ثقافة الاجتماعات وفترات انعقادها والأعضاء المجتمعون خلالها؛ أطلق عليها ثلاثية الهدر التنظيمي التي تؤثر على جودة النقاشات وضياع الأوقات وتصيب الموظفين بالشتات.
من منطلق السلوك التنظيمي كعلم يهتم بدراسة ردود أفعال الموظفين كأفراد وتكتلات داخل المنظمات، ومن خلال ما يدور خلال الاجتماعات من أفعال لفظية وفعلية وتعبيرية سواء أكانت إيجابية أم سلبية، فإننا نستطيع من نتائج تلك الدراسات الاستفادة بتحسين أداء العنصر البشري وتوعيته على آلية التواصل الناجح.
عندما نتحدث عن الاجتماعات المهدرة كونها سلوكا منظميا سلبيا، فنحن نناقش حالة بشرية من التسرب المعرفي والتشغيلي والمالي والزمني الذي أصبح من ثقافة المنظمة وطريقة تعامل موظفيها.
هنالك مقولة يرددها المخضرمون من القياديين وأصحاب القرار "إذا أردت تفتيت المشروع وإهماله أدخله في دوامة اللجان والاجتماعات المطولة".
إن ممارسة سلوك الاجتماعات المفرط يذهب بالكثير من الخيرات المعرفية التي يمتلكها أصحاب الخبرات الممارسون الفعليون للأعمال، والمشهود لهم بالمشاريع المنجزة المحسوبة في نجاحاتهم.
لا أتحدث هنا عن إلغاء فكرة الاجتماعات بالكلية؛ ولكنها دعوة لتقنين فكرة جودة عمل الاجتماعات وما هي مستويات الحاضرين قياديا، ونوعية الموظفين هل مؤهلون أم لا لحضورها، والزمن المقرر لوقت الاجتماع والمراحل اللاحقة له.
برأيي أن الاجتماعات الفاعلة من المفترض أن تعتمد على فلسفة الإنجاز بأسلوب "ابتر واختصر"، وذلك بتجميع أعضاء أكفاء بعيدا عن وجود القائد أو الرئيس التنفيذي الذي من المفترض أن ينشغل برسم خطط استراتيجية على مستوى المنظمة، تاركا المجال لمجموعة الموظفين المؤهلين يتبادلون العصف الذهني وليس العنف الشخصي بطرح خبراتهم التكاملية بعيدا عن إسقاطاتهم التفاضلية بإرسال إشعارات دورية على لوحة التحكم Dash Board للأعضاء، والقيام بمكافأة المنجز ومعاقبة المتأخر بآلية عمل مدروسة ومحددة مسبقا يستوعبها أعضاء الفريق المجتمعون، بأن لا تتجاوز الثلاثة لقاءات إجمالا بمدة لا تزيد على الثلاث ساعات بمعدل ساعة في كل لقاء على مدار ثلاثة أشهر بأقصى تقدير، حتى لا يحدث التيه التنظيمي؛ ومن ثم يتم قياس الأثر والمراقبة المرحلية من رئيس المشروع؛ وإفادة القائد والرئيس الأعلى بما تم عمله إجمالا.
الهدر التنظيمي معضلة تعززها الثقافة الداخلية للمنظمات، تتسبب في حدوث التسرب المعرفي والنوعي للمقدرات والإمكانات في شتى المرافق والمجالات، في ظل حاجة المنظمة الماسة للاحتفاظ قدر المستطاع بالطاقات والخبرات والمهارات والتجارب المؤهلة للاستجابة لقوة المنافسة المحلية والإقليمية والعالمية، حتى نصل إلى جودة العمل التنظيمي والذي أساسه الاتزان والاتقان البشري.
Yos123Omar@
0 تعليق