زيارة أمي إلى الكويت: قصيدة حبٍ في شهر الوطن

24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بعد سنواتٍ طويلةٍ من عملي وإقامتي في الكويت، جاءت أمي أخيراً لزيارتي هذا الشتاء، وهو الوقت الأمثل لهذه الزيارة، حيث الأجواء اللطيفة التي تمنح كل زاويةٍ في هذا البلد سحراً. لقد أردت لها أن ترى هذا الوطن الذي أصبح جزءاً من حياتي، وأن تكتشف بنفسها سرَّ المحبة التي تنبض بها هذه الأرض.

منذ لحظة وصولها، شعرت أمي بدفء الكويت، الذي يتجاوز حرارة الطقس في هذا الوقت من العام.

كانت تنظر من نافذة السيارة بإعجاب، تتأمل الشوارع المنظمة، والمباني التي تعانق السماء، والبحر الممتد كأنه يحتضن المدينة بحنان.

أخذتها في جولةٍ عبر معالم الكويت، من الأبراج التي تشهد على مسيرة التطور والازدهار، إلى سوق المباركية حيث عبق التراث وأصالة الماضي، وفي كل مكانٍ زرناه، كانت تنبهر بكرم الناس ولطفهم، وبروح الألفة التي تجعل الزائر يشعر وكأنه في وطنه. أمي ليست مجرد زائرةٍ عادية، بل هي عاشقةٌ للكلمات، وكاتبةٌ تجيد التقاط الجمال وصياغته في قصائد مفعمةٍ بالمشاعر. وبينما كنا نجلس معاً أمام شاطئ الخليج، قرب منزلي، نراقب أمواج البحر، وترسم لوحاتها المتجددة، التفتت إليَّ وقالت: "الآن أفهم لماذا أحببتِ الكويت. إنها ليست مجرد مكان، بل إحساسٌ بالأمان والانتماء".

في ذلك المساء، أمسكت قلمها وبدأت تكتب قصيدة تعبر بها عن إحساسها تجاه الكويت، وكأنها تعزف لحنا ينبض بالحب والامتنان:

"بُورِكتِ يا كويتُ يا نَبضَ الزمانِ

يا دُرَّةً في قلبِ هذا الأوطانِ

جعلتِ الصحراءَ واحةً مُزهِرةً

تَروي القلوبَ بِعَذبِها الرَّيانِ

عينٌ تَفيضُ بِالنُّورِ في أفقِ المدى

تَشهدُ لكِ الأزمانُ بالإحسانِ

سَماءُ أمنٍ تَحتَها أرضُ العَطا

ورحمةٌ تَحيا بِرَوحِ إنسانِ

أخوةٌ تربطُكِ بلبنانَ الوفا

جَسرٌ من الحُبِّ نَقِيّ المعاني

وفَّقَكَ اللهُ برُشدِ أَميرِكِ

رَمزِ الحِكمةِ والرُّؤى والأَمانِي"

لقد شعرتُ بفخرٍ وسعادةٍ.

وأنا أرى مشاعر أمي تنساب في هذه الأبيات الصادقة، فكانت هذه القصيدة بمثابة شهادة حبٍ من قلبها تجاه هذا البلد الذي منحني فرصة النمو والنجاح.

إن زيارة أمي للكويت لم تكن مجرد لقاءٍ عائلي، بل كانت فرصةً لرؤية هذه الأرض بعينيها.

أحياناً، عندما نعيش في مكانٍ لفترةٍ طويلة، نعتاد عليه، فنحتاج إلى نظرة جديدة تعيد إلينا إحساس الدهشة والامتنان، وزيارة أمي منحتني تلك الفرصة.

وفي هذا الشهر، شهر الاحتفال بالكويت، أجد أن هذه القصيدة ليست مجرد كلمات، بل رسالة حبٍ من أمي إلى هذا الوطن، ورسالة امتنانٍ مني لهذا المكان الذي أصبح بيتي الثاني.

شكرًا لكِ يا كويت... لأنك كنتِ الدفء في شتائنا، والحكاية الجميلة التي نرويها بفخر.

مهندسة وكاتبة

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق