"معرض الكتاب" يرفض التهجير

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كعادة كل دورة لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، الحدث الثقافى الأهم والمؤثر فى المشهد الثقافى والفكرى العربى، يحل الكيان الصهيونى «إسرائيل» كضيف ثقيل غير مرغوب فيه على فعاليات المعرض وأنشطته، ويشارك الجميع بتفعيل قاعدة المواجهة الذهبية «اعرف عدوك»، حيث يتم إصدار عشرات الكتب لباحثين وكتاب عرب يقدمون قضية الصراع العربى الإسرائيلى بألف زاوية من الحقيقة والتحليل، متوقعين زوال هذا الكيان الطفيلى وطرده خارج الجسد العربى، كما تقام أيضاً عشرات الندوات لمحاربين قدامى شاركوا فى حرب الأستنزاف ونصر أكتوبر المجيد 1973، مستعرضين كواليس الأستعداد العسكرى والنفسى لتلك الأيام المجيدة فى تاريخ الأمة المصرية والعربية. 

دعوات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء والأردن، فرضت نفسها وبقوة على أنشطة المعرض هذا العام، حيث أكد اللواء أركان حرب وائل ربيع، مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية بالأكاديمية العسكرية المصرية، فى ندوة عقدتها تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، بعنوان «بؤر الصراع الإقليمى ومخاطر الأمن القومى المصرى»، إن الوصول إلى مرحلة وقف إطلاق النار جاءت بعدما فشلت إسرائيل فى تنفيذ مخططها بضرب البنية التحتية الأساسية لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، مضيفاً أن مصر هى الدولة الوحيدة التى ساندت قطاع غزة والتحركات الدبلوماسية كانت على مستوى عالٍ. 

وأوضح أن النقطة الأغرب كانت جحود أمريكا والغرب فهم لم يشاهدوا أى دليل على الإبادات الجماعية للفلسطينيين، رغم كل ما كان يحدث، لذلك تركوا المجال لإسرائيل لتفعل ما تشاء، مضيفاً أن المبادرة التى على أساسها تم وقف إطلاق النيران كانت من مصر حيث قدمتها فى مارس وفى مايو من العام الماضى. 

وتابع: مصر كان لها باع طويل من الدبلوماسية مع قطر وأمريكا فى توقيع هذا الاتفاق والمحاور المصرى ذكى جداً، حيث أصرت ومصر على انسحاب إسرائيل من محور صلاح الدين. 

158.jpg

وأضاف أن الرئيس الأمريكى جو بايدن ادعى أنه هو من أقام هذا الاتفاق ولم توافق عليه إسرائيل، موضحاً أن إسرائيل وصلت لمرحلة لم تستطع معها اتخاذ أى قرار استراتيجى، ولا يردعها إلا حروب الاستنزاف، لذلك الهدنة ستستمر لأن إسرائيل لن تتحمل حرب استنزاف مرة أخرى فى غزة لأنها أنهكت فى غزة ولبنان.

وواصل: القضية الفلسطينية لمصر قضية أمن قومى، والمستقبل ليس جيداً لأن إسرائيل لم تعرف العيش فى استقرار وتحل الأزمات بأزمات، لذلك يجب أن تتماسك الجبهة الداخلية للحفاظ على بلدنا فالجيش المصرى له طبيعة مختلفة عن جيوش المنطقة بالكامل. 

وأكد اللواء أيمن عبدالمحسن، المتخصص فى الشأن العسكرى والاستراتيجى، أن منطقة الشرق الأوسط تعيش فى دوامة من الصراعات المتشابكة، موضحاً أن الصراعات فى المنطقة ستمتد، لذلك فتواجد الجيش المصرى فى سيناء حق مشروع ومعلن لإسرائيل بما لا يخالف معاهدة السلام، موضحاً أن العلاقات المصرية الأمريكية استراتيجية وممتدة ولكن هذا لا يمنع أن يكون هناك مناوشات وموضوع المساعدات ثانوى بالنسبة لمصر، والدولة المصرية هى دولة مؤسسات ومصر أعلنت بشكل رسمى التزامها بمسئوليات تجاه المنطقة ولن تترك الساحة لدول غير عربية للتدخل. 

