سورة الإسراء، أو كما تُعرف أيضًا بسورة بني إسرائيل، هي إحدى السور المكية التي تحمل في طياتها العديد من المعاني العميقة والقيم الروحية، تبدأ السورة بآية تُشع نورًا وتسبيحًا:"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ".
التسبيح: تعظيم وتنزيه لله
التسبيح في بداية السورة يعكس التنزيه الكامل لله سبحانه وتعالى عن كل نقص، ويمثل إعلانًا للإنسانية بأن ما سيُروى في الآيات القادمة هو أمر عظيم لا يمكن أن يتم إلا بقدرة الله وحده. فالإسراء والمعراج من أعظم المعجزات التي أيد الله بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، إذ أُسري به من مكة إلى القدس، ثم عُرج به إلى السماوات العُلى.
لماذا التسبيح تحديدًا؟
1. تعظيم المعجزة: بدء السورة بـ"سبحان" هو إعلان واضح أن هذه الرحلة ليست حدثًا عاديًا يمكن تفسيره بمقاييس البشر. بل هي معجزة ربانية خارجة عن حدود الزمن والمكان.
2. إشارة إلى قدرة الله: التسبيح يُذكّر المؤمنين بقدرة الله اللامحدودة، فالله قادر على ما يشاء، ومن ذلك نقل النبي في لحظات بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، ومن الأرض إلى السماوات العُلى.
3. تنبيه القلوب للإيمان بالغيب: التسبيح في البداية يُمهّد القلوب والعقول لتلقي حدث الإسراء العظيم، مما يعزز إيمان المؤمنين بالغيب وقدرة الله على تحقيق ما قد يبدو للبشر مستحيلًا.
4. تأكيد على الربط بين القداسة والمكان: تسبيح الله مرتبط بالأماكن التي أُسري بالنبي إليها، كالمسجد الحرام والمسجد الأقصى، مما يُبرز قدسية هذه الأماكن ويُلفت الأنظار إلى مكانتها في الإسلام.
رسالة للمؤمنين
افتتاح السورة بالتسبيح يحمل دعوة للمسلمين إلى التفكر والتدبر في عظمة الله وفي معجزاته، كما يحثهم على تسبيح الله دائمًا في حياتهم، خاصة عند التأمل في أحداث عظيمة مثل الإسراء والمعراج. كما يُذكّرهم بأهمية المسجد الأقصى كقبلة أولى للمسلمين وأحد المساجد الثلاثة التي تُشد إليها الرحال.
بداية سورة الإسراء بالتسبيح ليست مجرد اختيار عشوائي، بل هي رسالة ربانية تدعو المؤمنين إلى التأمل في عظمة الله وقدرته، وتُهيئهم لفهم معاني المعجزة العظيمة التي حدثت لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، التسبيح هنا ليس فقط تنزيهًا لله، بل هو أيضًا جسر بين الإيمان بالغيب والتصديق بالمعجزات.
0 تعليق