والجين الأناني تكلم عنه عالم سلوك الحيوان، والأحياء التطورية "كلينتون ريتشارد دوكينز"، وهو أستاذ العلوم في جامعة أوكسفورد البريطانية، والذي نشر كتابه (الجين الأناني) سنة 1976 بلغة تسهيل وتبيان، لتطويع معارف هذا العلم من مدارك العامة.
جين حيوي عنيد حاكم قابل للتطور، حيث يظل يتفاعل مع الأحداث، ويطبع المعلومات على شفراته، معتبرا أن جسد الحيوان أو الإنسان مجرد مركبة يقودها لتحصيل البقاء والوصول إلى جينات الأجيال القادمة، للمحافظة والإبقاء على الحياة.
هذا الجين الأناني على سبيل المثال، كان يوجد عند من يخشون المرتفعات العالية، فطبع مخاوفه في أجوافهم ليحميهم من السقوط والتردي، وبالتالي انتقل لجينات أبنائهم ليورثهم حرص البقاء على مدى العصور.
أما من لم يمتلكونه، فلا شك أنهم قد تردوا بتهورهم، ما أدى لانقطاع سلالاتهم "منعدمة الجين"، وفنائهم.
جين يحتوي التنوع المفيد من التصرفات الباحثة عن بقاء الحياة، فيظل يحث الكائن على توخي الحذر ليس فقط من عدم السقوط، ولكن في حرص التنبيه لأمور حياتية خطيرة عديدة، تصبح تصرفا للكائن، بجين أناني يمنعه من فعل ما يضر، ويجعله يسعى لإيثار نفسه وسلالاته المتعاقبة، ما يفسر خوف الأم وتفانيها لحماية أبنائها، ومهما واجهت من الخطر، والتضحية بحياتها دون صغارها.
جين نستطيع من خلال معرفته تفسير كثير من التصرفات اللاإرادية للبشر، مثل تفضيل ذوي القربى، وإيثارهم، والدفاع عنهم، ما يؤدي في النهاية لبقاء النوع نفسه.
كما يتضح في حرص البشر على كثرة النسل، للإبقاء على النوع، ونزعة فعل الخير، وطلب السلام، وتفضيل الأخلاق الحميدة، والسعي لضمان كينونة المجتمع، وعدم حصول الشر للأفراد، بشكل عام يقلل من حوادث الغفلة، والتهاون عن أخذ الحيطة في مختلف تصرفاتهم، ولكون مردود كل ذلك يعود عليهم بالحب والسلامة وبقاء النسل.
الجين بذاته لا يمتلك الإرادة، ولكنه يظل يحث خلايا الجسد المعنية، قائد يقوم بقيادة مركبة الجسد الممتلكة للأحاسيس وردود الفعل، والحركات العضلية، فيوجهها نحو معاني التعايش، من جوفها وبما يهديها للسلامة والبقاء.
عمل الجين الأناني اللاإرادي قد يدخل الشخص في أنواع من الصراع، ولكنه في المحصلة يعطي خلاصة خطط النجاح الممكنة، وحتى وإن أظهر تصرفات الكائن بشكل غير مفهوم، ولكنها تظل نبراس بقاء وامتداد سلالة الحياة.
قيام الطيور أو الحيوانات بالصراخ حينما يحيق بمجموعاتهم خطر قد لا يفيد من يقوم بالصراخ بذاته، ولكنه دون شك يساعد المجموعة على الحذر والنجاة، والبقاء للسلالة.
وقد لا يبلغ دور الذكر تصرفات الأم في افتداء الصغار، ولكنه مختص بالتلقيح، وتأمين موارد الغذاء، متكاملا مع أدوار الأنثى بولادة صغارها، وتفانيها لحمايتهم بكل أشكال الشراسة والفدائية.
ولا شك أن مساواة أنثى البشر بالذكر تتسبب في اختلالات في نوعية وظائف الأنثى، والتقليل من حرصها على أطفالها، وتعديل مشاعرها بما يعادي عمل جينات تكاملها مع طبيعتها الأساسية.
shaheralnahari@
0 تعليق