اختُتمت، أمس، بالعاصمة السعودية الرياض، أعمال القمة العالمية لإطالة العمر الصحي 2025، بنسختها الثانية، التي تنظمها مؤسسة هيفولوشن الخيرية تحت شعار «لبناء المستقبل بحضور أكثر من 2500 شخصية ومشاركة أكثر من 150 متحدثًا عالميًا، واستمرت القمة على مدار يومين، وتضمنت أكثر من 80 جلسة.
وتهدف القمة الأكبر من نوعها على مستوى العالم، إلى إطلاق الحوارات التي تساعد على فهم علم إطالة العمر الصحي لتحقيق مستقبل مزدهر للأفراد والمجتمعات، إلى جانب إيجاد حلول عملية لمواجهة تحدي الشيخوخة الذي يعد من القضايا الأكثر إلحاحًا بعد التغير المناخي في عصرنا، كما تركز القمة على تعزيز النقاشات المبنية على أسس علمية بما يسهم في تحفيز الأبحاث الرائدة، وتوسيع نطاق ريادة الأعمال، وتشجيع الاستثمارات الذكية في القطاع، وبناء شراكات عالمية قوية لتبادل المعرفة وتعزيز مجالات التعاون.
وأكدت صاحبة السمو الملكي الأميرة الدكتورة هيا بنت خالد بن بندر آل سعود، نائب الرئيس الأول للأبحاث في مؤسسة هيفولوشن، أن الأمراض المزمنة من المشكلات الصحية المنتشرة عالمياً، وليس على مستوى الخليج فحسب، وأن الأفراد في الوقت الحالي يعيشون مدة أطول مما كان عليه الحال في السابق، ولكن يعيشون سنوات أكثر مريضين، وأن الأشخاص يمكن أن يعيشون 10 سنوات أو أكثر مريضين، وأن هذا وفقاً للمعدل العالمي.
ولفتت إلى أنه من الملاحظ أن الأمراض المصاحبة للشيخوخة تظهر في سن مبكرة، فيمكن أن تظهر في الأربعينيات أو الخمسينيات أو الستينيات من العمر، ويختلف هذا الأمر من دولة لأخرى.
وأوضحت أن المؤسسة لا تعالج الأمراض، ولكن تركز على علم الشيخوخة، وتهدف للحماية من التدخلات البيولوجية الناتجة عن بعض الأمراض كالسكري والسرطان وغيرها، ودعم الشركات المختلفة لإيجاد العقاقير للحماية.
كما أكدت خلال جلسة باليوم الأول للقمة تحت عنوان «علوم الصحة، والاستثمار في البحوث، والطب، وأكثر من ذلك اليوم، والمستقبل» التأثير الأوسع لقطاع إطالة العمر الصحي على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، مشيرة إلى دور هذا القطاع في تمكين المرأة ومعالجة النقص في القوى العاملة، وخفض تكاليف الرعاية الصحية.
ونوهت إلى إسهامات مجال إطالة العمر الصحي في تحفيز وتمكين الأفراد على العيش والعمل لفترة أطول وهم بصحة جيدة. وأن المسألة لا تتعلق فقط بالرعاية الصحية، بل بناء اقتصاد ومجتمع أكثر صحة واستدامة.
ولفتت النظر إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي وإمكاناتها في تفسير علوم الشيخوخة المعقدة وتحليل النتائج التي تقدمها المختبرات.
تطوير علاجات
وأعلن الدكتور محمود خان - الرئيس التنفيذي لمؤسسة هيفولوشن -، خلال القمة عن استثمارات بقيمة تصل إلى 55 مليون دولار في 4 شركات ناشئة في مجال التقنية الحيوية، التي تركز على تطوير العلاجات في مجال الشيخوخة الصحية.
وأوضح د. خان أن سكان الخليج زادت أعمارهم بما يقارب 30 عاما، وأن ذلك يرجع إلى توافر الرعاية الصحية أكثر مما كانت عليه في السابق، وأنه برغم ذلك لا يعيشون بطريقة صحية، فباتوا يتعرضوا للكثير من الأمراض مثل السكري والضغط وغيرهما من الأمراض.
الجدير بالذكر أن القمة العالمية لإطالة العمر الصحي 2025، هي منصة عالمية تركز على اكتشاف أحدث التطورات الرائدة في مجال إطالة العمر الصحي، وتعزيز التعاون الدولي والنقاشات العملية لمواجهة التحدي العالمي المُلحّ المتمثل في الشيخوخة.
3 مواضيع رئيسية
ركزت النقاشات على سبل تحفيز البحوث العلمية المتعلقة بالشيخوخة، وإطالة العمر الصحي، وتعزيز الاستثمار والتعاون الدولي في هذا القطاع الناشئ، ودور التقنيات في إحداث تحول جذري في أنظمة الرعاية الصحية لدعم المجتمعات المسنّة على مستوى العالم.
كما تأتي القمة في وقت يشهد فيه العالم تحولاً سكانياً سريعاً، حيث يتوقع أن يتضاعف عدد سكان العالم الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً إلى 2 مليار شخص بحلول العام 2050. كذلك، سيعيش ثلثا الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
د. وضحى المفتاح: خطط وقائية وإستراتيجيات علاجية عبر «الجينوم»
شاركت الدكتورة وضحى المفتاح، مدير قطر جينوم بمعهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة، عضو مؤسسة قطر، في القمة العالمية لإطالة العمر الصحي 2025 بالعاصمة السعودية الرياض، وتحدثت أثناء القمة عن أهمية الانتقال من الرعاية الصحية التقليدية الى رعاية صحية دقيقة مبنية على فهم الخلفية الجينية والتركيبة الوراثية للأفراد في حلقة نقاشية حول «التبادل الطبي والرعاية الصحية». وأوضحت الدكتورة وضحى أثناء النقاش عن أهمية البينات الجينومية والبينات الحيوية في الاكتشافات العلمية والابتكار في المجالات الصحية.
وأكدت دور المؤسسات الصحية والبحثية في رفع الوعي المجتمعي حول الابحاث الطبية وأهميتها في تحسين جودة الصحة العامة. كما ذكرت ان قطر جينوم لا يركز على أبحاث اطالة العمر الصحي بشكل مباشر ولكن أطلق قطر جينوم العديد من المبادرات التي تركز على الصحة العامة وأهمها مبادرة «الصحة للجميع» والتي تهدف الى تحسين جودة الحياة عن طريق توفير تقرير الجينوم الشخصي الذي يتضمن شرحا تفصيليا عن دور العوامل الوراثية في ظهور صفات وراثية محددة مرتبطة ببعض الصفات الوراثية مثل نوع النظام الغذائي المناسب لكل فرد ونوع الرياضة حسب صفاته الوراثية.
نشر الوعي المجتمعي حول علم الجينوم بالاضافة الى التعليم من أهم المهام التي يركز عليها قطر جينوم، منذ بداية المشروع عمل فريق قطر جينوم مع المؤسسات التعليمية عن قرب، حيث تم التعاون مع المؤسسات الأكاديمية كجامعة حمد بن خليفة وجامعة قطر، وتم تأسيس برنامجين بالتعاون معهما، يركزان على الاستشارات الوراثية والطب الجينومي، تستهدف ممارسي الرعاية الصحية، لإنشاء جيل في المستقبل واع بأهمية الجينوم وتطبيقاته في مجال الرعاية الصحية الدقيقة.
وأوضحت في تصريحات لـ «العرب» على هامش مشاركتها في القمة العالمية لإطالة العمر الصحي 2025 بالعاصمة السعودية الرياض، أن الخطوات التي اتخذها قطر جينوم، وتعاونه مع عدد من المؤسسات، زادت من وعي ومعرفة المجتمع القطري بعلم الجينوم، وأن هذا ملاحظ في اهتمام أفراد المجتمع في التعرف عن صحتها بشكل دقيق.
وقالت د. وضحى: نلاحظ تزايد الوعي بالصحة العامة بشكل ملحوظ، خاصة بين أفراد الجيل الجديد، حيث هناك العديد من الشباب المهتمين في متابعة جودة حياتهم العامة وممارستهم للرياضة من خلال استخدام الاجهزة الذكية والتكنولوجيا القابلة للارتداء مما يعكس ارتفاع مستوى الإدراك الصحي لديهم واتباع نمط حياة صحي أفضل.
وأشارت د. وضحى إلى أن قطر جينوم قام بدراسة التسلسل الجينومي لأكثر من 40 ألف فرد، وأن دراسة الخلفية الجينية تمكنا من فهم العوامل الوراثية التي من الممكن أن تسبب بعض الأمراض الشائعة في قطر، مثل السكري والسمنة والسرطان، كما تساهم دراسة التركيبة الجينية لأفراد المجتمع على وضع خطط وقائية واستراتيجيات علاجية من الممكن أن تساعد على الحد من انتشار مثل هذه الأمراض.
وقالت د. وضحى المفتاح: جمع البيانات الصحية والوراثية والدراسات البحثية مستمرة ولا تتوقف، وهي تشبه الدائرة، تبدأ بجمع البيانات ومن ثم العمل على الأبحاث، ونشر الدراسات وترجمتها إلى ممارسات سريرية، ويعمل معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة على جمع البيانات الصحية والبيولوجية، ونشر الأبحاث، ومن ثم النظر في نتائج الأبحاث وإمكانية ترجمتها إلى ممارسات سريرية.
0 تعليق