جاز، ربما، التذكير بأهمية قيام الحكومة، ممثلة في وزير العدل المستشار ناصر يوسف السميط، بمراجعة دقيقة لكثير من القوانين التي تحمل في طياتها عوارا لغويا وقانونيا، وإعادة النظر في النصوص، ومعالجة الثغرات، المبطنة، والظاهرة، وتصويب ما يحتاج إلى التطوير، والتحديث، وإعادة النظر.
الحكومة اليوم تتمتع بصلاحيات سلطة، تشريعية وتنفيذية، في آن واحد، ومن دون شك، أن هناك العديد من القوانين، التي تحتاج إلى إعادة نظر، وقراءة قانونية جديدة على هامش الترتيبات الدستورية المأمولة من أجل تهيئة بيئة سياسية، وتشريعية، مناسبة للمستقبل القريب، والبعيد.
مثلا، "قانون رقم 63 لسنة 2015 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات الجرائم" الذي ولد في فترة سياسية رمادية، ضمن حقبة برلمانية خلال الفترة 2013-2020 التي "زحفت" فيها السلطة التشريعية على صلاحيات السلطة التنفيذية.
لم ينص قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية صراحة على عقوبات تتعلق بتكميم الأفواه وتقييد الحريات، لكن القانون يمكن اعتباره نافذة لتوجيه الاتهام، من زاوية قوانين مختلفة كأمن الدولة، أو المطبوعات والنشر، والمرئي والمسموع، والإلكتروني وغيرها، ويمكن أن تكون القضايا، والتهم، مصدر إرهاق للسلطة القضائية.
كلمة "الحاسوب" الواردة في قانون الجرائم الإلكترونية تعني الهاتف الذكي، ولها أكثر من تفسير معلوماتي وإعلامي، وقانوني، في عالم الانترنت الذي يحتم التعامل مع هذا العالم المفتوح من زوايا اجتماعية، ونفسية، وتربوية، قبل الزاوية القانونية البحتة.
لعلنا لا نبالغ في الحديث عن تلك المرحلة، الحكومية والنيابية الرمادية، التي طغت في مرحلة سياسية غير محايدة من حيث التشريع، فقد خضعت تلك المرحلة إلى رغبات غير مشروعة، سياسياً وقانونياً، ولا بد من التذكير بالخطاب السامي بعد حل مجلس 2020، وما ورد فيه عن "زحف" مجلس الأمة 2020 على سلطة الحكومة.
الظروف السياسية في تلك الفترة الحرجة
( 2013-2020) خرجت عن أسوار مجلس الأمة، ولجانه، والدستور والمذكرة التفسيرية، واللائحة الداخلية، لذلك لابد من تقييم مدى الحاجة للمراجعة لقانون الجرائم الإلكتروني، وغيره من قوانين مقيدة للحريات، والتركيز على حماية المجتمع والدولة، من الغلو في الدين، والتطرف، والإرهاب الفكري، وتمويل الإرهاب.
ربما، جاز، أيضاً، تحليل كثافة تدفق التصريحات المنسوبة لـ"مصدر قانوني وقضائي" تتعلق بقضايا منظورة في المحاكم، أو تحقيقات مستمرة في النيابة العامة، فقد أصبحت بعض الصحف اليومية مختصة في النشر، والتسريب، وربما التأثير غير المشروع، وغير ذلك!
لقد قيل الكثير عن المصادر الصحافية وسريتها، لكن الأمر طال مرفق القضاء، والمحاماة، من قبل بعض الصحف، وربما الغاية لا علاقة لها بالأخبار بقدر توجيه الرأي العام، والتأثير عليه، ولا أتصور أن ضمير القضاء النزيه يوافق على هذا المنحى الخطير في النشر، ونسب الأخبار لمصادر قانونية، وقضائية، لصالح إبراز البعض، وتقليل من شأن البعض الأخر، والتأثير في نهاية المطاف على وقائع قانونية!
استبعد أن تكون هناك دراية في الإعلام الرسمي لعمليات التسريب، والنشر، المتعمد في بعض الصحف عن أمور قضائية، وإدراك للتطورات غير القانونية في الـ"سوشيال ميديا"، فالمحامي، البعض طبعاً، يستغل قاعة المحكمة للتصوير، وتحقيق الشهرة، وبعض مكاتب المحاماة بدأت تسلك مسار التسويق التجاري لها، في منصات التواصل الاجتماعي، في حين يفسر أكاديميون مسودة القوانين، وأحكام غير باتة، بيقين قاطع لهدف تجاري، ربما، وجدل قانوني غير نبيل، وربما بهدف الترويج لمكاتبهم وأنفسهم!
وربما، جاز إعادة النظر في تبعية إدارة الفتوى والتشريع، وخضوعها لتبعية وزير العدل، حتى تكون إدارة التشريع والفتوى تحت رقابة أسنان قانونية، كوزير العدل الذي يتمتع بسلطة إدارية ومالية على مرفق القضاء، ولديه مكتب فني، قادر على القراءة القانونية لطبيعة عمل وتقييم أداء إدارة الفتوى والتشريع، وفصل هيمنة الأمانة العامة لمجلس الوزراء على "الفتوى والتشريع"، والعكس أيضاً، ومنع استغلال صرف المكافآت الاستثنائية لفرق "الإدارة" المكلفة بمتابعة قضايا ونزاعات دولية تتعلق بالمال العام، وهو من صلب اختصاص الإدارة من دون الحاجة الى صرف مكافآت استثنائية خاصة من مجلس الوزراء، أو أي جهة حكومية.
وجاز، أيضا، مراجعة وزير العدل ملاحظات، ومخالفات ديوان المحاسبة، بشأن تأييد إدارة الفتوى والتشريع حجب المعلومات عن ديوان المحاسبة، بشأن قضايا المدير العام السابق للتأمينات الاجتماعية فهد الرجعان، والتطورات القانونية خارج الكويت، وتحفّظ الديوان على "تعارض" المصالح في المؤسسة، والخاصة بأحد القيادات القانونية في المؤسسة.
شكرا سلفاً لوزير العدل على التعاون، وحسن الظن في المراجعات المقترحة.
0 تعليق