تعافت أسعار الذهب الجمعة مع زيادة جاذبية الملاذ الآمن بسبب حالة عدم اليقين المحيطة بسياسات إدارة دونالد ترامب المقبلة، حتى بعد صدور بيانات التوظيف الأميركية التي جاءت أقوى من المتوقع مما زاد التكهنات بأن يحجم مجلس الاحتياطي الاتحادي «البنك المركزي الأميركي» عن خفض أسعار الفائدة بدرجة كبيرة هذا العام.
وصعد الذهب في المعاملات الفورية 0.6 في المئة إلى 2686.24 دولاراً للأوقية «الأونصة»، وارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.9 في المئة إلى 2715 دولاراً.
وتراجعت أسعار الذهب فترة وجيزة إلى 2663.09 دولاراً للأوقية «الأونصة» بعد أن أظهرت بيانات أن الولايات المتحدة أضافت 256 ألف وظيفة الشهر الماضي، مقارنة بتقديرات خبراء اقتصاد عن زيادة 160 ألف وظيفة. وبلغ معدل البطالة 4.1 في المئة، مقارنة بتوقعات عند 4.2 في المئة.
لكن سرعان ما تعافت أسعار الذهب لتسجل أعلى مستوياتها منذ 12 ديسمبر، وتتجه لمكسب أسبوعي بأكثر من 1.7 في المئة.
وقال تاي وونغ، وهو تاجر مستقل في المعادن «تحركات أسعار الذهب تشير إلى نقص البائعين الملتزمين بالمعدن، وهو أمر تعلمناه جيداً من الارتفاع الملحوظ في العام الماضي».
وارتفع الدولار في حين هبطت العقود الآجلة للأسهم الأميركية بشدة بعد بيانات الوظائف. وتظهر الأسواق أن المتداولين يتوقعون الآن أن يخفض الاحتياطي الاتحادي أسعار الفائدة بنحو 30 نقطة أساس فقط على مدار العام الحالي، مقارنة بتخفيضات بلغت نحو 45 نقطة أساس قبل البيانات.
وقال ديفيد ميجر مدير تداول المعادن في هاي ريدج فيوتشرز إن «الذهب لا يزال صامداً في مواجهة تقرير وظائف أقوى كثيراً من المتوقع... أحد العوامل التي تدعم الذهب هو حالة عدم اليقين التي شهدناها قبل التنصيب» للرئيس الأميركي.
ومع اقتراب موعد تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب في 20 الجاري، يشعر المستثمرون بالقلق من تعهده بفرض رسوم جمركية على مجموعة واسعة من الواردات، خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى إذكاء التضخم وتقليص قدرة الاحتياطي الاتحادي على خفض أسعار الفائدة.
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، صعدت الفضة في المعاملات الفورية 0.9 في المئة إلى 30.38 دولاراً للأوقية، ونزل البلاتين 0.2 في المئة إلى 959.10 دولاراً، وزاد البلاديوم 2.2 في المئة إلى 943.93 دولاراً. وتتجه المعادن الثلاثة إلى تسجيل مكاسب أسبوعية.
وتبدو الصين وكأنها تزيد من احتياطياتها من الذهب قبيل تنصيب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب في 20 يناير الحالي.
وفي ديسمبر، أضاف البنك المركزي الصيني 330 ألف أونصة من الذهب إلى احتياطياته، في ثاني شهر على التوالي من زيادة مخزونه من الذهب، وفقًا للبيانات الرسمية التي صدرت الأسبوع الماضي.
وبلغت احتياطيات الصين من الذهب 73.29 مليون أونصة في الشهر الماضي، ارتفاعاً من 72.96 مليون أونصة في نوفمبر.
جاءت زيادة احتياطيات الصين من الذهب بعد فترة توقف استمرت ستة أشهر، حيث امتنعت، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، عن شراء الذهب وسط ارتفاع قياسي في أسعاره، بحسب ما ذكرته «Business Insider» واطلعت عليه «العربية Business».
وتأتي زيادة احتياطيات الذهب لدى البنك المركزي الصيني في وقت لا يزال فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم يكافح للتعافي من تداعيات الجائحة، مع مواجهته العديد من التحديات مثل أزمة العقارات والانكماش وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب.
كما فقد اليوان الصيني قوته أمام الدولار العام الماضي وهو الآن عند أدنى مستوى له منذ 16 شهرًا.
وتوقع راي جيا، رئيس الأبحاث في الصين بمجلس الذهب العالمي، في تقرير الشهر الماضي استمرار الطلب الاستثماري على الذهب هذا العام بسبب الخسائر المحتملة في اليوان واحتمالية خفض أسعار الفائدة.
وقال جيا: «إذا استأنفت الإعلانات الرسمية عن شراء الذهب، وهو ما كان محركًا رئيسيًا للطلب الاستثماري على الذهب في السنوات الماضية، فسيحصل معنويات المستثمرين في الذهب على دعم إضافي».
توقعات ببلوغ الذهب 3000 دولار للأونصة
شهد الذهب ارتفاعاً كبيراً العام الماضي حيث ارتفعت الأسعار الفورية بنحو 30%، مما دفع بعض المستثمرين إلى التريث. ويتوقع بعض المحللين استمرار الطلب القوي على المعدن الثمين هذا العام.
يتوقع بنك «غولدمان ساكس» أن يصل سعر الذهب إلى 3000 دولار للأونصة بالربع الثاني من عام 2026، بدعم من خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة.
كما يتوقع البنك استمرار الطلب المرتفع من البنوك المركزية في دعم ارتفاع أسعار الذهب. ويرجع هذا الطلب جزئيًا إلى تنويع البنوك المركزية لأصولها بعيدًا عن الدولار الأمريكي إلى الذهب، الذي يُعتبر ملاذًا آمنًا مُجربًا عبر الزمن.
وكان «غولدمان ساكس» قد أجل توقعه الشهر الماضي لوصول الذهب إلى 3000 دولار للأونصة من نهاية 2025 بعدما أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، لاحقًا في الشهر إلى أن وتيرة خفض أسعار الفائدة قد تكون أبطأ هذا العام.
وفي ديسمبر، أشار البنك إلى أن الطلب من البنوك المركزية، إضافة إلى حالة عدم اليقين الجيوسياسي وأسواق الأسهم، سيدعم أسعار الذهب المرتفعة.
وقال المحللون: «عندما تؤدي التعريفات التجارية - وهي سمة رئيسية في توقعات استراتيجيي العملات لدينا باستمرار قوة الدولار حتى 2025 - أو بشكل أوسع الصدمات الجيوسياسية إلى تعزيز قوة الدولار، فإن الدولار وأسعار الذهب يميلان إلى الارتفاع معاً».
كما يتوقع ماركوس غارفي، رئيس استراتيجية السلع في مجموعة «ماكواري»، ارتفاع المعدن الأصفر إلى مستوى 3000 دولار.
وقال غارفي: «إذا عاد المستثمرون الصينيون للشراء أو خشيَت الأسواق من أن تؤدي مقترحات سياسة ترامب إلى تدهور ملموس في الأوضاع المالية الأميركية، فقد يتجه السعر بسرعة إلى مستوى 3000 دولار للأونصة».
وهدد ترامب بفرض تعريفات جمركية بنسبة 60% على جميع البضائع الصينية، وهو ما يقول المحللون إنه سيؤدي إلى ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة.
0 تعليق