من جانبه، قال النائب طارق الخولى، وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إن مصر هى المعضلة الرئيسية فى وجه إسرائيل، فالجيش المصرى جيش الدولة المصرية، وفى عز الحرب والمماطلة استطاعت مصر إدخال المساعدات إلى الفلسطينيين. 

وأشار إلى أن هناك مماطلة حقيقية فى إقامة الدولة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية الحالية هى الأكثر تطرفاً، مضيفاً أنه مع الإدارة الأمريكية الجديدة سنجد إحياء لعملية التطبيع. 

مؤكداً أن مصر مارست الصبر الاستراتيجى مع غزة وخسرت نحو 7 مليارات دولار كانت تدخل لقناة السويس، وأمريكا تستفيد بعلاقتها بمصر أكبر من استفادة مصر من أمريكا ولا يمكن الاستغناء عن مصر. 

وأشار السفير حازم خيرت، مساعد وزير الخارجية السابق وسفير مصر فى سوريا وإسرائيل سابقاً، إلى أنه فى منتصف التسعينات نظمت كوندليزا رايس مؤتمراً مع بعض السفراء فى أمريكا وتحدثت عن خطة الفوضى الخلاقة وهى كانت رسالة لاقت فى حينها معارضة، مضيفاً أن الخطة لم تطبق وقتها إلى أن جاء الربيع العربى وكان التفكير على أن يكون شرق أوسط جديد. 

وتابع: منذ أن كنت سفيراً فى إسرائيل كانت هناك خططاً لتقسيم الدول وكل ما يحدث مدبر ولكن طوفان الأقصى عليه علامات استفهام، الفلسطينيين وصلوا لمرحلة الذروة وكنت أتوقع انتفاضة منهم والولايات المتحدة الأمريكية لن تكون منصفة ودائماً تنحاز لإسرائيل. 

أيضاً شهدت قاعة «فكر وإبداع» فى أول أيام معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الـ56، ندوة لمناقشة كتاب «الجولة العربية الإسرائيلية الرابعة 1973: رصد ودراسة، الإعداد والتحضير ومعالم إدارة الحرب»، من إعداد اللواء محمود محمد طلحة، ناقش الكتاب كل من اللواء أركان حرب على الببلاوى، واللواء أركان حرب محمد هلال. 

فى بداية الندوة، حرص اللواء على الببلاوى، الذى أدار الندوة، على التعريف بشخصية اللواء محمود محمد طلحة، موضحاً أنه من مواليد عام 1942، واستعرض مسيرته العسكرية التى بدأت بتولى فصيلة كتيبة الصاعقة وتدرجه فى المناصب العسكرية المختلفة. 

كما تناول الببلاوى الدراسات التى حصل عليها طلحة فى كلية قادة الحرب العليا وفى الأمم المتحدة، مؤكداً أهمية دوره فى وزارة الأركان والمهام التى تولاها فى مجالات الخرائط والخطط العسكرية. 

وأضاف: «اللواء طلحة دائماً يقدم نفسه بأنه ضابط صاعقة، وفى تقديرى أن هذا الكتاب يعد موسوعة ومرجعاً عسكرياً لكل المدنيين والعسكريين».

من ناحيته، قال اللواء أركان حرب محمد هلال: «على الرغم من صدور العديد من الكتب والمذكرات عن حرب أكتوبر 1973، إلا أن كتاب «الجولة العربية الإسرائيلية» تطرق للعديد من التفاصيل والوثائق التى لم يتناولها أحد من قبل، موضحاً الكتاب يتناول أدق تفاصيل المعارك العسكرية من زوايا جديدة، وأطالب بضم هذا الكتاب إلى لجنة الوثائق بالقوات المسلحة». 

وذكر هلال، أن الكتاب يتألف من 6 أبواب و21 فصلاً، حيث استعرض فى الباب الأول خلفية تاريخية لنشأة الصراع العربى الإسرائيلى، مع شرح الموقف الإقليمى والدولى قبل حرب أكتوبر، مقدماً معلومات من وجهة النظر الإسرائيلية.

