قرر تحالف «أوبك+»، في اجتماعه الأخير، تطبيق زيادة إنتاج النفط في أبريل المقبل، وبعودة تدريجية ومرنة للتخفيضات الطوعية، في حدود 2.2 مليون برميل يومياً، مع إمكانية التعديل وفقا لأوضاع السوق. «الجريدة» طرحت تساؤلات للمختصين بشأن أوضاع الأسواق النفطية بعد تطبيق هذا القرار، حيث قالوا إن «أوبك+» لديها تاريخ طويل في التأثير على أسواق النفط العالمية، لكنّ الزيادات النفطية القادمة من الدول غير الأعضاء، مثل الولايات المتحدة، والبرازيل، وكندا والمكسيك، تشكّل تحديا كبيرا، حيث بلغ الإنتاج لهذه الدول مثل الولايات المتحدة أكثر من 12 مليون برميل يوميا تقريباً، وهي أكبر منتج للنفط في العالم، والبرازيل تنتج حوالي 3.7 ملايين برميل يومياً، أما كندا فتنتج نحو 5.8 ملايين، والمكسيك تنتج نحو 1.9 مليون، ولديها تقنيات متقدمة تمكّنها من زيادة الإنتاج بسرعة نسبياً. وأضافوا أن «أوبك+» يمكنها مواجهة هذه الزيادات من خلال تعديل حصص الإنتاج وخفض الإنتاج لدعم الأسعار، كما حدث عام 2020 عندما خفضت المنظمة الإنتاج بمقدار 9.7 ملايين برميل يومياً... وفيما يلي التفاصيل:
بداية، قال الخبير والاستشاري النفطي، د. عبدالسميع بهبهاني، إنه اقتصاديا وفنيا فإن الزيادات النفطية الرئيسية تأتي من كندا، والمكسيك، وأميركا، والبرازيل، ولكن لكل منها تحدياتها، فإنتاج كندا يواجه عقبات، مثل خطوط الأنابيب «كي ستون إكس إل»، هذا الى جانب المخاطر البيئية والقيود التنظيمية، مما قد يؤخر تأثيره لمدة 5 - 10 سنوات، أما المكسيك فتواجه قيودًا في قدراتها الإنتاجية الحالية لمخزونها المكتشف الكبير.
عبدالسميع بهبهاني: عودة الغاز الروسي حال انتهاء الحرب ستضيف طاقة رخيصة إلى السوق وستشكّل ضغطاً هبوطياً على أسعار النفط
من جهة أخرى، تمتلك «أوبك+» أدوات فنية واقتصادية لمواجهة هذه التحديات، حيث يمكنها التحكم في الإنتاج الفوري، واستغلال تنوّع خاماتها لزيادة التنافسية، وتحمّل تكاليف الإنتاج بشكل أفضل، كما أن تقليص تصدير الخام والتركيز على تصدير المشتقات النفطية والتصنيع، تمنحها ميزة تنافسية إضافية، ويبقى أمامها تحدي موازنات مشاريعها المستقبلية.
مواجهة معقّدة
وأضاف: أما سياسيا، فالمواجهة معقّدة، فالولايات المتحدة تدعم منتجيها وحلفاءها في المكسيك والبرازيل، حتى فنزويلا العدائية لها، مما يجعل المواجهة صعبة سياسيا.
وإضافة إلى ذلك، تعاني «أوبك+» تناقضات سياسية داخلية بين أعضائها، مما قد يُضعف قراراتها الجماعية، فتناقض الدعم لعودة الزيادة 2.2 مليون برميل يوميا، (روسيا، الإمارات، فنزويلا، العراق، وكازاخستان) ومعارضة الباقين، يجعل «أوبك+» تلعب في سوق النفط لعبة تخمين عالية المخاطر، فضلا عن أن المملكة العربية السعودية، (مؤسس مشروع التحالف، والتي تسعى لاستقرار السوق) ليست سعيدة جدا بفتح أبواب الإنتاج على عجل. ونحن على أعتاب دخول الربع الثاني من العام، وهو موسم زيادة الطلب، وقد تمضي دول الخفض الطوعي الـ 8 في العودة التدريجية لـ 2.2 مليون برميل يوميا.
