فى انتظار قمة ورقة التوت العربية

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

(١)

أولا:- مدخل ضميرى لازم..

قُلْ خونة..قل غادرون..ولا تقل مقاومون! منذ أكثر من ثلاثة سنوات صدر كتابى (الكتاب الأسود) وجاء عنوان بابه الأول تحذيرا من القلب خوفا على مصر،ونصه (احذروا غزو الهكسوس الثالث والمعاصر لمصر.) وقبل خيانة السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ بعدة أشهر نشرت جريدة الدستور مقالاتى الثلاثة بعنوان (السطو على سيناء..كيف واجهت مصر خطط التوطين الملعونة؟!)

 فى كل ما سبق وجهت اتهاما مباشرا وصريحا لجماعة الإخوان بشقيها المصرى والفلسطينى بأنها الخنجر العربى الموجه لمصر وفلسطين وكل هذه المنطقة المنكوبة بتلك الجماعة العميلة صنيعة أجهزة المخابرات المتعددة. 

أنا أرفض – احتراما لقدسية الأوطان، وحقائق التوثيق التاريخى، واحتراما لعقلى وضميرى – أى محاولات استخفاف بنا، وتبرئة تلك الجماعة عبر ترديد تبريرات ساذجة مثل أنهم أساءوا التقدير! 

ما حدث كان خيانة صريحة مثل باقى فصول تاريخ الجماعة منذ صناعتها، مهما بدلت جلدها ومهما تسمت بمسيات محلية، ومهما يكن من تولى قيادتها. خونة وليسوا مقاومين. قاموا بما كلفوا به ونفذوا الفصل الأول من مؤامرة صهيونية أمريكية سافرة... 

ولقد أخلصوا فى الخيانة للنهاية، ولم يخيبوا ظنوننا بهم فى أى مرحلة، وفى أى مشهد منذ صباح السابع من أكتوبر حين تعجلوا الإفصاح عن نواياهم عن مصر، وحتى مشهد ما بعد تصريحات التاجر والنخاس البلطجى الذى يعتقد أن جميع الدول والقادة والشعوب قابلون للبيع والشراء وكل ما عليه أن يدفع الثمن المطلوب ويساوم حتى تتم الصفقات! 

فى البداية اعتقدوا أن الجولة سهلة وأن مصر ستسقط فى اليوم الأول فأفصحوا عن نواياهم لاقتحام حدود مصر. ثم تراجعوا حين أرتهم مصر ما لم يتوقعوه.

وفى مشهد النهاية، وفى ذروة محاولات مصر طرح خطة إعادة إعمار غزة لأهلها، وبمجرد خروج تصريحات البلطجى عن مصر والأردن، سارعت الحركة العميلة بإعلان غزة منطقة منكوبة وأسهبت فى تفصيل عدم قابلية القطاع للحياة! توقيت التصريح خيانة صريحة لا تحتمل طنطنة. ومن بين مشهد البداية ومشهد النهاية، عاصرنا كل مشاهد الخيانة يوما بيوم! 

تعاونوا مع المجرم الصهيونى لتنفيذ المرحلة الاولى وهى القضاء على فرص الحياة فى القطاع انتظارا لمجىء البلطجى لتنفيذ المرحلة الثانية. 

(٢)

ثانيا:- لا مصر ولا أرضها معروضة فى مزادات الأوطان! 

مهما تم الإعلان عنه من بضاعة معروضة فى مزاد الأوطان وشرف الدول، فمصر خارج سوق النخاسة هذا مهما كثر العارضون ومهما غليت أو رخصت الأثمان. 

ما نشاهده الآن لا علاقة له بسياسات دولية أو قوانين دولية، ولا علاقة له بالحد الأدنى من أى أخلاق أو ديانات، ولا أبالغ حين أقول إن الجنس الثالث او مافيا تهريب المخدرات على الحدود المكسيكية  ربما يكونون أكثر شرفا ممن تباهى باتخاذ قرارات تنفيذية بمحاربتهم ليلة تنصيبهمهرجا أكبر على الساحة الدولية.

 لكن المهرج صدق نفسه، وقرر أن يصبح بلطجى العالم الأول على طريقة الفنان أحمد توفيق فى فيلم شىء من الخوف حين كان يهذى (أنا عتريس انا بخوف!)