كما تناول الكتاب فى الباب الثانى العقيدة المصرية فى ذلك الوقت والصراع المسلح فى فترة حرب الاستنزاف، واستعرض بشكل مفصل ذكريات هذه الحرب. فى الباب الرابع، تناول الكتاب فترة الإعداد لحرب أكتوبر والجهود التى بذلتها الدولة المصرية، بينما خصص الباب الخامس للموقف الاستراتيجى ومعالم اتخاذ قرار الحرب على المستوى العسكرى. 

وتحدث مؤلف الكتاب، اللواء محمود محمد طلحة، عن فكرة الكتاب والموضوعات المختلفة التى تناولها، حيث بدأ حديثه بعرض مقولة الجنرال ديفيد اليعازر، رئيس أركان الجيش الإسرائيلى أثناء فترة الحرب، الذى قال: «حرب أكتوبر تختلف عن كل الحروب، وكانت المبادأة دائماً فى أيدينا وكان التحرك بالنسبة لنا أمراً سهلاً، لأننا نحن الذين كنا نهاجم». 

وأضاف اللواء طلحة: «مصر استعادت سيناء كاملة فى هذه الحرب»، مشيراً إلى أن هذا الكتاب يكشف الكثير عن تفاصيل الحرب. 

كما تساءل طلحة عن «ما هى سيناء ولماذا سميت بهذا الاسم؟»، موضحاً عبر شاشة العرض حدود سيناء الدولية وأهمية المنطقة، مستعرضاً أفكار المفكر الكبير الدكتور جمال حمدان، الذى ألف كتاباً عن استراتيجية سيناء. وأضاف طلحة: «الذهنية الإسرائيلية مشبعة بالفكر التوسعى، وأنه قائم ومستمر». 

واستعرض طلحة أيضاً تفاصيل حرب الاستنزاف والعدوان الثلاثى على مصر، مشيراً إلى محاولات إسرائيل ضم سيناء إليها. 

وقال إن الإسرائيليين كانوا يشيعون فى العالم أن سيناء ليست مصرية، مؤكداً أن فكرة الإسرائيليين للتمسك بسيناء وقناة السويس كانت فكرة صهيونية تهدف إلى إقناع العالم بذلك. 

وفى ختام حديثه، عرض طلحة منشورات وبيانات عبر شاشة العرض لشرح سيناء فى الفكر الإسرائيلى، مميزاً بين المنظور العسكرى الإسرائيلى وسيناء من الناحية الجغرافية. 

وأوضح طلحة مميزات سيناء بالنسبة للإسرائيليين، مثل عمقها البالغ 240 كم والمراكز السكانية الإسرائيلية، بالإضافة إلى الساحل الشرقى لخليج السويس وامتداد الحدود المصرية على البحر الأحمر. 

واختتم اللواء طلحة الندوة بعرض خلاصة الموقف الإسرائيلى فى تلك الفترة، مؤكداً عدم التخلى عن أى جزء من سيناء، واستمرار حالة السلم والحرب، والنظرة المتدنية للجيوش العربية، مع الإشارة إلى بناء إسرائيل لأقوى خط دفاع حصين. 

وعلى الرغم من عدم المشاركة الرسمية لإسرائيل على مدار تاريخ معرض القاهرة الدولى للكتاب سوى مرتين انتهوا بفشلها الذريع فى التواجد وسط احتجاجات شعبية بعدم أستضافتها، غير أن لها حضوراً على رفوف المكتبات داخل المعرض.

وفى دورات معرض الكتاب السابقة وإلى الآن هناك كتب تاريخية وتحقيقات عن زعماء إسرائيل والصراع العربى الإسرائيلى، إضافة إلى تراجم قليلة معظمها للكاتب والمترجم عمر زكريا خليل الذى طرح ترجمة «معبر مندلباوم» للكاتبة داليا كوهين قنوهل، والطبعة الثانية لكتاب «ألف ليلة دوت كوم» لمحلل الشئون العربية جاكى حوجى، والطبعة الثانية لكتاب «بين القاهرة والقدس» للسفير الإسرائيلى الأسبق دافيد سلطان. وكذلك تواجدت فى المعرض ترجمة كتاب «اليهود العرب: قراءة ما بعد كولونيالية فى القومية والديانة والإثنية» لمؤلفه يهودا شنهاف. 