وقال: خلاصة القول، أولا أن «أوبك +» بقدرتها الفنية، وبمخزونها الضخم وإنتاجها 40 بالمئة من الطلب العالمي، تستطيع تحدي الفائض العالمي إذا تغلبت على النموذج السياسي القادم المهدد للنمو الاقتصادي!
وأشار إلى أن الحكومة العراقية لا تمتلك سيطرة كاملة على إيرادات النفط، بسبب عدة عوامل مؤثرة، أولها إقليم كردستان الذي كان يتمتع باستقلالية في إدارة موارده النفطية حتى عام 2023، حيث يتم الآن تصدير النفط عبر شركة سومو، وسط مفاوضات مستمرة بشأن توزيع العائدات بين بغداد وأربيل.
وثانيًا: الالتزامات الدولية، مثل تعويضات الحروب وسداد الديون، حيث تستنزف جزءًا من الإيرادات النفطية، وتؤدي الولايات المتحدة دورًا غير مباشر، لكنه مؤثر في توزيع هذه الإيرادات، من خلال نفوذها على السياسة المالية والنفطية للعراق، إذ تودع عائدات النفط العراقي في البنك المركزي العراقي لدى «الاحتياطي» الفدرالي في نيويورك، مما يمنح واشنطن القدرة على التأثير في قرارات بغداد المالية. كما تمارس ضغوطًا سياسية واقتصادية لتقييد قدرة العراق على التصرف باحتياطياته بالدولار، وإضافة إلى ذلك، تتدخل في إدارة ملف نفط كردستان، مما يؤثر على توزيع العائدات بين الحكومة المركزية والإقليم.
عائدات نفطية
وأوضح أنه على الرغم من إشراف الحكومة العراقية على معظم العائدات النفطية، فإن التزاماتها المالية والضغوط الخارجية تحدّان من سيطرتها المطلقة، لافتا الى أنه مع إنتاج كردستان بطاقته الكاملة، يصبح العراق ثالث أكبر منتج للنفط في «أوبك+»، مما يمنحه دورا مؤثرا في قرارات التحالف.
وحول توقعات أسعار الخام على المدى المتوسط، أفاد بهبهاني بأن العوامل المؤثرة في سوق النفط تشير إلى احتمال بقاء الأسعار ضمن نطاق محدود بسبب مزيج من الاقتصادية والجيوسياسية. فالمخزون العالمي حاليا فائض عن الطلب، مع احتمال قرار زيادة تدريجية في القدرة الإنتاجية لدول «أوبك+»، بنحو 138 ألف برميل يوميا (من خفض الـ 2.2 مليون)، والزيادة المتوقعة لبعض المنتجين الكبار، مثل الولايات المتحدة وكندا والبرازيل، لافتا الى أن هذا يؤدي إلى ارتفاع المعروض النفطي، مما يضغط على الأسعار ويحدّ من أي ارتفاعات كبيرة، فضلا عن السياسات الأميركية وتأثيرها على النمو الاقتصادي، بعد توجّه الولايات المتحدة نحو الحمائية التجارية وفرض تعريفات جمركية، فإن ذلك قد يهدد وتيرة النمو الاقتصادي العالمي، ومن ثم ينخفض الطلب على الطاقة، ثم الضغوط على الأسعار، هذا إلى جانب العوامل الجيوسياسية وعودة الغاز الروسي، ورغم دعم أوروبا لأوكرانيا، فإن الحوافز الاقتصادية قد تدفع بعض الدول الأوروبية إلى إعادة استيراد الغاز الروسي الأرخص، مما يقلل من الحاجة إلى النفط كبديل للطاقة، ويؤثر سلبًا على الأسعار، لافتا الى أنه مع توافر الطاقة الرخيصة وزيادة المعروض النفطي، من المرجح أن تشهد الأسواق حالة من الإغراق، مما ينعكس حاليا في منحنيات العقود التحوطية والأسعار المستقبلية المتشائمة.
وأعرب بهبهاني عن توقعاته إزاء هذه المعطيات أن تبقى أسعار النفط قريبة من 75 دولارًا للبرميل في المدى المتوسط، مع تقلّبات. ولكن مصدر العامل الأهم على هبوط أسعار النفط هو الولايات المتحدة، المؤثر أيضا على شركاتها النفطية والصناعية، فإلى متى ستتحمل ذلك؟ هناك مؤشر على أن هذه التناقضات الجيو- اقتصادية قد تؤدي الى استقرار نسبي في حدود 75 - 80 دولارا لخام برنت.
