه الله، وتبنيه لنهج الإصلاح الجذري.
ويحتم علينا الواقع، وحب الوطن أن نبذل الجهد، لكي يواكب العمل التعاوني الطموح، وليس تقديم السلع والغذاء فقط، ويرتبط أكثر بمفهوم جودة الحياة في المناطق السكنية، لأن نظامنا الحالي نجح، ونضج، ومستعد للانطلاق إلى عهد جديد، وأبعاد أخرى أكبر... يجب أن نكون مستعدين لعام 2025.
المراقب المالي لاتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية- قطاع التعاون
0 تعليق