- عون يشدد على الدور السعودي في دعم سلامة وانتظام عمل المؤسسات الدستورية في لبنان
- مسيّرة إسرائيلية تحذّر الجنوبيين من «فتْح أبواب جهنّم»
- جنبلاط نبّه «أحفاد سلطان باشا الأطرش» من مكائد اسرائيل
شكّلت الزيارةُ التي قام بها رئيسُ الجمهورية العماد جوزف عون، أمس، إلى المملكة العربية السعودية التي يَتوجّه منها اليوم إلى القاهرة للمشاركة في القمة العربية الطارئة حول غزة، حَدَثاً بالغ الأهمية في مسار «لبنان الجديد» الذي يتلمّس طريقَه إلى استقرارٍ مستدامٍ، على أنقاض الحرب الجهنمية التي رُمي في نيرانها، وبات «إطارُه الناظم» مُرَسَّماً، إصلاحاتٍ هيكلية وبنيوية ومالية واسترداداً من الدولة لصلاحياتها الحصرية بامتلاك السلاح وقرار الحرب والسلم وبسط سيادتها على كامل أراضيها.
ومنذ أن غادرت طائرة عون مطار رفيق الحريري الدولي، الذي رفع في الأسابيع الأخيرة منسوبَ التشدّد بإزاء أي استخدامٍ له كمنصةٍ لتهريب الأموال التي «تطاردها» إسرائيل وتهدّد بقصف المرفق الجوي الوحيد للبنان بحال عبورها إلى «حزب الله»، شخصتْ الأنظارُ على المحادثات مع ولي العهد رئيس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان:
- سواء لجهة ما حمله رئيس الجمهورية في ما خصّ ثوابت العهد التي عبّر عنها خطاب القسَم والبيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام حيال عناوين الإصلاح والسيادة وتطبيق القرار 1701 وحصرية السلاح بيد الدولة، إلى جانب حرص لبنان على حشد الدعم الخارجي لـ «معركته الدبلوماسية» لإخراج إسرائيل من التلال الخمس التي أبقتْها تحت الاحتلال على الحافة الحدودية، خلافاً لمندرجات اتفاق وقف النار (27 نوفمبر).
- أو لناحية طلائع الدعم والمباركة من المملكة للمرحلة الجديدة التي دخلتْها «بلاد الأرز» والتي لاتزال محفوفةً بـ«رياح معاكسة» قد تهبّ من معاندةٍ داخليةٍ للإقرار بالتحولات الجيو - سياسية التي أفرزتْها حربا غزة ولبنان وسقوط نظام بشار الأسد، أو من تشظياتٍ محتملة لتطوراتٍ خطيرة يمكن ألّا تفلت منها المنطقة، وتَلوح مما تحوكه إسرائيل، المغطّاة أميركياً، في جنوب سوريا وللقضية الفلسطينية، كما من قرْع بنيامين نتنياهو ما بدا طبولَ «إنهاء المهمة ضد محور الشرّ الإيراني».
وفي المحطة الخارجية الأولى له منذ توليه سدة الرئاسة، حَمَل عون معه إلى السعودية رغبة وقراراً بتنقيةِ العلاقاتِ مع المملكة من الشوائب التي اعترتْها في العقد الأخير الذي شهد الانحراف الأكبر للبنان عن العالم العربي والانجراف الأخطر نحو المحور الإيراني، وترجمات ذلك على صعيد تحوّل «بلاد الأرز» منصة لتصنيع وتهريب المخدرات وعدم تواني «حزب الله» عن تهديد الأمن القومي للمملكة عبر الحوثيين واستهدافاتهم لها، ناهيك عن الحملات العدائية على المنابر وعبر فضائيات تبثّ من بيروت ضد الرياض وقيادتها.
وهذه الرغبة التي ترتكز على خطاب عون الذي يرفع شعار «لبنان تعب من حروب الآخَرين» وعلى كل السياق الذي رافَقَ انتخابه في 9 يناير برافعة داخلية وخارجية كانت السعودية وازنةً فيها، كفيلة في ذاتها بالتمهيد لصفحة جديدة في العلاقاتِ ليس فقط مع الرياض بل مع العالم العربي والغربي، وهو ما جَعَلَ المملكة تُظَهِّر أول ملامح الدعم الذي يبقى استكماله رهناً بالزيارة الثانية الموسّعة التي ستحصل للرياض خلال أسابيع قليلة لتوقيع الاتفاقات الـ 22، كما بتثبيت مسار الإصلاح وبدء ترجمته خصوصاً في الجانب السياديّ الذي يبقى محورياً وبمثابة «بوليصة تأمين» لأي مساهماتٍ خارجية في عملية إعادة الإعمار.
وفي السياق، ثمّن عون الدور السعودي في دعم واستقرار لبنان، مؤكداً عمق العلاقات الثنائية، ومشدداً على الدور المملكة في دعم سلامة وانتظام عمل المؤسسات الدستورية في لبنان.
في الوقت نفسه، شكر المملكة «على احتضانها اللبنانيين الذين وفدوا إليها منذ سنوات بعيدة ولا يزالون وساهموا في نهضتها العمرانية والاقتصادية».
وكان عون استُقبل عند وصوله إلى الرياض، يرافقه وزير الخارجية يوسف رجي وعدد من المستشارين، من نائب أمير منطقة الرياض الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز ومسؤولين آخرين.
ولاحقاً توجه إلى الديوان الملكي حيث استقبله محمد بن سلمان، ليُعقد لقاء موسّع أعقبته خلوة بين الرجلين تلاها عشاء رسمي.
تعيينات وانتخابات
ولم تحجب هذه الزيارة الأنظارَ عن الاستعدادات الداخلية لمباشرة الحكومة عملها التنفيذي والتحضير لورشة التعيينات الموسّعة ولإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية (مايو المقبل) في موازاة ضغطها متعدد البُعد لجعل تل أبيب تنسحب من التلال الخمس وملحقاتها، وسط تسجيل إسرائيل أمس، خرقاً نوعياً في إطار «الحرب النفسية» عبّر عنه تحليق درون في أجواء بلدة المنصوري وقرى الجوار في الجنوب وهي تبثّ عبارات توجّهت فيه إلى المواطنين، بالقول: «حزب الله يحاول خرق اتفاق الهدنة وقرار وقف النار وعرقلة عمل الجيش اللبناني... وبذلك يهدد أمن لبنان وينذر بفتح أبواب جهنم».
سلام ودريان
من جانبه، أعطى الرئيس نواف سلام بعد زيارته مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان، أول إشاراتِ الانتقال إلى «الميدان»، وهو أعلن أن «الحكومة بدأت بورشة الإصلاح في لبنان بعد نيلها الثقة، وستستنفر كل علاقاتها العربية والدولية لانسحاب العدو الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية كافة، حتى الحدود الدولية المكرّسة باتفاقية الهدنة».
وشدد على ان«ترسيخ مفهوم الدولة بمؤسساتها هو الأساس في عمل الحكومة، وسيلمس المواطن في الأشهر القليلة المقبلة مستوى جديداً من الأداء الحكومي والخدمات، وسيكون همنا الأساسي مصلحة اللبنانيين وتخفيف الأعباء عن كاهلهم، وإعادة لبنان الى دوره الريادي وإقامة أحسن العلاقات مع الأشقاء العرب والدول الصديقة و الحريصة على لبنان الدولة والمؤسسات والشعب».
ووعد سلام، المفتي دريان واللبنانيين، بأن «الحكومة ستولي عناية خاصة بالملفات المهمة وفي طليعتها القضايا المعيشية إضافة الى الماء والكهرباء والطرق والوضع الاقتصادي والاجتماعي والمالي وخصوصا أموال المودعين، وتطبيق العدالة في كل الملفات وملء الشواغر بالأكفأ والأصلح والحفاظ على التوازن وحقوق الجميع. وعلى وجه الخصوص إنصاف السجناء الذين لم يحاكموا منذ أعوام والبعض منهم تجاوز ما يمكن أن يصدر بحقه من أحكام، وأعني هنا ملف ما يطلق عليه اصطلاحا بالموقوفين الإسلاميين فالعدالة يجب أن تأخذ مجراها فيعاقَب المسيء ويُفرج عن الآخرين».
جنبلاط ودروز سوريا
في موازاة ذلك، تتعاظم المخاوفُ من ارتداداتِ «مد اليد» الإسرائيلية عميقاً داخل سوريا وتحديداً جنوبها عبر التلاعب بالملف الدرزي واستخدامه غطاء لِما يُخشى أن يكون «لعباً بالخرائط» في المنطقة وفتْحاً لأبواب فوضى في سوريا الجديدة، قد يستفيد منها أكثر من طرف إقليمي وفي مقدّمه إيران.
وفي هذا الإطار، دق الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي كان أول من زار دمشق بعد سقوط الأسد والتقى الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، ناقوس الخطر معلناً من بيروت «على أحرار سوريا أن يَحْذروا من المكائد الإسرائيلية. وعلى الأحرار في جبل العرب، أحفاد سلطان باشا الأطرش، إذا كانت قلة قليلة مأجورة من هنا أو هناك تريد جرّ سوريا إلى فوضى، فلا أعتقد أنّ الذين وحّدوا سوريا من أيام سلطان باشا ورفاقه من جميع المناطق السورية، لا أعتقد أنّهم سيستجيبون لدعوة نتنياهو للتخريب لعزل العرب الأحرار عن كل المحيط العربي والإسلامي، ولجعلهم فقط حراس حدود».
وأضاف: «أعوّل كثيراً على الشخصيات العربية السورية من كل الأطياف من أجل مواجهة هذا المخطّط الجهنمي».
وأكد جنبلاط «سأزور دمشق مجدداً لأقول للجميع إنّ الشام هي عاصمة سوريا، وطلبتُ موعداً للقاء الشرع».
0 تعليق