وذكر أن عودة الغاز الروسي إلى الأسواق العالمية، في حال انتهاء الحرب الروسية - الأوكرانية، ستضيف طاقة رخيصة إلى السوق وتشكّل ضغطًا هبوطيًا على أسعار النفط، حيث اعتمدت أوروبا على النفط كبديل جزئي للغاز، ومع عودة الغاز الأرخص، سينخفض الطلب على الخام، مما يحد من ارتفاع أسعاره.
ومن جانب آخر، فإن منافسة الغاز المسال الأميركي، مع عودة الغاز الروسي، ستؤثر على استراتيجية الولايات المتحدة في تصدير الغاز المسال، التي تسعى لتعزيز حصتها في السوق الأوروبية عبر مشاريع المسال (LNG)، إذا حصلت أوروبا على إمدادات روسية منخفضة التكلفة، حيث ستتراجع استثمارات بعض مشاريع المسال الأميركية. ومن جانب آخر، ومع انخفاض تكاليف الطاقة، يتوقع أن ينتعش الاقتصاد الأوروبي جزئيًا، فيؤدي إلى زيادة الطلب على النفط. لكن هذا الانتعاش قد لا يكون كافيًا لتعويض الضغوط على الأسعار.
ومن جانب أخير، فإن تحسّن العلاقات الروسية - الأميركية بعد الحرب قد يؤثر على التوازن داخل مجموعة بريكس، خاصة في علاقتها بالصين. وإن كان ذلك ضعيفا، لكنه قد يؤدي إلى تحولات في التحالفات الاقتصادية، مما ينعكس على أسواق النفط والغاز بطريقة غير متوقعة.
اتخاذ القرار
من جهته، ذكر الخبير والمحلل النفطي كامل الحرمي أن منظمة أوبك+ تواجه تحديات كبيرة في السيطرة على أسواق النفط العالمية، حيث لم تتمكن لخمسة اجتماعات متتالية من اتخاذ قرار بزيادة الإنتاج، بل استمرت في تبنّي سياسة الحد من الإمدادات.
وأضاف أنه على الرغم من امتلاكها طاقة إنتاجية فائضة تصل إلى نحو 6 ملايين برميل، فإنها لا تستغل هذه الكميات لدعم حصتها في السوق، في وقت تضخ فيه الدول المنتجة خارج المنظمة كميات متزايدة، مما يؤدي إلى تآكل الحصة السوقية لـ «أوبك+» تدريجياً.
كامل الحرمي: «أوبك+» تمتلك قدرة إنتاجية غير مستغلة... بينما يتمكن المنتجون الجدد من دخول الأسواق ومنافستها حتى داخل مناطق نفوذها التقليدية
وذكر أنه في ظل هذه الظروف، لا يزال سعر برميل النفط عند مستوى 70 دولاراً، رغم تجميد الإنتاج الفنزويلي واستمرار العقوبات التي تمنع شركة شيفرون الأميركية من استئناف أنشطتها هناك. كما أن التهديدات الأميركية بفرض عقوبات على صادرات النفط الإيرانية وإعادتها إلى مستويات سابقة تقل عن مليون برميل يومياً لم تؤثر بشكل كبير على الأسواق.
وأشار الحرمي إلى أنه في المقابل، تتسابق الصين والهند للبحث عن مصادر جديدة للنفط، مما يعكس توافر كميات كبيرة من الإمدادات العالمية التي تحد من ارتفاع الأسعار، لافتا إلى أن القضية الأهم تكمن في تراجع نفوذ «أوبك+»، حيث تمتلك المنظمة قدرة إنتاجية غير مستغلة، بينما يتمكن المنتجون الجدد من دخول الأسواق ومنافستها حتى داخل مناطق نفوذها التقليدية.
السعر الحالي
وأوضح أنه على الرغم من أن السعر الحالي للنفط يُعدّ مقبولاً للمستهلكين، فإن العديد من دول «أوبك+» تعاني عجزا ماليا متزايدا، حيث إن الأسعار الحالية لا توفر لها العائد المطلوب لتغطية نفقاتها وتحقيق التوازن في ميزانياتها. ولتعويض هذا العجز، تلجأ بعض الدول إلى الاقتراض من البنوك العالمية، أو حتى مثلاً بيع بعض أصولها النفطية، مما يطرح تساؤلات حول استدامة هذا النهج.
ولفت الحرمي إلى أن قرار «أوبك+» الأخير بتطبيق زيادة إنتاج النفط التدريجية، المقررة حسب بيان المنظمة في أبريل المقبل، سيؤدي الى إنخفاض في سعر النفط، خاصة أن الأسواق النفطية متخمة بالخام، والمتوقع من زيادة الخصومات على أسعار النفط لجذب المشترين، لا سيما من روسيا والعراق، الأمر الذي قد يؤدي الى ضعف في الأسعار مع ضعف في الطلب العالمي على النفط.
وقال إنه بالنظر إلى هذه التحديات، يبدو أن السعر الأنسب لـ «أوبك+» يتراوح بين 70 و80 دولاراً للبرميل، حيث يوفر مستوى 80 دولاراً حداً أدنى من الاستقرار المالي، وإن لم يكن السعر التعادلي المثالي للدول الأعضاء.
ولتحقيق هذا الهدف، يتعيّن على المنظمة ضبط الإنتاج، والتحكم في المصاريف، وتعزيز التعاون مع بعض الدول المنتجة خارجها لتنسيق الإمدادات وتحسين مستويات الأسعار، كما يمكن لبعض الدول اللجوء إلى بيع أصول معيّنة كجزء من استراتيجيتها المالية.
تأثير على الأسواق
من ناحيته، قال رئيس مجلس إدارة مجموعة الشموخ لخدمات النفط بالإمارات، د. علي العامري، إن منظمة «أوبك+» لديها تاريخ طويل في التأثير على أسواق النفط العالمية، ولكن الزيادات النفطية القادمة من الدول غير الأعضاء، مثل الولايات المتحدة والبرازيل وكندا والمكسيك تشكّل تحديًا كبيرًا، حيث بلغ الإنتاج لهذه الدول كالتالي:
- الولايات المتحدة تنتج أكثر من 12 مليون برميل يوميًا تقريبا، وهي أكبر منتج للنفط في العالم. والبرازيل تنتج حوالي 3.7 ملايين برميل يوميًا، أما كندا فتنتج حوالي 5.8 ملايين، والمكسيك تنتج حوالي 1.9 مليون. ولديها تقنيات متقدمة تمكنها من زيادة الإنتاج بسرعة نسبيًا.
وأضاف أن «أوبك+» يمكنها مواجهة هذه الزيادات من خلال تعديل حصص الإنتاج وخفض الإنتاج لدعم الأسعار، كما حدث عام 2020 عندما خفضت «أوبك+» الإنتاج بنحو 9.7 ملايين برميل يوميًا، إضافة الى التعاون مع دول أخرى، مثل روسيا في إطار تحالف أوبك+، الذي يضم 23 دولة.
علي العامري: الضغط الأميركي على العراق لتصدير نفط إقليم كردستان قد يؤثر على استقرار السوق النفطي حيث ستكون هناك زيادة بنحو 450 ألف برميل يومياً
وكذلك التركيز على الجودة، فنفط «أوبك+» غالبًا ما يكون أقل تكلفة إنتاجيًا، مقارنة بالنفط الصخري الأميركي، ومع ذلك، فإن نجاح «أوبك+» يعتمد على التنسيق بين أعضائها واستقرار الأسواق العالمية.
ولفت العامري إلى أن الضغط الأميركي على العراق لتصدير نفط إقليم كردستان قد يؤثر على استقرار السوق النفطي، حيث إن إقليم كردستان العراق ينتج حوالي 450 ألف برميل يوميًا، وإذا تم تصدير هذه الكميات دون تنسيق مع «أوبك+»، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة العرض، وبالتالي انخفاض الأسعار.
وقال: نحن نعرف أن العراق عضو في «أوبك+» ويُنتج حوالي 4.5 ملايين برميل يوميًا تقريبا، موضحا أنه إذا التزم العراق بحصص الإنتاج المتفق عليها مع «أوبك+»، فقد يتم احتواء التأثير، ولكن أي زيادة غير منسقة قد تزيد من صعوبة مهمة المنظمة في ضبط الأسعار.
«الطاقة الدولية»
وعدد العامري العوامل التي تؤثر أسعار النفط على المدى المتوسط بالعوامل التالية:
- الطلب العالمي، فمن المتوقع أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى 104 ملايين برميل يوميًا في هذا العام، وفقًا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية (IEA).
*العرض، فزيادة الإنتاج من الدول غير الأعضاء في «أوبك+»، خاصة الولايات المتحدة التي قد تصل إلى 13 مليون برميل يوميًا بحلول أواخر العام الحالي.
* كذلك العوامل الجيوسياسية، فالتوترات في الشرق الأوسط وأوكرانيا قد تسبب تقلبات.
*والأهم هو التحول نحو الطاقة المتجددة، وهذا قد يقلل الطلب على النفط بنسبة 1-2 بالمئة سنويًا على المدى الطويل.
وأتوقع أن أسعار النفط قد تتراوح بين 60 و80 دولارًا للبرميل خلال العامين القادمين، مع احتمالية ارتفاعها في حال حدوث صدمات جيوسياسية.
وقال إنه في حال توقفت الحرب الروسية - الأوكرانية، من المتوقع أن تشهد أسواق النفط والغاز استقرارًا نسبيًا، كون الحرب تسببت في اضطرابات كبيرة بإمدادات الطاقة، خاصة في أوروبا التي كانت تعتمد على 40 بالمئة من غازها من روسيا قبل الحرب.
ولفت الى أن أسعار النفط قد تنخفض إلى ما دون 70 دولارًا للبرميل، بسبب انخفاض التوترات الجيوسياسية وزيادة الثقة بالأسواق، أما الغاز، فقد يعود الإمداد الروسي إلى أوروبا بشكل تدريجي، مما يخفف من أزمة الطاقة الحالية، لافتا إلى أن أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا (التي وصلت إلى 340 يورو لكل ميغاواط ساعة في 2022) قد تعود إلى مستويات ما قبل الحرب حوالي 30 - 50 يورو لكل ميغاواط ساعة.
واختتم العامري قائلا إن التحول نحو مصادر الطاقة البديلة وتعزيز أمن الطاقة في أوروبا قد يقلل من الاعتماد على الطاقة الروسية على المدى الطويل، مبينا أن أوروبا تهدف إلى خفض اعتمادها على الغاز الروسي إلى 0 بالمئة بحلول عام 2030.
زيادة متوقعة
بدوره، قال الخبير النفطي، د. خالد بودي، إن الزيادة المتوقعة في إنتاج كل من الولايات المتحدة والبرازيل وكندا لها تأثير محدود على الأسواق النفطية، فهذه الزيادة تمثّل أقل من 1 بالمئة من الإنتاج العالمي للنفط. أما بالنسبة للمكسيك، فمن المتوقع انخفاض إنتاجها في العام الحالي.
وفيما يتعلق بصادرات النفط العراقية من إقليم كردستان، لفت بودي إلى أن الكمية المتوقعة محدودة، فضلا عن أن العراق ملتزم بعدم تجاوز حصته التصديرية ضمن تحالف «أوبك+».
خالد بودي: أسعار النفط قد تستقر بين ٧٥ و٨٠ دولاراً للبرميل هذا العام ما لم تحدث تطورات سياسية أو عسكرية تعرقل وصول كميات من النفط للأسواق
وأضاف أن أسعار النفط من المتوقع أن تستقر بين 75 و80 دولارا للبرميل هذا العام، ما لم تحدث تطورات سياسية أو عسكرية تعرقل وصول كميات من النفط إلى الأسواق، مما قد يؤدي إلى صعود في الأسعار، لافتا الى أنه في حال توقفت الحرب الروسية - الأوكرانية، فإن تأثير ذلك على أسعار النفط سيكون محدودا، حيث إن روسيا ملتزمة بحصتها الإنتاجية ضمن تحالف «أوبك+»، سواءً توقفت الحرب أم لم تتوقف، أما بالنسبة إلى أوكرانيا، فإنتاجها من النفط محدود وغير مؤثر في الأسواق.
ضرائب جمركية
من جهته، أكد الباحث في شؤون الطاقة، د. أنس الحجي، أن الرئيس الأميركي ترامب شدد العقوبات على دولتَي إيران وفنزويلا، وكلاهما عضو في «أوبك+»، وفرض ضرائب جمركية على الواردات من المكسيك، وهي عضو في «أوبك+»، ورفع الضرائب على الصين، وهي أكبر مستورد للنفط في العالم، وأكبر مستورد لنفط «أوبك+»، معربا عن اعتقاده بأن هناك تعارضا وتداخلا كبيرين بين سياسات ترامب ودول «أوبك+»!
أنس الحجي: الحروب التجارية ورفع الضرائب الجمركية بصورة كبيرة قد يؤديان إلى ركود اقتصادي عالمي ويخفض الطلب على النفط
وأضاف: لم يذكر ترامب «أوبك+» وأعضاءها بالاسم منذ فترة، وخاصة عندما أعلن تشديد العقوبات على إيران، التي أطلق عليها «سياسة الضغط الأقصى»، ربما لأن أسعار النفط قريبة من المستويات التي لا تزعجه، لافتا إلى أن سياسات ترامب الحالية هي في النهاية حرب على تحالف «أوبك+» بطرق مختلفة، لكون الهدف الرئيسي للتحالف هو استقرار أسواق النفط وتخفيض التقلبات إلى أقل حد ممكن، بينما سياسات ترامب هي المصدر الرئيسي للتقلبات وعدم الاستقرار.
انهيار الأسعار
وتابع الحجي: على رغم أن التحالف لا يستهدف سعراً معيّناً، فإنه يهدف إلى منع أسعار النفط من الانهيار، لأن انهيار الأسعار يؤدي إلى مزيد من التقلبات الكبيرة، ويمنع استقرار الأسواق، وسياسات ترامب قد تؤدي إلى انهيار الأسعار، لأن الحروب التجارية ورفع الضرائب الجمركية بصورة كبيرة قد يؤديان إلى ركود اقتصادي عالمي ويخفضان الطلب على النفط.
وخلص الى أن ترامب هو أكبر مصدر لتقلبات الأسواق كلها في 2025، ومنها سوق النفط، وتستطيع «أوبك+» إدارة السوق وتخفيض هذه التقلبات في ظل وجود نمو بالطلب العالمي على النفط، لكنّ الأمر سيكون صعباً للغاية إذا نتج من حروب ترامب التجارية ركود اقتصادي يخفّض الطلب على النفط.
النفط يتراجع مع استمرار قلق المستثمرين إزاء الرسوم الجمركية
هبطت أسعار النفط، أمس، مع تراجع إقبال المستثمرين على الأصول عالية المخاطر، بسبب المخاوف من تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على النمو الاقتصادي العالمي والطلب على الوقود، فضلاً عن زيادة إنتاج تحالف «أوبك+».
وانخفض خام برنت ستة سنتات إلى 70.30 دولاراً للبرميل، بعد أن ارتفع 90 سنتاً الجمعة عند التسوية. وتراجع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي ثمانية سنتات إلى 66.76 دولاراً للبرميل، بعد أن ارتفع 68 سنتاً عند التسوية في جلسة التداول السابقة.
وانخفض خام غرب تكساس الوسيط للأسبوع السابع على التوالي، في أطول سلسلة خسائر منذ نوفمبر 2023، فيما انخفض خام برنت للأسبوع الثالث على التوالي، بعد أن فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوماً جمركية على كندا والمكسيك موردي النفط الرئيسيين للولايات المتحدة، ثم أرجأها وزاد الرسوم على السلع الصينية. وردَّت الصين على الولايات المتحدة وكندا بفرض رسوم جمركية على المنتجات الزراعية.
وقال محللون في «آي.إن.جي»، في مذكرة، إن «الضبابية إزاء التعريفات الجمركية هي المحرك الرئيسي وراء التراجع»، مضيفين أن تخفيضات أسعار النفط من جانب السعودية والإشارات الانكماشية من الصين أضرت أيضاً بالمعنويات.
وذكر توني سيكامور، المحلل لدى «آي.جي إن»، أن من العوامل الأخرى التي تؤثر على أسعار النفط؛ المخاوف إزاء النمو الأمريكي، والرفع المحتمل للعقوبات الأميركية على روسيا، واختيار «أوبك+» زيادة الإنتاج.
وأضاف في مذكرة للعملاء، في إشارة إلى سعر خام غرب تكساس الوسيط: «مع ذلك، ومع الأخذ في الاعتبار الكثير من الأخبار السيئة على الأرجح، نتوقع أن يظل الدعم الأسبوعي عند حوالي 65/62 دولاراً ثابتاً، ثم التعافي إلى 72.00 دولاراً».
0 تعليق