حوارات
يشير المثل العربي عنوان المقالة (ترك الظَّبيُ ظلَّه) الى نفور المرء من بيئة معيّنة، أو هجرانه الذي لا رجعة فيه لشخص ما، كما يدلّ ترك الظّبي المكان الذي استظلّ به لفترة الى استحالة رجوعه مرّة أخرى الى مكان فزع فيه.
وربما يدلّ المثل على من يخرج بطراً من مكان ألفة وأمن، الى مكان وحشة، ربما يتعرّض فيه للشّقاء، ويترك المرء ظلَّه، لأسباب محدّدة، ونذكر منها ما يلي:
- إِذَا لَمْ يَكُنْ وِفَاقٌ فَفِرَاقٌ: يهجر المرء العاقل مكاناً معيّناً أو شخصاً بذاته، إذا غاب الوفاق النفسيّ أو الأخلاقيّ بينه وبين الطرف الآخر، وإذا تحوّل الانسجام السابق الى تنافر لا يستطيع أحد الطرفين تقبّله، وعمر الانسان محدود، ولا يجدر به منطقياً تضييعه في ما لا ينفعه.
- البَطَر: يترك بعض الأشخاص مكانهم المألوف، ووضعهم المعتاد بطراً بسبب طغيان أهوائهم على عقولهم، أو بسبب مللهم من عِيشة التَّرف، أو لعدم قدرتهم على تحمّل النّعمة، وغالباً ينقلب حال هذا النفر الى الأسوأ.
- تغيُّر الطبع: يتغيّر الطبع الأساسي للانسان لأسباب مختلفة، من أهمّها كبره في العمر، فيبدأ يعيد حساباته الحياتية، ويغيّر أولوياته، وربما ينشأ في قلبه شغف جديد لتجربة ما هو مختلف، أو تُغَيّرُ صدفة سعيدة ميوله النفسية، فيترك الفرد مكانه المعتاد، أو يعيد تقييم علاقاته الاعتيادية، بهدف تحقيق ما يشعر حالياً أنه أفضل أو أكثر حيويّة بالنسبة له، و ما يشبعه نفسياً وفكرياً.
- قابِليّة الاستفزاز: تضعف المناعة النفسيّة عند الانسان لأسباب مختلفة، فيتحوّل فجأة، أو تدريجياً، إنساناً قابِلا لسهولة الاستفزاز، وربما يصبح سريع الجزع، ويصبح حسّاساً بشكل مفرط، وينسى ما جعله في السابق قوياً نفسياً، ويقلّ تقديره لنفسه، وتضعف ثقته بها.
- القَرَادَة (سوء الحظّ): يترك الظّبي ظلّه بسبب كونه حيوانا تدفعه غريزة البقاء، فما إن يدرك خطرا يحيط به، يفرّ الى الفَلَوات المقفرة، لكن الانسان الذي يترك ظلّه باختياره يعمل ذلك أحياناً لطيشه ولسوء حظّه، أو ربما لخفّة عقله، فيصبح ضحية سهلة لمن يريد به شراً.
كاتب كويتي
DrAljenfawi@
0 تعليق