الإفراط في عرقلة تشكيل الحكومة اللبنانية يفرّط بآمالِ تحقيقِ تَعافٍ اقتصادي وشيك

المصدر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بخلاف الأهواء السياسية في لبنان، والتي تحترف لعبة شراء الوقت بغية تحصيل الحد الأقصى من المكاسب في عملية التأليف المنشودة لأولى حكومات عهد الرئيس جوزف عون، يُرجّح أن تبدأ الموجة النفسية العالية لترقبات حلول مرحلة التعافي الاقتصادي والإجتماعي والمعزّزة بدعم خارجي صريح، بالإنحسار تدريجاً ربطاً بوقائع التأخير المشهودة وبقرب نفاد المهل المتصلة بإستحقاقات ثقيلة وداهمة.

ولا يخفي اقتصاديون ومصرفيون قلقهم المستجد من تبعات تجدد التجاذبات السياسية في شأن تقاسم الوزارات والدفاع المستميت عن مشروعية «تطييفها» وتصنيفها ضمن خانة الأعراف الدستورية، ما سيفضي حكماً إلى محاصرة الإنطلاقة الموعودة للسلطة التنفيذية عبر الإبطاء المتعمّد لسرعة التغيير الداخلي وإستهدافاته الكامنة في خطاب القسَم الرئاسي وتوجهات رئيس الحكومة المكلف نواف سلام، وهو التغيير الذي تلا وقف النار والتحول الكبير في سورية.

منذ ساعتين

منذ 4 ساعات

ويندرج في جدول القضايا الملحّة، الإشكالية القانونية الكامنة في مشروع قانون الموازنة للسنة الحالية الذي أحالتْه الحكومة سابقاً إلى مجلس النواب، ولم يتسنّ بفعل الحرب الشروع بمناقشته من لجنة المال والموازنة وعرْضه على الهيئة العامة، ما يتيح لحكومة تصريف الأعمال إصداره بمرسوم في نهاية الشهر الأول من السنة.

وبالإضافة إلى الثغرة القانونية التي يستبعد أن تقدم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على استغلالها في الوقت «الضائع»، تبرز الفجوات المالية التي تَفرض استعادة المشروع بكامله والعمل على تصحيح بنوده كافة في بابيْ الإنفاق والواردات، بعدما أكد رئيس لجنة المال والموازمة ابراهيم كنعان أن «هذه الموازنة بعد الحرب الإسرائيلية باتت غير واقعية، لا بل وهمية خصوصاً لجهة تقدير الواردات، لا سيما أن زيادة الواردات فيها متأتية من الضريبة على الدخل ورؤوس الأموال والرسوم الداخلية على السلع والخدمات والرسوم على التجارة والمبادلات الدولية، وهذه العناصر وتحصيلها هما الأكثر تاثراً بالحرب الإسرائيلية على لبنان».

وتظلّ معاناة المودعين «معلّقة» على ألغاز خطةٍ متكاملة عجزت حكومتان عن إعدادها بالصيغة الناجعة على مدار خمسة أعوام متتالة، بينما عبّرت جمعية المصارف عن تقديرها لحرص الرئيس جوزف عون في خطاب القسَم على معالجة عادلة لموضوع الودائع واستعدادها لتحمّل مسؤوليّتها مع مصرف لبنان والدولة اللّبنانية بما يحفظ حقوق المودعين، ويعكس التوجّه السليم الذي أكّده قرار مجلس شورى الدولة، الذي يمنع تضمين أي من مشاريع القوانين الهادفة إلى معالجة الفجوة المالية في مصرف لبنان، إجراءات تؤدي إلى الاقتطاع من أموال المودعين.

وفي مواكبةٍ تتصف بالايجابية الحذرة في مقاربة التحولات الجديدة من المؤسسات المالية الدولية، رأت وكالة التصنيف الدولية «موديز»، في تقرير محدّث، أن إنجاز الانتخاب الرئاسي مهّد الطريق لتشكيل حكومة جديدة بصلاحيات كاملة، مع الأخذ في الاعتبار أن الحكومة السابقة كانت حكومة تصريف أعمال. ومع التنويه بأن الرئيس الجديد يحظى بدعم المانحين الدوليين.

واعتبرت «موديز» أن عودة العمل في شكل كامل إلى مؤسسات الدولة من شأنه أن يساعد في استمرار تطبيق اتفاق وقف النار الذي بدأ سريانه في 27 نوفمبر، كما أنه أساسيّ لتأمين التمويل الدولي، علماً أنّ الحرب الأخيرة قد ألحقت أضراراً جسيمة بالإقتصاد اللبناني بخسائر تقدر بقيمة 8.5 مليارات دولار أميركي، بما فيها أضرار مادية بقيمة 3.4 مليارات دولار.

ومع ترقب انتعاش النشاط الاقتصادي في 2025 في حال تثبيت وقف إطلاق النار، لاحظت «موديز» أن الإفراج عن أموال المانحين الدوليين يظل مرتبطاً بتنفيذ مجموعة من الإصلاحات مثل الاتفاق على إعادة هيكلة شاملة للدين كشرط أساسي للتعافي الاقتصادي المستدام، فيما يظل تصنيف لبنان الحالي عند الدرجة C، بما يشي بأن حاملي سندات الدين الحكومية لن يستردوا أكثر من نسبة 35 في المئة من قيمتها الأسمية بعد عملية إعادة الهيكلة.

وكشفت «موديز» أن لجم الإنفاق المالي والاستثماري كان مفتاحاً لتحقيق إستقرار سعر الصرف والأسعار، إلا أنه يضرّ بإمكانات النمو على المدى الطويل. في حين أن استدامة الدين لا يمكن تحقيقها إلا من خلال خفض كبير في نسبة الدين الحكومي من الناتج المحلي الإجمالي المقدرة بنسبة 150 في المئة في نهاية العام 2024.

كما يفيد تقرير للأمم المتّحدة حول آفاق الاقتصاد العالمي للعام 2025، أنّ الناتج المحلي الإجمالي للبنان انكمش بنسبة 4 في المئة خلال 2024. في حين كان مسار التعافي الاقتصادي في البلاد بطيئاً في ظل الأزمة المالية والاقتصادية الحادة التي مرت بها البلاد بين العامين 2018 و 2020.

إلا أن استقرار سعر الصرف ساهم بانخفاض ملحوظ في معدلات التضخم إلى نسبة 16 في المئة في شهر أكتوبر 2024 من أعلى مستوى له عند 269 في المئة في شهر ابريل 2023.

وبحسب التقرير، من المتوقّع أن ينكمش الاقتصاد اللبناني بنسبة 2 في المئة في الـ 2025 وأن يُسجّل نمو بنسبة 0.8 في المئة في 2026، مبيناً أن الدمار الذي لحق بالبنى التحتية خلال الإعتداءات الأخيرة على لبنان أعاق التعافي الاقتصادي في البلاد.

ومن ناحية أخرى، علق التقرير بأن مستويات التضخم قد انخفضت من 221.3 في المئة في العام 2023 إلى 67.4 في المئة العام 2024، كما من المتوقّع أن تتراجع هذه المستويات إلى 41.3 في المئة في 2025 و 35.1 في المئة سنة 2026.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق