يحدث ذلك لعدم وجود الهواتف، ووسائل التذكير: ربطة بالشماغ.
وربما يذهب الشخص لموعد ليس في يومه، وربما ينسى أنه قد نسي أن ينسى، والعتب على قدر الوسيلة، والأمارية الغفلة، فالحبيب مباح تأخيره شهر، والكريه، قد لا يطاق انتظاره ثوان.
أحدهم يقول نسيت موعدي، فهل كان الساعة الواحدة مع اثنتين، أو أنه الساعة اثنين مع واحدة!
موعدنا العصري أصبح من الممكن إطالة حزته وفسحته، فمكالمة ترافق خطواتك، والنقل المباشر لتأكيد مصداقية حرجك، وتأفف من جلسة من ينتظر على المفرق، يهدم ذوق الأعذار، وتحترق القلوب القلقة، وسط زحام الشوارع: سيارتي عطلت، طب علينا زائر، فلان في الطوارئ، مديري استدعاني لاجتماع عاجل خارج الدوام، جدتي نسيت أن موعدنا كان أمس، وأني قد زرتها، في عوالم الخرف، فزارتني قلقة تطمئن!
الوقت يمضي بسرعة، سندوتش يحضر دليفري، وما يتبقى بعد الدوام تصبيرة، دش وتغيير الملابس، وتسكين شؤون البيت والأسرة، يضيق الثوب بعض المرات، ويجعل الاعتذار رفاهية، وعذري هذه المرة، تخيلي أني قادر على إنجاز ربط مواعيد المستحيل، وميترو سوبرمان، لحضور جلستنا في الركن البعيد المزعج.
هذه ليست عادتي، فالجميع يطلقون عليَّ "جرينتش" قبل أن أعمل في وظيفتين، فأفقد باللهاث فكة الدقائق، وأعود أبحث عنها في جيوب ثوبي المخرومة، لا بد من إيفاء الوعد، ولو متأخرا، بعد أن أصبحت الحياة غباء وذكاء تقنية، ولكم أحتاج لإجازة من خارج الرزنامة، وليس عندي رصيد، ومنذ شهر لم أشاهد والدتي، وموعدي مع الشلة كان متسرعا، لم أحسب فيه حشرجة ظروفي.
سامحني، أو انتظرني، لنلتقي في منطقة وسط، بعد أن أنهي قهوة بيدي، أو لنؤجل الشوي ليوم فحمي الشعلة.
يا أخي لكم أكره القيود، والارتباط بالمواعيد الحادة الزوايا تجرحني، وتذكرني برائحة البنج، وعندي متلازمة ما يسمى بنحس إيفاء المواعيد، فلا تنهال الظروف والمشاغل إلا حينما أواعد عزيزا.
أنا لا أقصد أنك نحس، والحمد لله أن مواعيدي ليست مع خطيبة، صرفت يومها في مواعيد كوافير وزينة وأزياء، فكان من المؤكد أن تفسخ ارتباطها لعدم التناغم، وربما تعطيني كرت مخالصة بيننا، والخوف أني لن أتمكن من الحضور، وليس من الذوق أن أرسل لها وكالة من أبشر.
لا أحب من ينتقد تأخري في المواعيد، ولكني أمسح سيرة من يتخلف على مواعيدي بالأرضيات الباردة، فكل شيء يهون إلا التأخير عن موعد تحملت من أجله التوقف في عشر إشارات.
يا أخي لماذا لا نجرب المواعيد عن بعد، والقنوات ميسرة، المهم ألا يقوم أحدنا بفتح محادثة جماعية، يجمع فيها بين وعدي معه، ووعوده مع أشخاص لا أطيقهم، ولكنهم ينافسوني على الإيفاء بوعد يصعب لملمة محفظته، وربما تفتضح أسراري، وأعود أشتكي من وعد يكاد يكون في مساحة بث وحوار، مع من يناقشون صعوبة الالتزام بالمواعيد، وأسباب ذلك، وطرق تعديل سلوك أصبح رغم التقنية ضربا من المستحيل لا يحضر في موعده.
shaheralnahari@
0 تعليق