شكراً ملك الأردن أفْهمت ترامب ماذا نريد

24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بكلام واضح، وديبلوماسية عالية، وضع الملك الأردني عبدالله الثاني في لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، النقاط على الحروف، وقال: "لا تهجير للفلسطينيين من أرضهم"، وأردف: "إن الموقف العربي سيكون موحداً من خلال القمة العربية".

هذا الرجل العارف ثقافة الغرب، والمطلع على خلفيات ما يدور في الغرف المغلقة في دوائر الدول العظمى، يدرك أن اللغة الواضحة الديبلوماسية تفيد في المواقف الصعبة، وليست الشعارات العربية التي تطلق في المهرجانات أو للاستهلاك السياسي.

أيضاً الملك عبدالله الثاني المعني الأكبر بالقضية الفلسطينية، يدرك الأثمان الباهظة المترتبة على أي خطوة في غير محلها، فالأردن يعرف ما يعنيه التهجير الفلسطيني، أكان في العام 1948 أو 1967، وما تلاهما من أزمات لا يزال يعاني منها حتى اليوم.

مساء أول من أمس، لم يكن يوماً عادياً في واشنطن بالنسبة للملك الأردني، خصوصاً أن ترامب حاول تسويق مخططه أمامه، لهذا قالها واضحة "إن الموقف العربي موحّد، وأولوية الجميع تتمثل في إعادة إعمار غزة دون تهجير أهلها".

في ذلك النقاش العلني أمام وسائل الإعلام الأميركية كانت لهجة الملك واضحة، رغم الاستخدام الشعبوي الذي درج عليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، منذ فوزه بالولاية الثانية، لأن الملك عبدالله الثاني يخاطب الغرب، وتحديداً الأميركي، باللغة التي يفهمها الغربيون، ويفرق بين السم والعسل الذي يمزجونه معاً كي ينالوا مآربهم، فيما اللغة الملكية وصلت إلى المبتغى عبر المنطق والدليل، وبكلام قريب إلى الأذهان، وهو ما يمكن أن ينطبق عليه المثل الشعبي الكويتي: "الهون أبرك ما يكون".

صحيح أن الرئيس الأميركي ينظر إلى نفسه حالياً أنه إمبراطور العالم، وبيده خراب العالم، وإعماره، لكن الصورة الواقعية غير ذلك إطلاقاً، فالاستقواء على الدول ليس صفقة يحاول عقدها مطور عقاري مع مقاولين، ويعمل على الترويج لها من خلال لغة الإعلانات فقط، كما درج عليه مقدم البرامج التلفزيونية.

العالم شهد هذا الملك العربي صاحب الثقافة العالية كيف يخاطب رئيس أكبر دولة وبلغته الإنكليزية، وفي وقت عصيب، وفي جلسة علنية، رغم محاولة الأخير وضع أحلامه المتعلقة بجزء منها بالأردن، ويراهن على أنها واقعة لا محالة، لكن كان الرد، إذا كنت تريد بناء غزة وأهلها فيها، تفضّل وشكراً لك، وإذا كنت ترغب في إحلال السلام في الشرق الأوسط، فأهلاً وسهلاً، فكلنا نريدها، لكن وفق قرارات الأمم المتحدة، وحل الدولتين، وأن يعيش الشعبان في إسرائيل وفلسطين بسلام جنباً إلى جنب، وربما تكون العلاقة ممتازة بينهما.

لذا، يستحق الملك عبدالله الثاني الشكر على توضيح الصورة أمام ترامب حتى لا يبقى الأخير على جموحه، ففي النهاية لا يصح إلا الصحيح.

  • أحمد الجارالله

أخبار ذات صلة

0 تعليق