مضى قرن من الزمان ولا حياة لمن تنادي لا الحكومات العربية الثورية المتعاقبة! ولا الجامعة العربية المتجمدة! ولا الجامعات العريقة! ولا مراكز البحوث الأمنية والإستراتيجية الراسخة! وما أكثرها في عالمنا العربي! التي فقدت بوصلتها في التوجيه للرأي العام ولم تعد قادرة على فعل شيء؟ ولو حتى التنبيه عما اجتاح العالم مثل «كورونا» وثورات الربيع، حيث إننا شهدنا إرهاصات أنه سيحدث تغيير كبير في العالم ولكن مراكز الأبحاث العلمية لا تعيش الواقع! فهي لا تزال في – سُبات عميق - وعلى حد قول المثل (ليس في الإمكان ابدعْ مما كان)!
بينما نجد العالم يتجدد ويقتنِص كل ذكرى لإحياء أمجاده وكنوز ماضيه البعيد والقريب من أجل الاستعداد لكل طارئ، ونحن قطعنا الصلة مع ذلك النبع الصافي من تاريخ الفكر المستنير وأصبحنا أيتام حضارة بإرادتنا! وليس ثمة أمامنا ونحن أمام مفترق طريق سوى أمرين اثنين أحلاهما مُرّ – كما يقال – الأول استمرار مؤامرة ثالوث الغرب على العرب والمسلمين وممارسة التطهير العرقي واستبداد الجينات الشقراء وتحالفاتها التاريخية.
والثاني قابلية العرب والمسلمين واستعدادهم المريض لتقبّل ذلك الاستبداد مخالفة منهم لفلسفة تراثهم الأصيل الممتد على مدى 14 قرناً من الزمان وصفحاته البيضاء التي تسنم بها القادة الفاتحون عُرى المجد حتى من غير العرب فأعادوا للإسلام عزه وسلطانه أمثال محمود الغزنوي 971 ميلادي الذي فتح بلاد بخارى وسمرقند إلى الكجرات وقنوج وأفغانستان وسجستان وخراسان وكشمير وطبرستان إلى سنة 1030 ميلادي. وقيام الظاهر بيبرس الذي حكم مصر وبلاد الشام ليكمل المسيرة فدحر المغول في موقعة عين جالوت الذين نكبوا بغداد وتصدى للحملات الصليبية وأعادها خائبة من حيث أتت وأعز الله به الإسلام والمسلمين... فهذا تاريخنا وهذا شرفنا وتلك هي أمتنا أمةٌ واحدةٌ.
وهذه هي الحقيقة الكبرى بأن الله جل في علاه أراد أن يجعل مسؤولية الأمة في حمل رسالته الأخيرة وهذه الأمانة حمّلها الرسولُ، صلى الله عليه وسلم، الصحابة في حجة الوداع فقال (ليبلغ الشاهد الغائب) وإذا لم تُحسن الأمة سياسة نفسها أذلها الله لأمة أخرى تحكمها وتقيدها مثلما تفعل الشرائع بإقامة القيّم على القاصر أو السفيه وهذه حكمة ربانية ومتى بلغت الأمة رشدها وعرفت غايتها في الحياة استرجعت عزها الغابر وهذا هو مقتضى العدل والحكمة في تداول الأيام.
وعليه سيظل هذا التيه وذاك الضياع في الأمة وتزهق الأرواح وتُسرق الأموال وتستباح الديار وسيلاحقنا التهجير والعار (في ظل ما يتداول حول غزة) حتى نعود من جديد إلى ديننا!
0 تعليق