هو وسابقه ينفذان خطة واحدة على مراحل وثالثهما الشيطان أو جماعة الإخوان بفرعها الفلسطينى فى دور البطولة، وباقى الأفرع فى دور الظهير الإعلامى الشعبوى! 

ما شاهده العالم بالأمس لم يكن مؤتمرا صحفيا لقادة دول فى القرن الواحد والعشرين، بل كان مشهدا من حانة سكارى أثملتهم الدماء التى عبوا منها وظنوا - وكل ظنونهم مثل أفعالهم إثمٌ وإجرام – أن الأوان قد آن للخطوة الحاسمة! 

أصر البلطجى على ان يقوم بخلع ملابس دولته  الاخلاقية مثل راقصة استربتبز رخيصة حتى تصبح عارية تماما، ويعود بها إلى أصلها التاريخى الذى يعرفه كل العالم حين قامت بمذابح دموية بربرية لإبادة شعوب بأكملها وسرقة أراضيها. 

أعلن انسحابه من كل هيئة ودولية يشتم منها التمسك ببقايا ضمير وأخلاق وحياء، والعودة إلى العصور الوسطى. لكنه نسى فى غمرة انتشائه بخنوع البعض أن ليست كل الشعوب ولا كل الدول تقبل أن تعامل معاملة الخراف فتذبح وتسرق أوطانها دون مقاومة. 

لقد حسمت مصر قرارها وموقفها ليس اليوم، ولا منذ أربعة عشر شهرا، بل منذ مولدها الذى كان مولدا لكلمة أوطان ودول. 

مصر لن تفرط فى شرفها أو أرضها. هذا قرارها وكما يقول المصريون (اللى فيها تجيبه). 

خيار مصر حاسم صارم، وليس هناك من الأصل اختيارات أخرى لديها. لن يجبرها رئيس دولة – ذريبة أى فلاح مصرى فى أى قرية قد تكون أقدم من دولته – على الركوع.

المصريون دائما فى انتظار إشارة من مصر، وساعتها لن يدخل أحدٌ أرضها إلا على جسد آخر مصرى. 

هذا هو القرار، وهذا هو الذى ينتظر أى مجرم أو بلطجى مهما غره شيطانه بقوته، ولكم فيما فعله المصريون فى ٥٦ و٧٣ خير دليل عملى. ليس المصريون هم من يبيعون شرفهم للخروج من محنة اقتصادية أو خوفا من مواجهة. 

(٣)

ثالثا:- على قادة وشعوب المنطقة أن يختاروا لأنفسهم!

نحن الآن فى الاختبار الأخير. على كل دولة من دول المنطقةيطنطن قادتها بحديث الأمة العربية أو الإسلامية أن تختار لنفسها موضعا فى التاريخ. الشعوب التى أرهقتنا فى الأشهر الماضية بالمزايدات الرخيصة عن فتح الحدود لهم لتحرير فلسطين ومواجهة الصهيونية ثم بلعت ألسنتها، الآن عليها أن تكتب لنفسها تاريخا يتناسب مع مزايداتها أو لتصمت للأبد. 

على القادة الذين ما يزالون يجلسون على عروشهم أن يدركوا أن هذه العروش لن يكتب لها بقاء إن سقطوا فى اختبار الشرف والرجولة الأخير. 

ليس مطلوبا لا منهم ولا من شعوبهم أن يحملوا السلاح، فنحن نعرف أنهم لا يقدرون على ذلك، لكن عليهم أن يتخلوا عن خوفهم، وأن يدركوا أن المال قوة، وأن التماسك وتكوين جبهة إقليمية موحدة سياسا قوة، وأن مصادر الطاقة قوة، وأن مجرد الرجولة والاستعداد لأن يُخشوشنوا قوة! 

وأقسم أن هذه ليست شعارات جوفاء، وأن الركوع ليس قدرا محتوما لكنه اختيار. هكذا يقول التاريخ. لو أن البلطجى النخاس رأى منهم مشهد قوة وتمنع واحدا كما رأى أسلافُه من أسلافهم فسوف يستفيق من سكره، ويعيد ضبط عباراته، ويدرك أنه يعامل أمم ودول وشعوب على قيد الحياة، ومهما تكن قوة أى قوى دولية فلا يمكنها استعداء مجموعة دول تمثل أهم كتل اقتصادية ومصادر طاقة فى المنطقة وربما فى العالم. 

