ما زلت بصحبة الحديث عن ظاهرة غياب التفكير النقدى، التى تسببت فى كوارث عديدة أضرت بالمجتمع، ومن نتائج غياب التفكير وجود جماعة الإخوان الإرهابية، تلك الجماعة التى ارتكبت فى حق مصر جرائم كثيرة منذ تأسيسها وحتى الآن، وقد نجحت مصر فى التصدى لهذه الجماعة، ولكن يبقى ضرورة إزالتها من وجه الأرض، وهذا يتطلب إعمال العقل والتفكير النقدى خاصة لدى الشباب.
عندما يغيب التفكير النقدى ينتشر التطرف كالنار فى الهشيم، ففى غياب القدرة على تحليل المعلومات وتقييمها بمنطقية، يصبح الفرد عرضة للتأثر بالأفكار الجاهزة والمتطرفة، والتى غالبًا ما تستغل عواطفه ومخاوفه. فبدلًا من التفكير النقدى فى الأسباب الجذرية للمشكلات، يميل المتطرفون إلى تقديم حلول بسيطة وعنيفة، تستند إلى تحريف الحقائق وتبسيط القضايا. وفى ظل غياب التفكير النقدى، يصبح من السهل تبرير العنف والتطرف باسم الدين، ما يؤدى إلى تكوين جماعات متطرفة تعمل على نشر الكراهية والعنف.
إن غياب التفكير النقدى يفتح الباب أمام انتشار الشائعات والأخبار الزائفة، التى تسهم فى زيادة الاستقطاب والانقسام المجتمعى، فبدلًا من البحث عن الحقيقة، يميل الناس إلى تصديق ما يتوافق مع معتقداتهم المسبقة، ما يعزز التطرف ويجعل الحوار والتفاهم بين مختلف الأطراف أمرًا صعبًا، كما أن غياب التفكير النقدى يجعل الأفراد أكثر عرضة للتلاعب من قبل المتطرفين، الذين يستغلون حاجتهم لتجنيدهم فى أعمال عنيفة.
ولمواجهة هذا التحدى، يجب العمل على تعزيز ثقافة التفكير النقدى فى المجتمع، وهذا يتطلب توفير التعليم المناسب الذى يشجع الطلاب على طرح الأسئلة والتساؤل، وتدريبهم على تحليل المعلومات وتقييمها بمنطقية.
كما يجب تشجيع الحوار المفتوح والاحترام المتبادل بين مختلف الآراء والأفكار، وتوفير منصات للتعبير عن الرأى بحرية ومسئولية. بالإضافة إلى ذلك، يجب مكافحة انتشار الشائعات والأخبار الزائفة من خلال تعزيز ثقافة التحقق من المعلومات والمصداقية.
إن التفكير النقدى هو سلاح يمكن استخدامه لبناء مجتمعات ديمقراطية متسامحة، بدلًا من نشر الكراهية والعنف، لذلك، فإن تعزيز ثقافة التفكير النقدى هو مسئولية مشتركة تقع على عاتق الأفراد والمؤسسات والحكومات.
إن غياب التفكير النقدى هو أحد أهم أسباب انتشار التطرف، وهناك علاقة وثيقة بين غياب التفكير وجماعة الإخوان الإرهابية، حيث يمثل غياب هذا التفكير بيئة خصبة لنمو الأفكار المتطرفة التى تنادى بها الجماعة.
إن غياب التفكير النقدى داخل الجماعة نفسها يعزز من تصلب أفكارها ورفضها للمراجعة والتطوير، وبدلًا من الانفتاح على الأفكار الجديدة والبحث عن حلول مبتكرة للمشكلات، تلتزم الجماعة بفكر مؤسسها حسن البنا، وتعتبر أى نقد لأفكاره خروجًا عن المنهج.
هذا التصلب الفكرى يجعل الجماعة عاجزة عن مواكبة التطورات والتغيرات التى يشهدها العالم، ويجعلها تظل عالقة فى الماضى، ويبقى السؤال: ما العوامل التى تسهم فى غياب التفكير لدى أتباع الجماعة؟ يمكن تلخيصها فى التربية الدينية التقليدية التى تركز على حفظ النصوص وتلقين الأفكار الجاهزة، دون تشجيع على التفكير أو إعمال العقل، ويخاف أعضاء الجماعة من الخروج عن المنهج الذى رسمه المؤسس، ما يجعلهم يترددون فى طرح أى أفكار جديدة ويتلقون أوامرهم وتوجيهاتهم دون نقاش أو جدل.
إن مكافحة انتشار الفكر المتطرف لجماعة الإخوان تتطلب جهودًا متضافرة على المستوى الفردى والمجتمعى والدولى، ويجب العمل على تعزيز ثقافة التفكير النقدى، ونشر الوعى بأخطار الأفكار المتطرفة، وتوفير بدائل فكرية وسياسية جذابة للشباب.
كما يجب على الدول المعنية اتخاذ إجراءات حازمة لمواجهة تمويل الجماعة ونشاطاتها، كما أن علاقة غياب التفكير النقدى بجماعة الإخوان علاقة وثيقة ومتشابكة، فمن خلال تعزيز القدرة على التفكير النقدى، يمكننا مواجهة الأفكار المتطرفة التى تنادى بها الجماعة، وبناء مجتمع أكثر سلامًا وأمانًا.
وللحديث بقية.
0 تعليق