وأغلب المؤلفات تتعلق بشئون سياسية وعسكرية فيما تغلب على كتب زكريا الثقافة الإسرائيلية التى يمكنها أن تكون خير جسر لتعرف الجانب المصرى على الجانب الإسرائيلى وثقافته وطريقة تفكيره بدون وكلاء يشرحون له الواقع من منظورهم. 

كتاب «المتاحف والصراع الفلسطينى الإسرائيلى على هوية القدس الثقافية المعاصرة»، عنوان إحدى الإصدارات التى تشارك بها دار روافد للنشر، فى الدورة السادسة والخمسين، لمعرض القاهرة الدولى للكتاب 2025. 

والكتاب من تأليف الباحثة الفلسطينية، نسب أديب حسين، ومن خلال الكتاب تتناول مؤلفته ميدان آخر، من ميادين الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، ألا وهو المتاحف والصراع على هوية القدس الثقافية المعاصرة. 

وفى كلمة الناشر التى جاءت على الغلاف الأخير للكتاب نقرأ: هذا ميدان آخر من الميادين المهمة فى الصراع الفلسطينى الإسرائيلى. يحاول هذا الكتاب إبراز أهمية الدور الثقافى فى الحفاظ على الهوية الثقافية للقدس، مبيناً دور المتاحف كأداة ثقافية تشكل مواقع مهمة، لحفظ تاريخ وموروث الشعوب وتقديم رواياتها.

يقدم كتاب المتاحف والصراع الفلسطينى الإسرائيلى، نبذة عن التاريخ الثقافى لمدينة القدس منذ العهد الأخير للحكم العثمانى وحتى اليوم، لتشكل خلفية معرفية للقارئ تساعده فى فهم التحريف الذى تطرحه الرواية الإسرائيلية، كما يسلط الضوء على اعتداءات الاحتلال الإسرائيلى على الحياة الثقافية فى المدينة، ويبين الخطر الذى يحدق بها. ساعياً إلى الإجابة على السؤال التالى: ما هو دور المتاحف فى الصراع الفلسطينى الإسرائيلى على هوية القدس الثقافية المعاصرة؟. 

أيضاً صدر كتاب «الفترة الصحيحة لبنى إسرائيل فى مصر» للباحث مصطفى أحمد متولى الزياتى، وهو دراسة تاريخية توضح الفترة الصحيحة التى أقام خلالها بنو إسرائيل الأوائل فى مصر، وتحدد متى عاش النبى يوسف عليه السلام؟ ومن عاصر من الملوك؟، وكذلك الفراعين الذين عاصرهم النبى موسى عليه السلام، ومتى خرج بنو إسرائيل من مصر؟ ومكان غرق فرعون وجنوده، ومكان التيه الصحيح، وتصحح مفاهيم تاريخية وجغرافية مغلوطة، وتكشف أسراراً هام عن أحداث وشخصيات مرتبطة بتلك الفترة، وتفسر معانى بقيت مجهولة لقرون، وإثبات ذلك بالأدلة التاريخية والأثرية، والمصادر العلمية، وإثبات صدق ما جاء فى القرآن الكريم عن قصص بنى إسرائيل. 

كما يشارك المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية فى فعاليات الدورة الـ56 من معرض القاهرة الدولى للكتاب، بكتاب “إسرائيل من الداخل” الذى يتناول النظام السياسى الإسرائيلى بكل تعقيداته، بالإضافة إلى نظرية الأمن والمؤسسة العسكرية. 

ويتميز جناح المركز بتقديم مجموعة متنوعة من الإصدارات الحديثة التى تعكس الأنشطة البحثية الواسعة التى يقوم بها المركز فى مجالات السياسة، والأمن، والاقتصاد، والمجتمع، وغيرها. تناولت هذه الإصدارات قضايا مهمة مثل الأمن القومى، والتحديات الإقليمية والدولية، والتطورات الاقتصادية، والتحولات التكنولوجية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق