فرض الرئيس دونالد ترامب، أمس، رسوماً جمركية على كندا والصين والمكسيك -أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. وسيدفع المستوردون الأميركيون ضريبة بنسبة 25 في المئة على جميع السلع من كندا والمكسيك، في محاولة لإجبار البلدين على الحد من الاتجار بالمخدرات والهجرة إلى الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، ستواجه الواردات من الصين رسوماً جمركية بنسبة 10 في المئة -عقوبة لفشل بكين في كبح جماح تهريب المواد الكيميائية التي تدخل في تركيب الفنتانيل إلى كندا والمكسيك، حيث يجري تحويلها إلى فنتانيل متجه إلى الولايات المتحدة.
في هذا الإطار، شرح مجلس العلاقات الخارجية، في تقرير مفصل، التأثيرات الاقتصادية المحتملة لهذه التعريفات الجمركية على البلدان الـ4:
1 - على الولايات المتحدة
- يأتي نحو نصف جميع واردات الولايات المتحدة -أكثر من 1.3 تريليون دولار- من كندا والصين والمكسيك. ومع ذلك، يُظهر التحليل الذي أجرته «بلومبرغ إيكونوميكس» أن التعريفات الجمركية الجديدة يمكن أن تقلل من إجمالي الواردات الأميركية بنسبة 15 في المئة. في حين تقدر مؤسسة الضرائب، ومقرها واشنطن العاصمة، أن التعريفات الجمركية ستولد نحو 100 مليار دولار سنوياً في عائدات ضريبية فدرالية إضافية، إلا أنها قد تفرض أيضاً تكاليف كبيرة على الاقتصاد الأوسع: تعطيل سلاسل التوريد، ورفع التكاليف للشركات، والقضاء على مئات الآلاف من الوظائف، وفي نهاية المطاف رفع أسعار المستهلك.
- ستتأثر قطاعات معينة من الاقتصاد الأميركي بشدة، بما في ذلك قطاعات السيارات والطاقة والأغذية. وقد ترتفع أسعار البنزين بما يصل إلى 50 سنتاً للغالون في الغرب الأوسط، حيث تزود كندا والمكسيك مصافي التكرير الأميركية بأكثر من 70 في المئة من واردات النفط الخام. كما تتعرض السيارات والمركبات الأخرى للخطر، حيث تستورد الولايات المتحدة نحو نصف قطع غيار السيارات من جيرانها الشماليين والجنوبيين.
- إن فرض تعريفة جمركية بنسبة 25 في المئة على كندا والمكسيك من شأنه أن يرفع تكاليف الإنتاج لشركات صناعة السيارات الأميركية، مما يضيف ما يصل إلى 3 آلاف دولار إلى سعر بعض السيارات البالغ عددها نحو 16 مليون سيارة والتي تباع في الولايات المتحدة كل عام. وقد ترتفع تكاليف البقالة أيضاً، إذ تعد المكسيك أكبر مصدِّر للمنتجات الطازجة للولايات المتحدة، حيث تزودها بأكثر من 60 في المئة من واردات الخضراوات الأميركية، ونحو نصف واردات الفاكهة والمكسرات.
- مع ذلك، فإن الولايات المتحدة تعتمد بشكل أقل على التجارة مقارنةً بكثير من الاقتصادات الصناعية الأخرى، بما في ذلك ألمانيا واليابان والمملكة المتحدة. وتشكل الواردات والصادرات ربع الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة فقط، وتحصل الولايات المتحدة على ما تستورده من مجموعة واسعة إلى حد ما من الدول.
2 - على كندا والمكسيك
- ستؤثر الرسوم الجمركية على كندا والمكسيك بشكل أكبر، حيث تشكل التجارة نحو 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لكلا الاقتصادين، فأكثر من 80 في المئة من صادرات المكسيك -بما في ذلك السيارات والآلات والفواكه والخضراوات والمعدات الطبية- تتجه شمالاً، وهو ما يمثل 15 في المئة من إجمالي الواردات الأميركية. ويتجلى هذا الاعتماد بشكل خاص على الحدود الشمالية للمكسيك. فهناك، تمثل الولايات الصناعية شيواوا وكواهويلا ونويفو ليون وباخا كاليفورنيا نحو نصف صادرات المكسيك إلى الولايات المتحدة، إذ ترسل ما يزيد على 200 مليار دولار من أجهزة الكمبيوتر والإلكترونيات ومعدات النقل وغيرها من المنتجات كل عام.
- إن فرض تعريفات جمركية أحادية الجانب بنسبة 25 في المئة على هذه السلع من شأنه أن يخفض الناتج المحلي الإجمالي للمكسيك بنحو 16 في المئة وفقاً لـ«بلومبرغ»، مع تحمل صناعة السيارات في المكسيك العبء الأكبر. ترسل المكسيك نحو 80 في المئة من السيارات التي تنتجها إلى الولايات المتحدة وحدها، أي ما يعادل نحو 2.5 مليون سيارة سنوياً.
- ستهدد الرسوم قطاع الطاقة في المكسيك، إذ تستقبل الولايات المتحدة نحو 60 في المئة من صادرات المكسيك من النفط، ومعظمها من النفط الخام المتجه إلى مصافي التكرير الأميركية. وفي الوقت نفسه، تعد المكسيك الوجهة الأولى لصادرات النفط المكرر الأميركية، التي تلبّي أكثر من 70 في المئة من الطلب المحلي. ومن المرجح أن تؤدي التعريفات الجمركية الأميركية إلى زيادة تكلفة الوقود، مما يرفع الأسعار في المضخة ويضغط على الاقتصاد الأوسع في المكسيك.
- تواجه كندا تحدياً مماثلاً، إذ تشتري الولايات المتحدة أكثر من 70 في المئة من صادرات كندا، وتشكل هذه السلع 14 في المئة من إجمالي واردات الولايات المتحدة. وبموجب التعريفات الجمركية الجديدة، سيتضرر قطاع الطاقة الكندي بشكل أكبر، حيث يرسل المصدرون 80 في المئة من نفطهم إلى الجنوب.
3 - على الصين
- إن الصين أقل اعتماداً نسبياً على الولايات المتحدة وأقل اعتماداً على التجارة بشكل عام، فعلى مدى العقدين الماضيين، قلّلت بشكل مطَّرد من أهمية التجارة لاقتصادها مع قيام بكين بتكثيف الإنتاج المحلي. واليوم، لا تمثل الواردات والصادرات سوى نحو 37 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للصين، مقارنةً بأكثر من 60 في المئة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
- في السنوات الأخيرة، تراجعت التجارة بين الولايات المتحدة والصين، خصوصاً في القطاعات التي تضررت من التعريفات الجمركية السابقة وضوابط التصدير، مثل: قطع غيار السيارات، وخوادم البيانات، والأثاث، وأشباه الموصلات. وبدلاً من ذلك، عززت الصين التجارة مع شركاء آخرين بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والمكسيك وفيتنام. وارتفعت حصة البلاد من التجارة العالمية بنحو 4 في المئة منذ عام 2016، عندما تولى ترمب منصبه لأول مرة، حتى مع انخفاض حصة الولايات المتحدة. وستعمل هذه العوامل مجتمعة على تخفيف صدمة التعريفات الجمركية الإضافية بنسبة 10 في المئة على الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة.
4 - توقعات المستقبل
- قد تضعف عملة كل دولة بشكل أكبر، مما يخفف من وطأة التعريفات الجمركية على الواردات ويرفع السعر الفعلي للصادرات الأميركية إلى دول أخرى. وقد خفَّف ضعف اليوان بالفعل من الضربة التي تلقاها المنتجون الصينيون، مما ساعد صادراتهم على البقاء قادرةً على المنافسة في جميع أنحاء العالم، كما أن انخفاض قيمة البيزو المكسيكي بنحو 30 في المئة منذ أبريل وانخفاض الدولار الكندي بنسبة 8 في المئة منذ سبتمبر يقللان من التأثير المحتمل. ومن المحتمل أن تدفع الأسواق البيزو، وكذلك الدولار الكندي، إلى الانخفاض أكثر، على الرغم من فرض التعريفات الجمركية.
- إن الرسوم الجمركية الانتقامية على الولايات المتحدة ستؤثر بشكل رئيسي على الولايات التي تعتمد بشكل كبير على التصنيع، فالمكسيك تشتري 70 في المئة من صادرات نيو مكسيكو، بما في ذلك مليارات الدولارات من رقائق أشباه الموصلات الأميركية والمكونات الكهربائية التي تعود لاحقاً إلى الولايات المتحدة في السيارات والأجهزة المصنوعة في المكسيك. وترسل تكساس أكثر من 20 مليار من الرقائق وقطع غيار السيارات والمعدات الكهربائية إلى المكسيك، وبشكل عام، تمثل صادرات الولاية المتجهة جنوباً 5 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، كما ستؤثر الرسوم الجمركية على صادرات أوهايو من السيارات والمعادن بقيمة 5 مليارات إلى كندا، بالإضافة إلى صادرات ماين من الأخشاب والورق المتجهة شمالاً بقيمة 320 مليونا.
0 تعليق