(٤)

رابعا:- الشعوب تنتظر قمة ورقة التوت الأخيرة!

ما تزال الفرصة سانحة لأن يثبت قادة دول المنطقة أنهم يستحقون عروشهم، وأنهم يملكون الحد الادنى من الحياء أمام شعوبهم. لا طريق آخر أمامهم سوى عقد قمة حقيقية يكون جميع من يحضرها حرا حقيقيا وحاكما حقيقيا لشعب وأمة مستقلين. لا أن يحضرها أحدٌ من أجل التقاط صورة باهتة لتسويقها محليا ثم يعود أحدهم ليقوم سرا بتقديم تقرير للبلطجى يتبرأ فيه من القمة وقراراتها ويقدم فروض الولاء والطاعة! أليست هذه هى الحقائق المرة التى تجرعتها مصر عبر عقود طويلة؟! المطلوب هو الحد الأدنى من الشرف السياسى.

 فقط أن يرى المجرمُ والبلطجى منكم وجوها غاضبة بشكل حقيقى عملى، وجوه رجال حقيقيين واثقين أنهم قادرون على الوفاء بما يلزمون به أنفسهم أمام شعوبهم وهم يلقون كلماتهم المتلفزة! نحن نتوسل إليكم أن تحفظوا لشعوبكم ولانفسكم ورقة التوت الأخيرة قبل أن تصبحوا عرايا للأبد! فهل هذا كثيرٌ على هذه الملايين من الشعوب، وهذه المليارات من العملات الصعبة التى تكتظ بها خزائنكم؟! أن تستعدوا لاختيار الموت فى سبيل الشرف فتكتب لكم ولشعوبكم وأوطانكم الحياة للأبد! 

أى مشهدٍ أقل من هذا لن يُرضى الشعوب، وسوف يُسقطكم أمامهم للابد. أقل من هذا يعنى أن كل ما تتشدقون به عن أمة عربية أو إسلامية هو خرافات سياسية آن لنا أن نضعها فى متاحف الشمع!

إن لم نتحدث بصراحة الآن، فلن يكون لأى حديث صراحة معنى بعد فوات الأوان!

(٥)

خامسا:- توثيقٌ واجب، وشكرٌ مستحق لهذه القيادة المصرية الحالية.

فى نفس كتابى المشار إليه فى أول حديثى، وفى فصله الأخير الذى عنونته بطريق العودة.. عودة مصر لما تستحقه من مكان، كتبت البند الأول (القوة المصرية العسكرية القادرة خيار وجودى وجوبى)،ذكرتُ ما معناه أنه يتوجب على أى قيادة تحكم مصر أن يكون واجبها الأول هو أن تحفظ لمصر دائما قدرة عسكرية عصرية متطورة متنوعة قادرة أن تحفظ لمصر شرفها. 

وأن الأطماع الصهيونية فى أرض مصر حقيقة دائمة لا تستند إلى حق أو تاريخ أو قوانين دولية، إنما فقط تستند إلى القوة المجردة. وأن الحق الوحيد الذى يمكن لمصر امتلاكه هو قدرتها العسكرية على الدفاع عن نفسها. هذا خيار وجودى وجوبى يجب أن نضعه أولا وقبل كل شىء حتى لو جوعنا بالمعتى الحرفى للجوع. 

لقد استهدف الخونة القيادة المصرية بالهجوم الممنهج العنيف حين أصرت تلك القيادة على القيام بواجبها هذا. سبوا القيادة المصرية، وحاولوا تأليب المصريين ضدها معرضين بالأزمات الاقتصادية ومحاولين إثناء تلك القيادة عن المضى قدما فيما كانت تدركه جيدا بطرق رخيصة تتهمها فى ذمتها المالية وشرفها. الآن وقد ظهر كل شىء بهذا التبجح والسفور، فإننى كمواطن مصرى، وككاتب أرى نفسى مدينا لهذه القيادة بشكر مستحق أنها قد صمدت هذا الصمود، وتحملت كل هذه الموجات المنحطة من الهجوم، ولم تضعف أو تفرط وقامت حرفيا بما كتبته وتمنيته وخشيت أن تُهاجم مصرُ قبل إدراكه. 

فشكرا لمن لم يفرط فى الأمانة، واحتمل كل تلك الموجات. ونحن معكم فى خندق الدفاع عن هذه البلاد حتى الرمق الأخير. 

(٦)

سادسا:- مشهد سقوط ساقر!

حين قرأتُ الخبر على السوشيال ميديا لم أصدقه حتى تيقنت بالفعل من حدوثه. فى ذروة مشهد استهداف وطن، فوجئنا بثلة من الوجوه تدعى أنها من نخبة المعارضة السياسية، وهى تجتمع وتصدر بيانا يضغط على الدولة المصرية للإفراج عن مدانٍ بالتحريض على قتل ضباط مصريين! 

هل هناك ما يمكن وصفه بالخسة الوطنية أكثر من هذا السيناريو؟! هل ممكن اتهامنا بشىء حين نقول أن هؤلاء مأجورون، وهناك من يحركهم بالريموت كنترول عن بعد؟!

نفس الوجوه الكالحة رأيناها فى ذروة اشتداد الموجة الاولى ضد مصر وهم يتظاهرون ضدها على سلالم نقابة الصحفيين ليطالبوا بما يطالب البلطجى به مصرَ الآن! 

إن عقلى يعجز عن استيعاب بعض المشاهد من فرط فظاظتها. بمَ أرضعتْ هؤلاءَ امهاتُهم؟!

أحدهم لم يحترم شيبة شعر رأسه، وبلوغه من العمر أرذله، ومن فرط تحرقه لأى منصب سياسى - هو قطعا لا يستحق حتى شرف الترشح له - يبدو وكأنه على استعداد لان يقوم بدور أحمد الجلبى لبلوغه! 

وآخرون يعدون أنفسهم رجال قانون أو من نخبة شباب المعارضين، يصرون على تلطيخ أسمائهم وترك العار يلاحق خلفهم لا أدرى مقابل ماذا! 

كلنا عانينا فى حياتنا من صعوبات وأزمات اقتصادية، وأحيانا واجه بعضنا موقفا سلبيا مع جهة إدراية فى الدولة، لكن لم يسقط أحدنا مثل هذا السقوط المشين. 

حين سقطت بغداد رأيتُ والدى رحمه الله مكتيبا حزينا فأردتُ مداعبته مداعبة – اكتشفت أنها سمجة فى غير موضعها –فقلتُ عبارة هزلية قطعا لا أقصدها.. (لو وصلوا هنا هلاقى فرصة شغل حلوة!) حتى موتى، لن أنسَ تعبيرات وجه أبى وهو ينظر إلىٌ محتقرا مندهشا قبل أن أقسم له ٱننى أمزح! فكيف ربى وعلم آباءُ هؤلاء الساقطين أبناءَهم حتى يسقطوا هذا السقوط المهين؟

فى النهاية أود أن أطمئن كل مصرى أن مصر قد حسمت قرارها مهما يكن الثمن الذى سندفعه. فالحفاظ على الأوطان - وسط هذه الغابة من الساقطين وخونة الأوطان - قطعا لن يكون بالمجان. ونحن على استعداد لدفع أى ثمن لكى نحفظ لهذا الوطن شرفه. 

هذه حقيقة وليست مجرد شعار أجوف كما يحاول البعض ترويجه. الشعارات الجوفاء فى مثل تلك اللحظات لا وطن لها فى مصر.

كلمتى الأخيرة لكل مصرى يشاهد ما يحدث كمتفرج وينتظر ما سوف تقوم به قيادة مصر، وكأن الأمر لا يعنيه، بل وبعضهم يراهن على سقوط بلاده واستسلامها لكى يقول (ألم اقل لكم)، أقول لهؤلاء..إن ما يحدث هو قضيتنا الأولى والأخيرة، وأننا جزءٌ أصيل من المواجهة. ومن سوف يتخل عن القيام بدوره فهو دون مواربة يتخلى عن جزءٍ من أخلاقه ودينه وشرفه مهما صلى وصام وتصدق وتظاهر بحسن الخلق. 

وأستعير عبارة صديقة مقاتلة دفاعا عن مصر..من باع وطنه – ولو صمتا فى وقت وجوب الكلام – فقد باع دينه! 

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق