اقتصاد دولي
0
نيويورك - قنا
نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن جيروم باول رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأمريكي" أن البنك يستطيع أن يكون أكثر حذرا قليلا، وهو يسعى لمستوى سعر الفائدة المحايد الذي لا يحفز الاقتصاد "عن طريق كونه منخفضا جدا" ولا يبطئه "عن طريق كونه مرتفعا جدا"، وذلك في الوقت الذي يشهد فيه اقتصاد بلاده نموا قويا أكثر من المتوقع وتضخما مرتفعا قليلا.
وأضافت الصحيفة، التي نظمت جلسة أسئلة وأجوبة مدارة، استضافت فيها رئيس الاحتياطي الفيدرالي، أن المسؤول المصرفي الأمريكي الرفيع لم يعلق بشكل مباشر على ما إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة في اجتماع البنك المركزي القادم يومي 17 و18 ديسمبر. لكن إجابات رئيس البنك المركزي الأمريكي تؤكد على اللحظات المعقدة التي يواجهها بنك الاحتياطي الفيدرالي.
ولفتت الصحيفة إلى أن الاقتصاد الأميركي ينمو بوتيرة قوية بشكل مدهش في الأشهر الأخيرة، بفضل المستهلكين الذين ينفقون الآن بقوة قبل موسم العطلات، كما تباطأت سوق العمل دون توقف، وظل نمو الأجور قويا، وأظهرت الإنتاجية علامات تحسن ملموس.
وأردفت الصحيفة أن هذا المزيج هو خبر عظيم لصناع السياسات والعمال العاديين على حد سواء، فهو يعني أن أمريكا تمكنت من تجنب الركود المؤلم الذي كان ينظر إليه في السابق على أنه مضمون تقريبا، بسبب رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بشكل حاد في عامي 2022 و2023 للسيطرة على التضخم.
إلا أنه ووفقا لخبراء اقتصاديين فإن النمو القوي في الاقتصاد يعزز الطلب على السلع والخدمات، وعندما يكون الطلب مرتفعا جدا مقارنة بالعرض، تبدأ الأسعار في الارتفاع، مما يؤدي إلى التضخم، ويعمل التحسن في الإنتاجية إلى التخفيف من أثر ذلك.
كما أن نمو الأجور القوي يمكن أن يؤدي إلى التضخم من خلال زيادة تكاليف الإنتاج، مما يدفع الشركات إلى رفع الأسعار لتغطية هذه التكاليف، كما أن الزيادة في الأجور قد تعزز الطلب على السلع والخدمات، مما يزيد الضغط التضخمي.
والثابت أن العلاقة بين معدل البطالة والتضخم تكون غالبا عكسية في السياق التقليدي، فعندما ينخفض معدل البطالة، يزداد التضخم بسبب زيادة الطلب على الأجور والسلع، بينما في فترات البطالة المرتفعة، ينخفض التضخم بسبب ضعف الطلب في الاقتصاد. ومع ذلك، هذه العلاقة قد تتأثر بعوامل أخرى مثل التوقعات التضخمية، والتحولات الهيكلية، أو الأزمات الاقتصادية مثل الركود التضخمي.
وذهبت نيويورك تايمز إلى أن مرونة الاقتصاد وامتصاصه لعمليات رفع أسعار الفائدة من أجل تهدئة النمو وخفض التضخم تجعل الخطوات التالية التي قد يتخذها بنك الاحتياطي الفيدرالي أكثر صعوبة.
وبدأ البنك المركزي خفض أسعار الفائدة في سبتمبر استجابة للتباطؤ المطرد في التضخم، وتوقع مسؤولوه أن يستمروا في خفضها هذا العام وحتى عام 2025. ولكن في ذلك الوقت، كان معدل البطالة يرتفع وكان الاقتصاد يبدو وكأنه يتباطأ.
إلا أن الصحيفة أشارت إلى أنه في الوقت الحالي انعكست هذه الاتجاهات، فقد استقرت معدلات البطالة وبدأ النمو يحدث بوتيرة ثابتة ومستقرة، لكن دون تسارع. كما كان التضخم أصبح أكثر ثباتا مما توقعه العديد من خبراء الاقتصاد في الأشهر الأخيرة، مما يحتم على المسؤولين أن يقرروا إلى أي مدى ينبغي لهم خفض أسعار الفائدة من نطاقها الحالي الذي يتراوح بين 4.5 بالمئة و4.75 بالمئة.
ونقلت الصحيفة عن باول قوله: "نحن الآن على الطريق لإعادة أسعار الفائدة إلى مستوى أكثر حيادية بمرور الوقت"، في إشارة إلى المستوى الذي لا تؤدي فيه أسعار الفائدة إلى تأجيج أو إبطاء النمو الاقتصادي.
ولفتت الصحيفة إلى أن هذا صحيح بشكل خاص لأن دونالد ترامب، الرئيس المنتخب، تعهد بزيادة التعريفات الجمركية، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المستهلك والحفاظ على ارتفاع التضخم.
وقال باول إنه من السابق لأوانه أن يفعل بنك الاحتياطي الفيدرالي أي شيء سوى نمذجة التعريفات الجمركية المحتملة، في إشارة إلى إجراء تحليل أو تقييم للأثر المتوقع للتعريفات على الاقتصاد، من خلال بناء سيناريوهات لتحديد كيف قد تؤثر هذه التعريفات على التجارة، والنمو الاقتصادي، والقطاعات المختلفة.
وأكد "لا يمكننا أن نبدأ في وضع سياسة بهذا الشأن في الوقت الحالي. يتعين علينا أن نترك الأمر حتى يتكشف".
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن السؤال الأكثر إلحاحا هو ما إذا كان خفض أسعار الفائدة في ديسمبر لا يزال منطقيا. فعلى مدى الشهر الماضي، توقع المستثمرون على نطاق واسع في بعض الأحيان خفضا بمقدار ربع نقطة مئوية في الاجتماع المقبل لبنك الاحتياطي الفيدرالي، وفي لحظات أخرى شككوا فيما إذا كان هذا الخفض سوف يتحقق. وفي الوقت الحالي، تراهن الأسواق على خفض أسعار الفائدة.
وتظل التساؤلات قائمة أيضا حول مدى التخفيض الذي يعتزم بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي تطبيقه لأسعار الفائدة في عام 2025، ومن الواضح أن البنك المركزي لا يزال يخطط لخفض تكاليف الاقتراض، ولكن حجم هذه التخفيضات غير واضح، وفقا لما أوردته الصحيفة.
اقرأ المزيد
مساحة إعلانية
0 تعليق